19 نوفمبر 2024
الأقليات الدينية... سؤال العقل والمواطنة
لم يُسائِل العقل الإسلامي قدرته على تفكير الغَيْرِيّة، ممثلةً في الأقليات الدينية، إلا باعتبارها توشيةَ على هامش حضورٍ مهيمنٍ للتوحيد ووحدة الأمة، ممثلين في المسلمين .لهذا، بدا مؤتمر مراكش الذي عُقِد على مدى يومين، وشارك فيه أكثر من 300 من أهل الفتوى والعلماء والسياسيين والباحثين وممثلي الأديان في العالم الإسلامي وخارجه، وممثلي هيئات ومنظمات إسلامية ودولية، كما لو أنه استدراك تاريخي لعقلٍ لم يتعوّد على وجود تدينٍ آخر غير نفسه، إلا من باب الذمة.
وبعد أن داهمت الثقافة الحقوقية الكونية العالمَ الاسلاميَّ، وجد فيها قصديةً جديدةً لتمحيص قدرته على العصر، في تزامنٍ قاسٍ مع عودة التطرف ورفض الآخرين، أقلياتٍ كانوا أو شعوبا أخرى.
من هنا، نقدر ثورية الخطوة التي كانت وراء طرح جهاتٍ علميةٍ دينيةٍ إسلاميةٍ هذا الموضوع لأول مرة، ونقدّر الضرورة التي تحكمت فيها، من جهة مطالبة العقل الإسلامي، أو بالتحديد العقل الديني فيه، أن يعيد، مثل العقل البشري برمته، السؤال حول معنى الحياة ومعنى الوجود، والخروج من عنصريةٍ لا تسمي نفسها، لكنها العنصرية باسم الله، وليس باسم العِرْق.
والمحقق أنَّ مِنْ بين كل عُدَّته التي راكمها في قرون، تتوزع بين الانحطاط والجمود والاجتهاد، لا بد أنه سيَسْهل عليه استعمال "أسباب النزول" لموْضوع الأقليات، بما هي بلاغةٌ قديمةٌ عن وضعٍ جديدٍ يسمىَّ السياق الكوني الآن، حيث مطلوب من العقل أن ينزع عن التديّن طابعه السحري، وتكوين فكرة المواطنة بديلاً.
في معادلة واضحةٍ، لا غبار عليها: الوطن لا الخلافة، والوطنية لا الأمة الموحّدة تحت راية قديمة. وكان لافتاً للغاية أن الورقة التأطيرية لمؤتمر مراكش لم تخش الوضوح، ولا فضَّلت اللعب بالكلمات، إذ كان الالتزام فيها واضحاً بالمواطنة، معتبرة أن من بين أقوى الأسئلة اليوم سؤال الأقليات غيرالمسلمة في الديارالإسلامية، والذي "صار من واجبات الوقت التعامل معه، باعتبار أن المجتمعات المسلمة اليوم بحاجة إلى قراءةٍ جديدةٍ لمكوناتها ونسيجها الوطني، في سياق الواقع وعلى ضوء الشرع، انسجاماً مع السياق الدولي، ورعياً للضرورات التي ينطلق منها منطق المعالجة، ومن باب مطالبة النفس بأداء الحقوق، اعتضادا بالمقاصد، والقواعد الكلية القائمة على المصالح والحكمة، وتوفير السلم ودرء الغبن والظلم، واستشهاداً بالواقع الذي، في ضوئه، تنزل الأحكام، لقيام أسبابها واستيفاء شروطها، وانتفاء موانعها، واستشرافاً للتوقع والمستقبل، والنظر في المآلات والعواقب".
وهي خلاصة قرابة خمس سنوات من التفكير، انطلق مع الحراك العربي، ومع موجات الانفجار الشاملة في نواكشوط سنة 2011، مع مجموعة من علماء المغرب الإسلامي. ثم المغرب 2012، و لقاء لندن سنة 2012، ولعل أهم محطةٍ كانت مؤتمر "المواطنة والأقليات في العالم الإسلامي" عام 2013، والذي كان له حضوره في صياغة الدستورالتونسي، بشهادة المطلعين.
