وتتنافس الدول الثلاث على مقعدين من ضمن المقاعد المخصصة لدول مجموعة "دول أوروبا الغربية ودول أخرى". وتصوت الدول الأعضاء، 193 دولة، في الجمعية العامة على اختيارها باقتراعات سرية اليوم الأربعاء، وقد تشهد الانتخابات أكثر من جولة بين الدول المرشحة.
وتشهد الانتخابات كذلك تصويتا على ثلاثة مقاعد إضافية مخصصة للمجموعات الأخرى. وغالبا ما تتفق تلك المجموعات فيما بينها على ترشيح مسبق لدول بعينها في نوع من التناوب. وتتنافس كل من الهند وكينيا وجيبوتي على مقعدين مخصصين للمجموعتين الأفريقية والآسيوية. وقامت تلك المجموعات بتأييد الهند وكينيا. وتنافس المكسيك على مقعد الدول اللاتينية والكاريبية وهي مرشحة بالتوافق عن المجموعة. كما تصوت الجمعية العامة على انتخاب أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة إضافة إلى انتخاب رئيس الجمعية العامة للدورة القادمة. وتتناوب هذا العام مجموعة "دول أوروبا الغربية ودول أخرى" لترشيح ممثل من مجموعتها واتفقت على ترشيح الدبلوماسي التركي فولكان بوزكير، وهو المرشح الوحيد لرئاسة الجمعية العامة في دورتها القادمة.
ترويج يدعم التنافس الدولي
وبالعودة إلى المنافسة بين مجموعة "دول أوروبا الغربية ودول أخرى" على مقعدي مجلس الأمن تعمل الدول المتنافسة على الترويج لنفسها بعدة طرق، من بينها الحفلات الدبلوماسية والحفلات الموسيقية والهدايا التذكارية وغيرها من المجهودات الدعائية. وتبدأ الدول بحملاتها الترويجية قبل سنوات من موعد الانتخابات المحدد للدورة التي تتنافس عليها، لكنها تكثف مجهوداتها في السنة الأخيرة قبل التصويت. فعلى سبيل المثال، أقامت أيرلندا عام 2018 حفلا موسيقيا لفرقة U2 الأيرلندية، دعت إليه الوفود الدبلوماسية في نيويورك. واستعانت كندا بالمغنية المشهورة سيلين ديون للترويج لترشحها. وقبل أسابيع من الانتخاب تعقد جلسات يناقش فيها ممثلو الدول مواقف بلادهم من الملفات الكثيرة العالقة التي يتداولها مجلس الأمن، كما يردون على أسئلة من ممثلي باقي الدول الأعضاء.
التباعد الاجتماعي والانتخابات
إذاً لن تكون انتخابات عادية تلك التي ستشهدها قاعة الجمعية العامة صباح الأربعاء لاختيار أعضاء جدد لمجلس الأمن الدولي والانتخابات الأخرى. ليست عادية على الأقل من ناحية الظروف التي تجري فيها، أي التباعد الاجتماعي والعزل الذي ما زال يعمل به في مقر الأمم المتحدة الرئيس في نيويورك. فالمدينة التي كانت بؤرة وباء في الولايات المتحدة ومات فيها الآلاف ما زالت في "المرحلة الأولى" من العودة إلى الحياة الطبيعية. كما أنها ليست عادية من ناحية الإجراءات، حيث ستضطر وفود الدول الأعضاء إلى القدوم إلى البناية لأول مرة منذ ثلاثة أشهر، والاقتراع بشكل شخصي، لأن الانتخابات سرية. وهذه هي المرة الأولى التي ستتواجد فيها الوفود في المبنى الرئيسي للأمم المتحدة، منذ ثلاثة أشهر.
واضطرت الجمعية العامة كما مجلس الأمم الدولي، إلى القيام بمهامها عن بعد عبر التقنيات الحديثة، بما فيها اجتماعاتها وإحاطتها الشهرية وحتى المؤتمرات الصحافية عبر دوائر تلفزيونية مغلقة. كما اضطرت لاتخاذ سبل جديدة لآليات التصويت على القرارات الضرورية. ولعل أبرزها، تلك التي اعتمدتها الجمعية العامة حول آليات اتخاذ قراراتها خلال جائحة فيروس كورونا الجديد والعمل عن بعد. وبموجب القرار، الذي تبنته الجمعية العامة في الـ 27 من مارس/آذار، يبعث رئيس الجمعية العامة برسالة تنص على مشروع القرار المقترح من إحدى الدول الأعضاء في الجمعية، 193 دولة، ويمهلها على الأقل 72 ساعة للرد، فإذا لم تعترض أي من تلك الدول عن طريق رسالة تبعث له ببلوغ الساعة المحددة، يتم تبني القرار بموجب ما يعرف في الأمم المتحدة بـ "إجراءات الصمت" وهي مشابهة لتلك التي تتبع في الظروف العادية فيما يخص تبني مجلس الأمن بيانا صحافيا أو رئاسيا صادرا عنه.
