20 نوفمبر 2024
الأمم المتحدة في العراق: لدي أمل
لم تفقد ممثلة الأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، الأمل في أن يعود العراق كما كان، لأن "شعبه بقي متّحدا في تصميمه من أجل مستقبلٍ أكثر عدلا وازدهارا". أمر منطقي ألّا تفقد بلاسخارت الأمل، وهي تعرض أمام حكماء العالم، أعضاء مجلس الأمن، رؤيتها بشأن أوضاع العراق. ومنطقي أيضا أن تكون متفائلة إلى الحد الذي تتوقع فيه "أن يرقى القادة السياسيون في البلاد (قالت في نهاية كلمتها إن تصرفاتهم تدفع العراق إلى المجهول) إلى مستوى مسؤولياتهم، وأن يضعوا مصلحة البلد فوق كل اعتبار"، ولو لم تكن متفائلة إلى هذا الحد، لقدّمت استقالتها، ولاذت بالفرار، كما فعل صنوها ممثل الأمم المتحدة في ليبيا، غسان سلامة، الذي استقال من مهمته، بعد فشله في سعيه إلى "لم شمل الليبيين وكبح تدخل الخارج وصون وحدة البلاد".
يبدو أن بلاسخارت تماهت مع حكمة طيب الذكر، الزعيم الأميركي الأفريقي الراحل، مارتن لوثر كنغ الذي هتف، في خطاب له، وهو يخاطب الأميركيين والعالم: "لدي حلم أن أرى مستقبلا يتعايش فيه الجميع بحرية ومساواة وتجانس"، وأرادت أن تصنع شيئا استثنائيا يسجّل لها. بلاسخارت تحلم، ولديها الأمل في تحقيق حلمها، ولديها أيضا النية الصادقة، على ما يبدو، على العمل من أجل تحقيق حلمها في مساعدة العراقيين على تحقيق حلمهم، وعلى استعادة وطنهم الذي استولى عليه الغرباء واللصوص وتحار الدين.
شخّصت بلاسخارت، في إحاطتها تلك، واقع الحال بلباقة دبلوماسية، وبلغة أقرب ما تكون إلى
الشعر، وأمدّتنا بفيض من الأمل في أن التغيير قادم، ولو في آخر المطاف، وهي، باختصار، قدّمت لنا برنامجا عمليا لإصلاح سياسي حقيقي واسع وعميق، افتقده العراقيون منذ عقود.
قالت إن العراقيين شجعان، وإنهم دفعوا ثمنا لا يمكن تصوره من أجل الاستماع إليهم، وعلى المجتمع الدولي الاعتراف بأنهم تعرّضوا لانتهاكاتٍ لا تطاق، قتل، اختطاف، عنف، تخويف، ترهيب، تهديد، وبات من المحتم وضع حد لذلك، وتقديم الجناة للقضاء، هنا تصبح المساءلة والعدالة أمرا ملحا.
وتضع بلاسخارت الحكام العراقيين أمام مفترق طرق "إما أن يظلوا بلا حراك، أو أن يسخروا أنفسهم لخدمة أبناء وينات بلدهم"! تشير إلى دور "جماعات مسلحة تعمل خارج سيطرة الدولة، وذات ولاءات غير واضحة، و"الواجب هو حل هذه الجماعات أو إدماجها تحت سيطرة الدولة". لا تنسى أن تضع أولوياتٍ أمام أية حكومة قادمة: انتخابات مبكرة في ظل قانون انتخابات عادل ومفوضية مستقلة، والعمل جدّيا على محاربة الفساد الذي يشكل سمة أساسية في اقتصاد البلد، ولكن أولا وأخيرا سماع أصوات الناس وتحقيق مطالبهم.
في الختام، تخفت نغمة الأمل لدى بلاسخارت، وتظهر حالة تحفظ على ما علقته من أمل بداية إحاطتها، لأن "لا شيء يبعث على التفاؤل الفوري، ولأن السياسيين يدفعون بالبلد إلى المجهول". ومع ذلك، ووسط هذه الكومة من الآلام والآمال، تبدو خريطة الطريق التي ترسمها بلاسخارت لمستقبل العراق كأنها نسخة من الخريطة التي يطمح لتحقيقها المنتفضون/ الثوار الذين يواصلون حضورهم في الساحات مع بعض ما تقتضيه الوظيفة "الدبلوماسية" من رتوش. هنا نجدها قد اقتربت من تلمس المخرج الحقيقي للأزمة، لم يبق أمامها سوى خطوة واحدة وتعلق الجرس، وهذا ما ينتظره منها معظم العراقيين الذين وصفتهم في إحاطتها الصريحة بأنهم "فقدوا أحباءهم أو شاهدوهم ينزفون، لا لسببٍ سوى للتعبير عن إحباطهم أمام الآفاق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتدنية".