كان مؤتمر مراكش أكبر وأوسع، وضم كل الديانات والطوائف والأقليات، وحركت سؤال وجودها ضمن الوطن، ووجودها في الواقع الحالي، بعد انهيار الدول، وبروز دول أخرى، أكثر هشاشة. ومن المفيد أن ندرك أن الشعار المركزي كان المواطنة حلاً في وجه الانتماء المضغوط في هوية قاتمةٍ، أو على هامشها.
ومن العبارات التي أثارت الانتباه قول منيب يونان، مطران الكنيسة اللوثرية في الأردن
والأراضي المقدسة: "نحن نتحدث عن مواطنة متكاملة، تحمي كرامة الإنسان، بغض النظر عن انتماءاته الدينية أو العرقية أو الحزبية. ونحلم بدول عربية تضمن، في دساتيرها، المواطنة المتكافئة والتعددية، وندعو إلى مبادرة المواطنة المتساوية".
السياق الديني، كما نفهمه، لا يقتصر على تأصيل الفكرة (الأقليات كمواطنين لا رعايا ذميين)، أو على تجديد المقاربة بقدر ما أنه إعلان محاكاة الواقع.. للنص وليس العكس، أي درجة تفاعله مع القضايا الكبرى التي تعيد تعريف الإنسان نفسه، من زاوية الحق في الحياة، وفي الاختلاف، وفي حرية المعتقد.
كان ممتعاً حقاً أن المواطنة تمر أيضاً عبر تأصيلها بتجديد الفقه. وقد كان البيان الصادر محقاً وهو يدعو "علماء ومفكري المسلمين أن ينظروا لتأصيل مبدأ المواطنة الذي يستوعب مختلف الانتماءات بالفهم الصحيح، والتقويم السليم للموروث الفقهي والممارسات التاريخية، وباستيعاب المتغيرات التي حدثت في العالم".
جرت مياه كثيرة تحت الجسور، منذ نشر الجزائري مالك شبال كتابه "بيان من أجل إسلام الأنوار"، والذي تشرفتُ بترجمة مقتطفات واسعة منه إلى العربية، في سنة 2004، وهي مياه جاءت لفائدة دفاعه عن "مقترحات لإصلاح الإسلام"، والتي خلفت ردود فعل قوية في المؤسسة الدينية، الرسمية منها والهامشية، غير أن الفكرة بدت ناضجة اليوم، لتقبل بيانه من أجل إسلامٍ للأنوار. وقد كتب يقول عن الفقه والحكامة الدولية وحقوق الفرد: "كيف لدار الإسلام أن تدخل النقاشات العالمية التي تمس الحكامة الدولية"، على قاعدة احترام الإنسان وحقوقه، بدون تأويل فقهي عقدي ضيق لحقوق الناس.
هناك شقان للإشكالية لا ينفصلان: الأقليات في الديار الإسلامية والعلاقة مع الآخر، والذي عادة ما يكون تمثيلاً للأقليات الموجودة في الداخل. وحالة العالمين، المسيحي والإسلامي، في علاقتهما مع منظومة القيم الكونية.
