يقول الفيلسوف الفرنسي إدغار موران (2013) إن العالم يعيش أزمة حقيقية فيما يخص التربية والتعليم، إذ إن المدارس لم تعد تدرّس المشاكل الكبرى التي تعترض الطالب والمجتمع بشكل عام. ويضيف أن المدرسة لم تعد تدرّس من نحن، وكيف نفهم الآخرين، وكيف نواجه المجهول.
بالطبع لا يمكن تعميم هذه النظرة على الجميع، ولكن يمكننا الادعاء، ولو قليلا، أنّه كان من الصعب على عديد من المدارس الارتقاء إلى مستوى المؤسسات الاجتماعية الفاعلة التي تعمل على ربط التعليم بقضايا المجتمع وبناء عقلية نقدية لدى الطالب تؤهّله ليكون مسؤولاً وفاعلاً على مختلف الصعد التنموية محلياً ودولياً. فإلى أي حد تواءمت المعتقدات والقيم المحركة للمدارس مع قيم المجتمع واحتياجاته وقضاياه وإلى أي حد استطاعت المدارس أن تكسب ثقة الطلاب والأهل وأن تنصت للطلاب بمختلف آرائهم وتطلعاتهم؟
أسئلة تُترك مفتوحة للتحليلات. لكننا إذا أردنا النظر إلى الواقع العربي عن كثب، تيقّنا أننا نحتاج إلى خطط تربوية تطويرية شاملة من حيث المناهج والمهارات والمعارف واستراتيجيات التعليم والتعلم والتقييم ودور الأهل والإدارة والمعلم، بالإضافة إلى رؤية جديدة للنظام التعليمي العربي تربط بين مفاهيم الحداثة والقيم والقضايا التي تفيد الأسرة العربية.
تغيير الصورة النمطية
ولحسن الحظ، فإن بعض المدارس عملت على تغيير الصورة النمطية للتعليم، وهي تعمل حسب رؤية وأهداف مستقبلية محددة بهدف إكساب الطالب بعضاً من المفاهيم والمهارات المختلفة. غير أن السؤال يبقى معلّقا حول اهتمام بعض هذه المدارس بتدريس اللغة الأم.
ففي هذا السياق، جهدت الأكاديمية العربية الدولية عبر منهاجها في محاكاة البيئة المحلية والعربية والدولية إيمانا بأهمية ترسيخ القيم المجتمعية من جهة، والعقلية الدولية من جهة أخرى، وقناعة منها بتفعيل اللغة العربية الأم لدى الطالب.
ولهذا تم اعتماد برنامج البكالوريا الدولية كإطار عمل ممنهج داخل الأكاديمية وهي واحدة من البرامج التي تجمع بين المفاهيم والمبادئ والقضايا العالمية الإنسانية التي يتوجّب على الفرد اكتسابها والتعرف إليها وبين القيم التي ترتبط بالمجتمع والثقافة المحليين.
ويطرح برنامج البكالوريا الدولية في مرحلة التعليم الابتدائية فكرة التعلّم عن طريق المحاور التي تتجاوز المواد الدراسية والكتاب المدرسي وتقدم للطالب برنامجا يسمى "برنامج البحث" حيث يعمل على أساسه طوال سنواته الابتدائية الخمس. يستند البرنامج إلى ستة محاور هي:
"من نحن؟"، "أين نحن في المكان والزمان؟"، "كيف نعبر عن أنفسنا؟"، "كيف يعمل العالم؟"، كيف ننظم أنفسنا؟"، "نتشارك الكوكب". هذه المحاور ذات ملامح دولية ويمكن اعتمادها في جميع الثقافات إذ إنها تمنح الطالب فرصة استكشاف السمات الإنسانية الجامعة. وهي تستند على المفاهيم والمعارف والمهارات من مختلف المواد الدراسية لكنها تُدرّس بشكل يتجاوز حدود المادة الدراسية.