الخطوة المنتظرة منها أن تطلب من مجلس الأمن التدخل لوضع العراق تحت ولاية الأمم المتحدة، ورعاية المجتمع الدولي مرة أخرى، كي يمكن إزاحة الطبقة السياسية الحالية، ووضعها في "الحجر" السياسي، وإقامة حكومة انتقالية تلتزم ببرنامج الإصلاح والتغيير الذي طرحته بلاسخارت نفسها. وبخطوة كهذه، تكون قد وضعت العراق على شاطئ السلامة والأمان، وسيذكر لها العراقيون هذا الجميل بكل عرفان وامتنان.
يبقى على الثوار ألّا يقفوا على بعد من بلاسخارت التي أوصلت أصواتهم إلى العالم، وأن يكون لهم موطئ قدم في المحافل الدولية التي تُعنى بحقوق الإنسان وحريات الشعوب، كي يستطيعوا أن يطرحوا أمام العالم رؤيتهم لإنجاز هدف التغيير، وهذا ما عليهم أن يفكروا فيه، وأن يفعلوه اليوم قبل الغد.
شخّصت بلاسخارت، في إحاطتها تلك، واقع الحال بلباقة دبلوماسية، وبلغة أقرب ما تكون إلى
قالت إن العراقيين شجعان، وإنهم دفعوا ثمنا لا يمكن تصوره من أجل الاستماع إليهم، وعلى المجتمع الدولي الاعتراف بأنهم تعرّضوا لانتهاكاتٍ لا تطاق، قتل، اختطاف، عنف، تخويف، ترهيب، تهديد، وبات من المحتم وضع حد لذلك، وتقديم الجناة للقضاء، هنا تصبح المساءلة والعدالة أمرا ملحا.
وتضع بلاسخارت الحكام العراقيين أمام مفترق طرق "إما أن يظلوا بلا حراك، أو أن يسخروا أنفسهم لخدمة أبناء وينات بلدهم"! تشير إلى دور "جماعات مسلحة تعمل خارج سيطرة الدولة، وذات ولاءات غير واضحة، و"الواجب هو حل هذه الجماعات أو إدماجها تحت سيطرة الدولة". لا تنسى أن تضع أولوياتٍ أمام أية حكومة قادمة: انتخابات مبكرة في ظل قانون انتخابات عادل ومفوضية مستقلة، والعمل جدّيا على محاربة الفساد الذي يشكل سمة أساسية في اقتصاد البلد، ولكن أولا وأخيرا سماع أصوات الناس وتحقيق مطالبهم.
في الختام، تخفت نغمة الأمل لدى بلاسخارت، وتظهر حالة تحفظ على ما علقته من أمل بداية إحاطتها، لأن "لا شيء يبعث على التفاؤل الفوري، ولأن السياسيين يدفعون بالبلد إلى المجهول". ومع ذلك، ووسط هذه الكومة من الآلام والآمال، تبدو خريطة الطريق التي ترسمها بلاسخارت لمستقبل العراق كأنها نسخة من الخريطة التي يطمح لتحقيقها المنتفضون/ الثوار الذين يواصلون حضورهم في الساحات مع بعض ما تقتضيه الوظيفة "الدبلوماسية" من رتوش. هنا نجدها قد اقتربت من تلمس المخرج الحقيقي للأزمة، لم يبق أمامها سوى خطوة واحدة وتعلق الجرس، وهذا ما ينتظره منها معظم العراقيين الذين وصفتهم في إحاطتها الصريحة بأنهم "فقدوا أحباءهم أو شاهدوهم ينزفون، لا لسببٍ سوى للتعبير عن إحباطهم أمام الآفاق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتدنية".
الخطوة المنتظرة منها أن تطلب من مجلس الأمن التدخل لوضع العراق تحت ولاية الأمم المتحدة، ورعاية المجتمع الدولي مرة أخرى، كي يمكن إزاحة الطبقة السياسية الحالية، ووضعها في "الحجر" السياسي، وإقامة حكومة انتقالية تلتزم ببرنامج الإصلاح والتغيير الذي طرحته بلاسخارت نفسها. وبخطوة كهذه، تكون قد وضعت العراق على شاطئ السلامة والأمان، وسيذكر لها العراقيون هذا الجميل بكل عرفان وامتنان.
يبقى على الثوار ألّا يقفوا على بعد من بلاسخارت التي أوصلت أصواتهم إلى العالم، وأن يكون لهم موطئ قدم في المحافل الدولية التي تُعنى بحقوق الإنسان وحريات الشعوب، كي يستطيعوا أن يطرحوا أمام العالم رؤيتهم لإنجاز هدف التغيير، وهذا ما عليهم أن يفكروا فيه، وأن يفعلوه اليوم قبل الغد.