الجانب الآخر هو اقتراب التشريعات في البلدان الإسلامية المعنية، "خصوصاً وأن التجديد الإسلامي، (…) يمكن أن يعطي انسجاماً شاملاً لشعوبٍ عديدة، وتقليص التناقضات الموجودة اليوم بين الدساتير المتنافرة. وتجب دراسة هذا التجديد الإسلاموي، على اعتبار أنه تغيّر في سلم القيم: كيف ستصبح العلاقة غداً مع باقي المعمورة؟
وبدون ذلك، لم يحدث شيء من الذي يجب أن يكون عليه الإسلام، كما يريده المنظمون، أي قوة تقدم وتسامح وتعايش. وفي صلب ما يجب أن يتغيّر نظرتنا إلى القواعد الفقهية التي تحدد مكان الآخرين في نسيجنا الوطني (المواطنة طبعاً هي القاعدة!)، ولا يمكن أن نعتبر أننا نعطيهم الوطن منحة، بدون أن يعني ذلك أننا يجب أن نعفي العقل الاسلامي من تفكيرٍ عميقٍ، في بنية الاشتغال والأسس التي يقوم عليها. ولنا أن نتأمل ما قاله صاحب "إسلام الأنوار". "مثل زاوية النظر هاته التي تسعى إلى ملاءمة الفقه الإسلامي مع التنوع الثقافي والمتغيرات داخل الوطن الواحد نفسه، دافع عنها الزعيم التركي، مصطفى كمال باشا (1881-1938)، مع ما عرفته من نجاحٍ أثار الخلاف حول تقديره. وفي الواقع، من بين الكوابح التي تمنع الإسلام من أن يصبح قوة للتطور وللسلام والتسامح هناك الفقه الذي يعد من أسس الشريعة إلى جانب القرآن الكريم والسنة. في البداية، كان يساير تماماً الواقع الإسلامي، لأنه كان يتغذّى من حكمةٍ صارت تنقصه بشكل كبير منذئذ. ومثالاً على ذلك، نجد أن القرآن الكريم الذي يفترض أن يعود إليه كل المشرّعين يدعو، في مجال القضاء المدني إلى مبدأ يحسن بكل التشريعات العصرية أن تتبناه، وفيه يدعو إلى أن يحتكم أهل الكتاب، كما هو حال اليهود أوالمسيحيين حسب قوانينهم الثابتة، وهذا ما نقرأه في الآية الكريمة "وليحكم أهل الإنجيل بما أوحى الله به"، أفليس هذا إعلاناً عن بداية الحصانة الدبلوماسية! منذ ذلك التاريخ، تغير السياق، بطبيعة الحال، وتم تحريف هذه القواعد.
إن تغيير فلسفة الفقه يعني، في بيان المؤتمر، مطالبة "المؤسسات العلمية والمرجعيات الدينية بالقيام بمراجعات شجاعة ومسؤولة للمناهج الدراسية للتصدي للأفكار التي تولد التطرف والعدوانية وتغذي الحروب والفتن وتمزق وحدة المجتمعات".
وللحقيقة والتاريخ، لم يكن الفكر الديني وحده الذي ظلم الأقليات، فللإنصاف كانت الدولة المُؤلَهة باسم اشتراكية الثكنات، أو باسم القومية اللاهوتية للعرب، سباقةً إلى إلغاء الأقليات، وتعاملتْ معها كأقليات عرقية إثنية، في حين تتعامل معها التوجهات الحالية على أساس عرق لاهوتي.. وتلك قصة أخرى.
وبعد أن داهمت الثقافة الحقوقية الكونية العالمَ الاسلاميَّ، وجد فيها قصديةً جديدةً لتمحيص قدرته على العصر، في تزامنٍ قاسٍ مع عودة التطرف ورفض الآخرين، أقلياتٍ كانوا أو شعوبا أخرى.
من هنا، نقدر ثورية الخطوة التي كانت وراء طرح جهاتٍ علميةٍ دينيةٍ إسلاميةٍ هذا الموضوع لأول مرة، ونقدّر الضرورة التي تحكمت فيها، من جهة مطالبة العقل الإسلامي، أو بالتحديد العقل الديني فيه، أن يعيد، مثل العقل البشري برمته، السؤال حول معنى الحياة ومعنى الوجود، والخروج من عنصريةٍ لا تسمي نفسها، لكنها العنصرية باسم الله، وليس باسم العِرْق.
والمحقق أنَّ مِنْ بين كل عُدَّته التي راكمها في قرون، تتوزع بين الانحطاط والجمود والاجتهاد، لا بد أنه سيَسْهل عليه استعمال "أسباب النزول" لموْضوع الأقليات، بما هي بلاغةٌ قديمةٌ عن وضعٍ جديدٍ يسمىَّ السياق الكوني الآن، حيث مطلوب من العقل أن ينزع عن التديّن طابعه السحري، وتكوين فكرة المواطنة بديلاً.