اقــرأ أيضاً
ستة محاور مهمة
فالمحور الأول "من نحن؟" يبحث في طبيعة الذات والعلاقات مع الآخر بكل جوانبها الروحية والاجتماعية والعقلية ويطور مفهوم الطالب حول "ماذا يعني أن نكون بشراً". وفي هذا السياق، تركّز الأكاديمية على مساعدة الطالب على بناء هويته الشخصية والاجتماعية واللغوية والتعرف إلى ذاته ورغباته وميوله إضافة إلى فهمه دوره في المجتمع ككائن يتفاعل مع الآخر يؤثر ويتأثر به.
وهذا يرتبط أيضا بالمحور الثاني "أين نحن في المكان والزمان؟" حول البحث في توجهات الفرد في المكان والزمان حيث تعمل الأكاديمية على زيادة وعي الطالب حول مفهوم التاريخ البشري، ممثّلا بالاكتشافات والتطور الحضري والحضاري وصولاً إلى مفهوم الوطن وعلاقة الفرد بالحضارة المحلية والعالمية. فيتعرف الطالب إلى ثقافات وحضارات عدة، بما فيها ثقافته وحضارته، ما يساعده على فهم ذاته بشكل أعمق.
هذا البناء لشخصية الطالب يُستكمل مع محور "التعبير عن الذات" حيث يتم العمل على أنشطة عدّة تساعد الطالب على التعبير عن ذاته بمكنوناتها المختلفة، وعن قيمه وثقافته ومعتقداته. ويتم العمل في هذه الوحدة على مساعدة الطالب على تعلّم تقدير ذاته وثقافته وعلى التأمل بكل ما يقوم به مما يساعده على أن يصبح أكثر مسؤولية وانضباطا.
وفي المحور حول "كيف يعمل العالم؟"، ينتقل الطالب من الجانب الروحي إلى الجانب العلمي، فيبحث في قوانين الطبيعة والتفاعل فيما بينها، وعن التطورات العلمية وتأثيرها، وهذا كفيل بمساعدته على بناء مهارات المنطق والنقد والتحليل والتفكّر في ما تقدمه البشرية من إنجازات علمية.
ويرتبط هذا المحور بآخر حول "تنظيم أنفسنا"، فيبحث الطالب في علاقة الأنظمة بالإنسان وفي آلية تنظيم الحياة البشرية على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. فيتعرف هنا إلى أهمية المحافظة على البيئة بكل مصادرها ومواردها ويتنبه لأهمية الترشيد في استهلاك مصادر الطاقة والمياه.
وفي المحور الأخير حول "نتشارك الكوكب"، يبحث الطالب في دور الفرد ككائن اجتماعي، فيتعرف إلى حقوق الفرد وواجباته ومساهماته في القضايا المحلية والعالمية، ويبحث في العلاقات التي تحكم الدول والتنافس والصراعات والحروب وتساعده الأكاديمية على وضع تصور بسيط لدوره المستقبلي كفرد فاعل لبناء عالم أكثر أمناً واستقراراً.
عالم أكثر ثقافة
تساعد هذه المحاور الطالب كما المعلم على الخروج من الحدود الضيقة للكتاب المدرسي إلى عالم أكثر ثقافة وسعة أفق ومعرفة. والتدريس عبر المحاور (بالإضافة إلى التعليم القائم على أساس المادة الواحدة والذي يغطي نسبة مئوية محددة) يهدف إلى تطوير فرد واع، مثقف، مسؤول ومنفتح. فهدف الأكاديمية هو مساعدة الأسرة العربية على بناء ذاتها وهويتها كونها ركنا اجتماعيا أساسا. وتستند الأكاديمية في هذا إلى مجموعة كبيرة من الكتب والمراجع والقصص والوسائل التعليمية والتكنولوجية التي سيقوم الطالب باكتشافها واستخدامها والاستفادة منها.
وهكذا، تسعى الأكاديمية من خلال رؤيتها الخاصة في التعليم وانتهاجها مسار البكالوريا الدولية وتطبيقه باللغتين العربية والإنجليزية إلى الإجابة عن استفسارات تربوية حول دور المدرسة وعلاقتها بقضايا المجتمع وبناء شخصية الطالب ومهاراته ومعارفه التي تساعده على رسم خطوات ثابتة لمستقبله.
