تفاوتت آراء الأفغان بشأن قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما إبقاء قوات أميركية في أفغانستان بعد عام 2016، بسبب الأحوال الأمنية السائدة، وتحديداً بعد سقوط مدينة قندوز الواقعة على الحدود مع روسيا ودول آسيا الوسطى. وفيما اعتبر مؤيدو القرار أنه ضرورة ملحة لبقاء النظام وتجنب الفوضى، رأى فيه آخرون السبب الرئيسي لاستمرار دوامة الحرب.
وما بين هذين الرأيين، ثمة من يؤيد القرار الأميركي، لكن بشرط وفاء واشنطن بوعودها لأفغانستان، والتي تتضمن تجهيز الجيش الأفغاني، وممارسة الضغوط على بعض دول المنطقة المساندة للجماعات المسلحة التي تعبث بأمن واستقرار أفغانستان، كما يقولون.
وقال أحد سكان العاصمة كابول، وهو مدير سابق في وزارة التعليم، محمد سرور، لـ"العربي الجديد" "نرحب بالقرار الأميركي لأن جيش بلادنا، رغم قدرته القتالية التي أثبتها خلال العام الماضي، لايزال بحاجة إلى المساندة. من هنا، فإن بقاء القوات الأميركية أمر لا بد منه، خصوصاً أننا نعرف نوايا بعض الدول المجاورة، التي توفر الدعم والمساندة لحركة "طالبان"، ولجميع الجماعات المسلحة التي تعبث بأمن بلادنا واستقرارها".
ورأى محمد أن "يكون بقاء القوات الأميركية في إطار خاص، وتحت شروط معلومة، لا تسمح لها أن تقوم بما قامت به على مدى الأعوام الماضية من المداهمات الليلية وإقامة سجون سرية، يزج فيها الأفغان دون سبب، وغيرهما من الأمور التي أثارت امتعاض الشعب الأفغاني. ونعرف جيداً أن تعامل القوات الدولية والأميركية مع الأفغان، كان سبباً في لجوء الكثير من الشباب إلى صفوف (طالبان)".
بدوره، يعرب الناشط الحقوقي محمد نبي عن تأييده للقرار، لكنه يتساءل عن المدة الزمنية لبقاء القوات الأميركية، ولماذا لا تقوم واشنطن وحلفاؤها بتجهيز جيش أفغانستان؟ ويضيف أن الجيش أثبت قدرته على مواجهة المسلحين، إلا أن ما ينقصه هو العتاد والتجهيزات العسكرية، مشيراً إلى "أننا نرحب بقرار بقاء القوات الأميركية في أفغانستان كأحد خيارين أحلاهما مر، ولكننا في الوقت نفسه نأمل أن تقوم القوات الأميركية بتدريب الجيش وتجهيزه خلال فترة بقائه. لا نريد أن تبقى بلادنا مرهونة للمساندة الأميركية والدولية".
في المقابل، يعلق سردار أحد سكان مدينة جلال أباد في شرق البلاد، على القرار بالقول إن "أميركا تحتفظ بقواتها في أفغانستان للحفاظ على مصالحها في المنطقة، ولا يمهمها أمن أفغانستان ولا مصلحة هذا الشعب". لكنه يشدد على أن الحكومة الأفغانية لابد من أن تستغل وجود القوات الأجنبية، وتستفيد من وجودها لأجل تدريب القوات المسلحة. ويوضح أن التجهيزات الموجودة مع القوات الأميركية لو كانت في يد القوات المسلحة الأفغانية لكانت فائدتها أكبر.
بدوره، يرى محمد عثمان، مالك صيدلية في مدينة خرنه بإقليم بكتيكا، أن القرار سيكون في صالح أفغانستان بشرط أن تلتزم القوات الأميركية ببنود الاتفاقية الأمنية بين واشنطن وكابول. ويتساءل لماذا لا تتحرك القوات الأميركية إزاء الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها المناطق الحدودية مع باكستان، والتي أدت خلال الأشهر الماضية إلى مقتل وإصابة العديد من المواطنين، رغم أن الاتفاقية الأمنية تنص على العمل المشترك ضد كل ما يهدّد سيادة أفغانستان.
من جهة ثانية، ثمة من يرى أن القرار الأميركي سيدفع أفغانستان نحو أتون حرب جديدة لا تحمد عقباها، وسيخلق المزيد من الفوضى في بلادهم، وأنّه سيكون مبرراً للشباب الذين ينضمون إلى صفوف الجماعات المسلحة بحجة محاربة الاحتلال، معتبرين القوات الأميركية عبارة عن جنود محتلة يجب محاربتها.
في حين يرى أستاذ المدرسة في منطقة خوجياني بإقليم ننجرهار، محمد عظيم أن "عملية المصالحة بين طالبان والحكومة الأفغانية قد دفنت إلى الأبد بعد قرار أوباما، إذ إن (طالبان) أبدت استعدادها للتفاوض مع الحكومة الأفغانية بشرط إنهاء الاحتلال الأميركي. وبالتالي، فإن هذا القرار صفعة في وجه المصالحة الوطنية الأفغانية".
وعلى غرار الكثير من الأفغان، تتساءل المعلمة سهيلا: ماذا أفاد وجود القوات الأميركية خلال 14 عاماً؟ وتقول إن القوات الأميركية لم تأت لأفغانستان سوى لجلب الويلات ولم تخلق سوى مظاهر التسلح والجماعات المسلحة بأسماء مختلفة. وتضيف أن "عدم وجود القوات الأميركية في أفغانستان أكثر نفعاً من وجودها، وإن فرص نجاح المصالحة الوطنية أكبر عند انسحاب القوات الأميركية، فيما تتضاءل في ظل وجود هذه القوات".
بدوره، يقترح محمد حضرت، وهو صاحب بقالة في مدينة جلال أباد، أن تقدم واشنطن المبالغ التي تنفقها على قواتها خلال هذه الأعوام، إلى الحكومة الأفغانية، كي تنفقها بدورها على الجيش الأفغاني، ولتسحب قواتها كاملة. ويرى أن القوات الأميركية ضعيفة أثناء المواجهات العسكرية، وأن قوتها تكمن في التقنية العالية، وبالتالي، إذا أعطت بعض الأجهزة التي تملكها إلى الجيش الأفغاني، ستكون النتجية مختلفة تماماً. كما يتفق مع سهيلا وعظيم في أن فرص المصالحة ستكون أفضل عند انسحاب القوات الأميركية.
وكما تتباين آراء المواطنين الأفغان بشأن إبقاء قوات أميركية في أفغانستان بعد عام 2016، تنقسم آراء السياسيين وعلماء الدين وزعماء القبائل بين مؤيدة للقرار ومعارضة لها. وبينما يؤيد الكثير من الساسة قرار أوباما الأخير، معتبرين إياه ضرورة ملحّة للتعامل مع الوضع الراهن، يرى الرئيس الأفغاني السابق حامد قرضاي أن بقاء القوات لن يأتي بالأمن، وأنها إذا لم تستطع أن تفعل شيئاً على مدى الـ14 عاما الماضية، فإنها لن تستطيع أن تأتي بالأمن والاستقرار لأفغانستان.