حذرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في جنوب السودان من استمرار الانتهاكات في البلاد وإفلات مرتكبيها من العقاب، مشيرة إلى أن النساء والفتيات يواجهن عنفاً جنسياً متزايداً ويعاملن كغنائم حرب.
وفي أعقاب زيارة قامت بها مؤخرا إلى جنوب السودان، قدمت اللجنة تقريرا مروعاً إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس الاثنين، يشير إلى أعمال قتل وحشي وعنف جنسي. إذ أبلغ الضحايا أعضاء اللجنة بمخاوفهم من انعدام عميق للأمن، مصحوب بتزايد في حالات الاحتجاز التعسفي والتعذيب من جانب القوات الحكومية، ما يفاقم من انعدام الأمن الغذائي في جنوب السودان وفي مخيمات اللاجئين أيضا.
وفي إحاطتها، قالت رئيسة لجنة حقوق الإنسان في جنوب السودان ياسمين سوكا، "على الرغم من التزام السلطات في جوبا علناً بمكافحة العنف الجنسي، إلا أنه لم يتم إنجاز الكثير. تمت معاملة النساء في جنوب السودان من قبل الجنود الحكوميين والجماعات المسلحة الفاعلة في النزاع، بما في ذلك المليشيات المحلية، كغنائم حرب".
وأضافت رئيسة اللجنة: "لم يعد من الممكن تجاهل مصير النساء والفتيات ومعاناتهن في جنوب السودان"، مشددة على ضرورة تحقيق العدالة للضحايا على وجه السرعة وتعويضهم، وكذلك تقديم الرعاية الطبية والدعم النفسي بعد الصدمات التي تعرضوا لها.
وفي مقاطعة ياي، أخبر قادة المجتمع المحلي لجنة الأمم المتحدة أن العديد من النساء اختطفن من قبل جنود حكوميين واغتصبن. وتحدثت سوكا عن إحدى الحالات قائلة إن الوصمة الناتجة عن الحادث دفعت المرأة إلى التخلي عن أطفالها.
وبالإضافة إلى تسليط الضوء على شهادات القتل والعنف الجنسي في جنوب السودان، حذرت لجنة حقوق الإنسان أيضا من أن النقص في المواد الغذائية وصل إلى مستويات الأزمة. ووفقا للنتائج التي توصلت إليها اللجنة، يواجه ستة ملايين شخص انعدام الأمن الغذائي بشكل يائس، بزيادة قدرها 20 في المائة عن العام الماضي.
وأوضحت سوكا أنه "بالنظر إلى مستويات انعدام الأمن الغذائي الحادة في البلد، يتصور المرء أن حكومة جنوب السودان ستبذل قصارى جهدها لتسهيل تحركات بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان والمنظمات الإنسانية، بدون عوائق، بدلا من ذلك، هناك عقبات بيروقراطية مستمرة في الوصول، وما يثير القلق بشكل أكبر الهجمات الموجهة ضد القوافل الإنسانية، ما يجعل من المستحيل تقريبا توفير الإغاثة في حالات الطوارئ".
وأكدت لجنة حقوق الإنسان في جنوب السودان أن تحقيق السلام الدائم في البلاد يتطلب العدالة والمساءلة عن الجرائم الخطيرة ضد المدنيين.
وأعربت سوكا عن أسفها لعدم توقيع الرئيس سلفا كير بعد على إنشاء محكمة خاصة للتصدي للإفلات من العقاب في جنوب السودان، كما أوصت اللجنة في مارس/آذار الماضي. وقالت: "الفشل في معاقبة مرتكبي الجرائم الخطيرة في جنوب السودان أدى إلى الاعتقاد أن بإمكانهم الاستمرار في ارتكاب هذه الجرائم مع الإفلات التام من العقاب".
وأنشأ مجلس حقوق الإنسان اللجنة في مارس 2016، ومنحها ولاية واسعة للتحقيق في التجاوزات المرتكبة في جنوب السودان، وتوضيح المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ومنذ عام 2013، أدت الحرب الأهلية في جنوب السودان إلى نزوح أكثر من 1.7 مليون شخص داخل البلاد وخلفت نحو 2.5 مليون لاجئ، بما في ذلك أكثر من 65 ألفا من القاصرين غير المصحوبين بذويهم. وبالإضافة إلى ذلك، يوجد في جنوب السودان أكثر من 2.2 مليون طفل لا يذهبون إلى المدرسة، وهي النسبة الأعلى في العالم، بحسب "يونيسف".