أعربت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن "قلقها البالغ" إزاء التطورات الأخيرة في مصر، وتأثيرها على "حرية التعبير".
وقال المتحدث الإعلامي باسم المفوضية أروبت كولفيل، في إيجاز صحافي في مقر الأمم المتحدة في جنيف، اليوم الثلاثاء: "تعرب المفوضية عن القلق البالغ إزاء التطورات التي وقعت أخيرا في مصر".
وأضاف "نشعر بالقلق أيضا إزاء عدم الجدية في المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان، التي ارتكبتها قوات الأمن في سياق المظاهرات"، مشيرا إلى سقوط ثلاثة قتلى في اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن خلال احتجاجات مطلع الأسبوع، وفق المعلومات الواردة من هناك.
وسقط ستة قتلى، منهم عسكريان خلال أحداث الجمعة الماضي التي شهدت مظاهرات 28 نوفمبر/تشرين الثاني، بحسب مصادر طبية وأمنية.
وشدد كولفيل على ضرورة "ضمان السلطات عدم لجوء قوات الأمن إلى الاستخدام المفرط للقوة، وأن تُجرى تحقيقات سريعة وشاملة ومستقلة في جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في الاحتجاجات بما في ذلك تلك التي أسفرت عن سقوط قتلى"، مطالبا بضرورة تمكين المتظاهرين من ممارسة حقهم في التجمع بطريقة سلمية.
وفي بيان المفوضية، أشار كولفيل إلى أن ما وصفه بحالة الاستقطاب المتزايدة في المجتمع المصري "مقلقة للغاية".
وقال إن "المفوضية تحث جميع الأطراف على الدخول في حوار وطني لدفع البلاد إلى الأمام، مع حماية حقوق الإنسان المنصوص عليها في الدستور وبما يتماشى مع التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان".
من جهة أخرى، انتقدت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الحكم على 78 من المراهقين بالسجن لفترة زمنية تتراوح بين سنتين وخمس سنوات بتهمة المشاركة في احتجاجات غير مصرح بها، وبزعم أنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين أو يدعون إلى إسقاط النظام أو قطع الطرق في مدينة الإسكندرية (شمال).
وكانت محكمة جنح مستأنف الطفل في الإسكندرية، قد أصدرت الأربعاء الماضي أحكاما بمعاقبة 78 طفلا بالحبس لمدة تتراوح من سنتين إلى 5 سنوات، بتهمة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، وذلك عقب مشاركتهم في إحدى المسيرات المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي.
وحثت المفوضية في بيانها، الحكومة المصرية، على الإفراج الفوري عن جميع الذين اعتقلوا لـ"ممارستهم المشروعة لحقوقهم في التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات والتعبير".
كما حثت الحكومة المصرية على إعادة النظر وبدقة "في مشروع قانون وضع الجرائم التي يمكن أن تصنف منظمة أو جمعية أو جماعة أو فرقة من الأفراد كيانا إرهابيا"، وذلك لضمان أن يلبي هذا القانون المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأعربت المفوضية عن قلقها من محاكمة المدنيين محاكمات عسكرية، وقال كولفيل إن "المحاكم العسكرية تُسقط عموما معايير الإجراءات القانونية الدولية الرئيسية، لذا نحث السلطات المصرية على وقف محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية".
وأوضح أن المفوضية "تتابع عن كثب محاولات محاكمة المسؤولين عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في مصر"، مضيفا "نحثّ السلطات على ضمان وصول جميع المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، حتى وإن كانوا في أعلى المستويات، للمثول أمام العدالة، بما يتماشى مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة".
وتابع قائلا إن "للضحايا وأسرهم الحق في العدالة والمساءلة والتعويض، كما يجب على السلطات المصرية ضمان عدم إفلات مرتكبي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان من المثول أمام العدالة وتنفيذ ما يوقع عليهم من عقاب".
في المقابل، قال علي الدمرداش مساعد وزير الداخلية المصرية ومدير أمن القاهرة، إن حديث المفوضية "عار من الصحة، ولا توجد أية انتهاكات لحقوق الإنسان بمصر، حيث تتعامل الأجهزة الأمنية في إطار من الشرعية والقانون". وتابع المسؤول الأمني قائلا، إن بلاده "تتعامل بجدية مع المظاهرات دون إطلاق رصاص حي، وإنما تستخدم التصعيد التدريجي وفق كل حالة".
وكانت لجنة "تقصي حقائق 30 يونيو" في مصر (رسمية)، قد أوصت الأسبوع الماضي بضرورة "تعديل" قانون التظاهر المثير للجدل، و"تطوير مهارات الشرطة من خلال وضع برامج تدريبية تستهدف بناء القدرات".
كما أوصت اللجنة في تقريرها بـ"تعويض كل الضحايا الذين سقطوا نتيجة الاشتباكات المسلحة، ممن لم يثبت تورطهم في أعمال عنف أو التحريض عليها".
وحملت اللجنة في تقريرها جماعة الإخوان، المسؤولية عن معظم أعمال العنف التي وقعت عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، في 3 يوليو/تموز 2013، وهو الأمر الذي رفضته الجماعة معتبرة أن التقرير "غير محايد" وقالت إن مظاهراتهم "سلمية".