اقــرأ أيضاً
بالطبع لا يمكن تعميم هذه النظرة على الجميع، ولكن يمكننا الادعاء، ولو قليلا، أنّه كان من الصعب على عديد من المدارس الارتقاء إلى مستوى المؤسسات الاجتماعية الفاعلة التي تعمل على ربط التعليم بقضايا المجتمع وبناء عقلية نقدية لدى الطالب تؤهّله ليكون مسؤولاً وفاعلاً على مختلف الصعد التنموية محلياً ودولياً. فإلى أي حد تواءمت المعتقدات والقيم المحركة للمدارس مع قيم المجتمع واحتياجاته وقضاياه وإلى أي حد استطاعت المدارس أن تكسب ثقة الطلاب والأهل وأن تنصت للطلاب بمختلف آرائهم وتطلعاتهم؟
أسئلة تُترك مفتوحة للتحليلات. لكننا إذا أردنا النظر إلى الواقع العربي عن كثب، تيقّنا أننا نحتاج إلى خطط تربوية تطويرية شاملة من حيث المناهج والمهارات والمعارف واستراتيجيات التعليم والتعلم والتقييم ودور الأهل والإدارة والمعلم، بالإضافة إلى رؤية جديدة للنظام التعليمي العربي تربط بين مفاهيم الحداثة والقيم والقضايا التي تفيد الأسرة العربية.
تغيير الصورة النمطية
ولحسن الحظ، فإن بعض المدارس عملت على تغيير الصورة النمطية للتعليم، وهي تعمل حسب رؤية وأهداف مستقبلية محددة بهدف إكساب الطالب بعضاً من المفاهيم والمهارات المختلفة. غير أن السؤال يبقى معلّقا حول اهتمام بعض هذه المدارس بتدريس اللغة الأم.
ففي هذا السياق، جهدت الأكاديمية العربية الدولية عبر منهاجها في محاكاة البيئة المحلية والعربية والدولية إيمانا بأهمية ترسيخ القيم المجتمعية من جهة، والعقلية الدولية من جهة أخرى، وقناعة منها بتفعيل اللغة العربية الأم لدى الطالب.
ولهذا تم اعتماد برنامج البكالوريا الدولية كإطار عمل ممنهج داخل الأكاديمية وهي واحدة من البرامج التي تجمع بين المفاهيم والمبادئ والقضايا العالمية الإنسانية التي يتوجّب على الفرد اكتسابها والتعرف إليها وبين القيم التي ترتبط بالمجتمع والثقافة المحليين.
ويطرح برنامج البكالوريا الدولية في مرحلة التعليم الابتدائية فكرة التعلّم عن طريق المحاور التي تتجاوز المواد الدراسية والكتاب المدرسي وتقدم للطالب برنامجا يسمى "برنامج البحث" حيث يعمل على أساسه طوال سنواته الابتدائية الخمس. يستند البرنامج إلى ستة محاور هي:
"من نحن؟"، "أين نحن في المكان والزمان؟"، "كيف نعبر عن أنفسنا؟"، "كيف يعمل العالم؟"، كيف ننظم أنفسنا؟"، "نتشارك الكوكب". هذه المحاور ذات ملامح دولية ويمكن اعتمادها في جميع الثقافات إذ إنها تمنح الطالب فرصة استكشاف السمات الإنسانية الجامعة. وهي تستند على المفاهيم والمعارف والمهارات من مختلف المواد الدراسية لكنها تُدرّس بشكل يتجاوز حدود المادة الدراسية.