في معادلة واضحةٍ، لا غبار عليها: الوطن لا الخلافة، والوطنية لا الأمة الموحّدة تحت راية قديمة. وكان لافتاً للغاية أن الورقة التأطيرية لمؤتمر مراكش لم تخش الوضوح، ولا فضَّلت اللعب بالكلمات، إذ كان الالتزام فيها واضحاً بالمواطنة، معتبرة أن من بين أقوى الأسئلة اليوم سؤال الأقليات غيرالمسلمة في الديارالإسلامية، والذي "صار من واجبات الوقت التعامل معه، باعتبار أن المجتمعات المسلمة اليوم بحاجة إلى قراءةٍ جديدةٍ لمكوناتها ونسيجها الوطني، في سياق الواقع وعلى ضوء الشرع، انسجاماً مع السياق الدولي، ورعياً للضرورات التي ينطلق منها منطق المعالجة، ومن باب مطالبة النفس بأداء الحقوق، اعتضادا بالمقاصد، والقواعد الكلية القائمة على المصالح والحكمة، وتوفير السلم ودرء الغبن والظلم، واستشهاداً بالواقع الذي، في ضوئه، تنزل الأحكام، لقيام أسبابها واستيفاء شروطها، وانتفاء موانعها، واستشرافاً للتوقع والمستقبل، والنظر في المآلات والعواقب".
وهي خلاصة قرابة خمس سنوات من التفكير، انطلق مع الحراك العربي، ومع موجات الانفجار الشاملة في نواكشوط سنة 2011، مع مجموعة من علماء المغرب الإسلامي. ثم المغرب 2012، و لقاء لندن سنة 2012، ولعل أهم محطةٍ كانت مؤتمر "المواطنة والأقليات في العالم الإسلامي" عام 2013، والذي كان له حضوره في صياغة الدستورالتونسي، بشهادة المطلعين.
كان مؤتمر مراكش أكبر وأوسع، وضم كل الديانات والطوائف والأقليات، وحركت سؤال وجودها ضمن الوطن، ووجودها في الواقع الحالي، بعد انهيار الدول، وبروز دول أخرى، أكثر هشاشة. ومن المفيد أن ندرك أن الشعار المركزي كان المواطنة حلاً في وجه الانتماء المضغوط في هوية قاتمةٍ، أو على هامشها.
ومن العبارات التي أثارت الانتباه قول منيب يونان، مطران الكنيسة اللوثرية في الأردن
السياق الديني، كما نفهمه، لا يقتصر على تأصيل الفكرة (الأقليات كمواطنين لا رعايا ذميين)، أو على تجديد المقاربة بقدر ما أنه إعلان محاكاة الواقع.. للنص وليس العكس، أي درجة تفاعله مع القضايا الكبرى التي تعيد تعريف الإنسان نفسه، من زاوية الحق في الحياة، وفي الاختلاف، وفي حرية المعتقد.
كان ممتعاً حقاً أن المواطنة تمر أيضاً عبر تأصيلها بتجديد الفقه. وقد كان البيان الصادر محقاً وهو يدعو "علماء ومفكري المسلمين أن ينظروا لتأصيل مبدأ المواطنة الذي يستوعب مختلف الانتماءات بالفهم الصحيح، والتقويم السليم للموروث الفقهي والممارسات التاريخية، وباستيعاب المتغيرات التي حدثت في العالم".
جرت مياه كثيرة تحت الجسور، منذ نشر الجزائري مالك شبال كتابه "بيان من أجل إسلام الأنوار"، والذي تشرفتُ بترجمة مقتطفات واسعة منه إلى العربية، في سنة 2004، وهي مياه جاءت لفائدة دفاعه عن "مقترحات لإصلاح الإسلام"، والتي خلفت ردود فعل قوية في المؤسسة الدينية، الرسمية منها والهامشية، غير أن الفكرة بدت ناضجة اليوم، لتقبل بيانه من أجل إسلامٍ للأنوار. وقد كتب يقول عن الفقه والحكامة الدولية وحقوق الفرد: "كيف لدار الإسلام أن تدخل النقاشات العالمية التي تمس الحكامة الدولية"، على قاعدة احترام الإنسان وحقوقه، بدون تأويل فقهي عقدي ضيق لحقوق الناس.