لكن هذه الإجراءات لن تنفع في الانتخابات التي ستعقد اليوم. وكان رئيس الجمعية العامة، تيجاني محمد باندي، قد لفت الانتباه في خطابه الذي وجهه للدول الأعضاء في وقت سابق من الأسبوع إلى رمزية عقدها قائلا "منذ بدء جائحة كورونا الجديد، عملنا جميعا تحت ظروف استثنائية صعبة للتغلب على التحديات التي واجهتنا. الانتخابات، المقررة يوم الأربعاء، تمثل التزاما مشتركا بضمان مواصلة العمل المهم الذي تقوم به الأمم المتحدة وفق قيم ومبادئ ميثاق المنظمة".
وفي تصريح خاص بـ"العربي الجديد" قالت الناطقة الرسمية باسم رئيس الجمعية العامة، ريم أباظة "يرى رئيس الجمعية العامة السيد محمد باندي أن إجراء الانتخابات في موعدها المحدد مسبقا أمر مهم، انطلاقا من إيمانه بأن الجمعية العامة يجب أن تكون قادرة على مواصلة العمل والنظر في القضايا المهمة وبذلك إتاحة المجال لانتخاب أعضاء الأجهزة الأخرى لضمان استمرارية عملها".
وحول ما إذا كانت تشكل نوعا من الاختبار لفعاليات أو اجتماعات الجمعية العامة في المستقبل؟ قالت أباظة " شكل أي فعاليات أو اجتماعات، يُحدد بعد التشاور مع الدول الأعضاء لأن القرار في النهاية يعود لها. في الوقت الراهن يجري رئيس الجمعية العامة مشاورات مع الدول الأعضاء حول العناصر التي قدمها بشأن كيفية عقد المداولات العامة والفعاليات رفيعة المستوى للجمعية العامة (في دورتها القادمة في) شهر سبتمبر/أيلول. لكن طبيعة الانتخابات، بالاقتراع السري، مختلفة عن اجتماعات وفعاليات الجمعية العامة الأخرى. على سبيل المثال، بالنسبة لانتخابات يوم الأربعاء، قُسمت الدول إلى ثماني مجموعات لمراعاة إرشادات التباعد الاجتماعي، وضمان عدم وجود عدد كبير من الأشخاص في قاعة الجمعية العامة في الوقت نفسه".
لماذا تتنافس الدول؟
وتنافس الدول بشدة على تلك المقاعد لأسباب عديدة، إذ إن وجودها في مجلس الأمن لسنتين يؤمن لها إمكانيات تأثير وقرب من الدول ذات النفوذ، الدول الخمس دائمة العضوية وهي بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا، كما يمكّنها أن تركز على الملفات المهمة بالنسبة لها خلال عضويتها وتجذب الانتباه لها بشكل أكبر. وتشكل العضوية كذلك فرصة، خاصة للدول الصغيرة نسبيا، بأن تبرز خلال عضويتها في محاولاتها لتقديم أجندات تدعم حقوق الانسان أو تركز على التعاون والتفاوض، كما حدث مثلا في العامين الماضيين خلال عضوية السويد والكويت في المجلس. أما انتخابات هذا العام، فيبدو أن حظوظا جيدة تنتظر النرويج وأيرلندا لكن الكثير من الأنظار تتجه إلى كندا. وكانت كندا قد منيت بهزيمة عند ترشحها عام 2010 أمام منافستها البرتغال آنذاك. ويرى هؤلاء أن الإحراج جاء كذلك لأن البرتغال لم تملك إمكانات كندا الاقتصادية، كما أن السياسات الكندية للحكومة المحافظة أثّرت في نتائجها وخاصة بسبب علاقاتها آنذاك مع عدد من الدول الأفريقية.
وبسبب الإجراءات المتعلقة بفيروس كورونا، قامت الجمعية العامة بتخصيص وقت محدد لكل دولة لدخول قاعة الجمعية العامة والإدلاء بتصويتها السري. وتحتاج أي دولة للفوز بالمقعد إلى الحصول على ثلثي أصوات الدول الأعضاء. وقد تشهد انتخابات اليوم أكثر من جولة.