ستة محاور مهمة
فالمحور الأول "من نحن؟" يبحث في طبيعة الذات والعلاقات مع الآخر بكل جوانبها الروحية والاجتماعية والعقلية ويطور مفهوم الطالب حول "ماذا يعني أن نكون بشراً". وفي هذا السياق، تركّز الأكاديمية على مساعدة الطالب على بناء هويته الشخصية والاجتماعية واللغوية والتعرف إلى ذاته ورغباته وميوله إضافة إلى فهمه دوره في المجتمع ككائن يتفاعل مع الآخر يؤثر ويتأثر به.
وهذا يرتبط أيضا بالمحور الثاني "أين نحن في المكان والزمان؟" حول البحث في توجهات الفرد في المكان والزمان حيث تعمل الأكاديمية على زيادة وعي الطالب حول مفهوم التاريخ البشري، ممثّلا بالاكتشافات والتطور الحضري والحضاري وصولاً إلى مفهوم الوطن وعلاقة الفرد بالحضارة المحلية والعالمية. فيتعرف الطالب إلى ثقافات وحضارات عدة، بما فيها ثقافته وحضارته، ما يساعده على فهم ذاته بشكل أعمق.
هذا البناء لشخصية الطالب يُستكمل مع محور "التعبير عن الذات" حيث يتم العمل على أنشطة عدّة تساعد الطالب على التعبير عن ذاته بمكنوناتها المختلفة، وعن قيمه وثقافته ومعتقداته. ويتم العمل في هذه الوحدة على مساعدة الطالب على تعلّم تقدير ذاته وثقافته وعلى التأمل بكل ما يقوم به مما يساعده على أن يصبح أكثر مسؤولية وانضباطا.
وفي المحور حول "كيف يعمل العالم؟"، ينتقل الطالب من الجانب الروحي إلى الجانب العلمي، فيبحث في قوانين الطبيعة والتفاعل فيما بينها، وعن التطورات العلمية وتأثيرها، وهذا كفيل بمساعدته على بناء مهارات المنطق والنقد والتحليل والتفكّر في ما تقدمه البشرية من إنجازات علمية.
ويرتبط هذا المحور بآخر حول "تنظيم أنفسنا"، فيبحث الطالب في علاقة الأنظمة بالإنسان وفي آلية تنظيم الحياة البشرية على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. فيتعرف هنا إلى أهمية المحافظة على البيئة بكل مصادرها ومواردها ويتنبه لأهمية الترشيد في استهلاك مصادر الطاقة والمياه.
وفي المحور الأخير حول "نتشارك الكوكب"، يبحث الطالب في دور الفرد ككائن اجتماعي، فيتعرف إلى حقوق الفرد وواجباته ومساهماته في القضايا المحلية والعالمية، ويبحث في العلاقات التي تحكم الدول والتنافس والصراعات والحروب وتساعده الأكاديمية على وضع تصور بسيط لدوره المستقبلي كفرد فاعل لبناء عالم أكثر أمناً واستقراراً.
عالم أكثر ثقافة
تساعد هذه المحاور الطالب كما المعلم على الخروج من الحدود الضيقة للكتاب المدرسي إلى عالم أكثر ثقافة وسعة أفق ومعرفة. والتدريس عبر المحاور (بالإضافة إلى التعليم القائم على أساس المادة الواحدة والذي يغطي نسبة مئوية محددة) يهدف إلى تطوير فرد واع، مثقف، مسؤول ومنفتح. فهدف الأكاديمية هو مساعدة الأسرة العربية على بناء ذاتها وهويتها كونها ركنا اجتماعيا أساسا. وتستند الأكاديمية في هذا إلى مجموعة كبيرة من الكتب والمراجع والقصص والوسائل التعليمية والتكنولوجية التي سيقوم الطالب باكتشافها واستخدامها والاستفادة منها.
وهكذا، تسعى الأكاديمية من خلال رؤيتها الخاصة في التعليم وانتهاجها مسار البكالوريا الدولية وتطبيقه باللغتين العربية والإنجليزية إلى الإجابة عن استفسارات تربوية حول دور المدرسة وعلاقتها بقضايا المجتمع وبناء شخصية الطالب ومهاراته ومعارفه التي تساعده على رسم خطوات ثابتة لمستقبله.