هناك شقان للإشكالية لا ينفصلان: الأقليات في الديار الإسلامية والعلاقة مع الآخر، والذي عادة ما يكون تمثيلاً للأقليات الموجودة في الداخل. وحالة العالمين، المسيحي والإسلامي، في علاقتهما مع منظومة القيم الكونية.
الجانب الآخر هو اقتراب التشريعات في البلدان الإسلامية المعنية، "خصوصاً وأن التجديد الإسلامي، (…) يمكن أن يعطي انسجاماً شاملاً لشعوبٍ عديدة، وتقليص التناقضات الموجودة اليوم بين الدساتير المتنافرة. وتجب دراسة هذا التجديد الإسلاموي، على اعتبار أنه تغيّر في سلم القيم: كيف ستصبح العلاقة غداً مع باقي المعمورة؟
وبدون ذلك، لم يحدث شيء من الذي يجب أن يكون عليه الإسلام، كما يريده المنظمون، أي قوة تقدم وتسامح وتعايش. وفي صلب ما يجب أن يتغيّر نظرتنا إلى القواعد الفقهية التي تحدد مكان الآخرين في نسيجنا الوطني (المواطنة طبعاً هي القاعدة!)، ولا يمكن أن نعتبر أننا نعطيهم الوطن منحة، بدون أن يعني ذلك أننا يجب أن نعفي العقل الاسلامي من تفكيرٍ عميقٍ، في بنية الاشتغال والأسس التي يقوم عليها. ولنا أن نتأمل ما قاله صاحب "إسلام الأنوار". "مثل زاوية النظر هاته التي تسعى إلى ملاءمة الفقه الإسلامي مع التنوع الثقافي والمتغيرات داخل الوطن الواحد نفسه، دافع عنها الزعيم التركي، مصطفى كمال باشا (1881-1938)، مع ما عرفته من نجاحٍ أثار الخلاف حول تقديره. وفي الواقع، من بين الكوابح التي تمنع الإسلام من أن يصبح قوة للتطور وللسلام والتسامح هناك الفقه الذي يعد من أسس الشريعة إلى جانب القرآن الكريم والسنة. في البداية، كان يساير تماماً الواقع الإسلامي، لأنه كان يتغذّى من حكمةٍ صارت تنقصه بشكل كبير منذئذ. ومثالاً على ذلك، نجد أن القرآن الكريم الذي يفترض أن يعود إليه كل المشرّعين يدعو، في مجال القضاء المدني إلى مبدأ يحسن بكل التشريعات العصرية أن تتبناه، وفيه يدعو إلى أن يحتكم أهل الكتاب، كما هو حال اليهود أوالمسيحيين حسب قوانينهم الثابتة، وهذا ما نقرأه في الآية الكريمة "وليحكم أهل الإنجيل بما أوحى الله به"، أفليس هذا إعلاناً عن بداية الحصانة الدبلوماسية! منذ ذلك التاريخ، تغير السياق، بطبيعة الحال، وتم تحريف هذه القواعد.
إن تغيير فلسفة الفقه يعني، في بيان المؤتمر، مطالبة "المؤسسات العلمية والمرجعيات الدينية بالقيام بمراجعات شجاعة ومسؤولة للمناهج الدراسية للتصدي للأفكار التي تولد التطرف والعدوانية وتغذي الحروب والفتن وتمزق وحدة المجتمعات".
وللحقيقة والتاريخ، لم يكن الفكر الديني وحده الذي ظلم الأقليات، فللإنصاف كانت الدولة المُؤلَهة باسم اشتراكية الثكنات، أو باسم القومية اللاهوتية للعرب، سباقةً إلى إلغاء الأقليات، وتعاملتْ معها كأقليات عرقية إثنية، في حين تتعامل معها التوجهات الحالية على أساس عرق لاهوتي.. وتلك قصة أخرى.