في خطوة جديدة لتكريس التنسيق الأميركي مع ثلاثي شرق المتوسط، إسرائيل وقبرص واليونان، ضد المصالح التركية، اجتمع في أثينا، الأربعاء الماضي، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الطاقة فرانسيس فانون، مع وزراء الطاقة من اليونان كوستيس هاتزيداكيس، وقبرص يورغوس لاكوتريبيس، وإسرائيل يوفال شتاينتز. وأكد المسؤول الأميركي حرص بلاده على إنشاء ممر للطاقة في شرق المتوسط، بما يساهم في تأمين الطاقة للاتحاد الأوروبي وتنويع مصادر الاستيراد ومساراته، ارتباطاً بمشاركة الدول الثلاث في منتدى غاز شرق المتوسط الذي شاركت في تأسيسه إلى جانب مصر وإيطاليا، وذلك في ثاني حضور أميركي رسمي في الاجتماعات التي يشارك فيها وزراء الطاقة بالدول الثلاث، بعد اجتماع القاهرة في 24 يوليو/ تموز الماضي الذي شهد حضور وزير الطاقة الأميركي ريك بيري.
ويتماشى البيان الأميركي الأخير مع النصوص التي تضمّنها مشروع قانون شراكة الطاقة والأمن في شرق المتوسط، الذي يتبناه الحزبان الجمهوري والديمقراطي، ويحظى بدعم واسع من الدوائر اليهودية وذات الأصول اليونانية في الولايات المتحدة، بهدف إنشاء مركز أميركي للطاقة في المنطقة، ووضع خطة متكاملة لتدشين تعاون استراتيجي مع ثلاث دول رئيسية، هي اليونان وقبرص وإسرائيل، للدفاع عن مصالحها المشتركة في مواجهة تركيا. كما يهدف إلى التضييق على أنقرة في ما يتعلق باستكشاف حقول الغاز الطبيعي بحجة "معاقبتها على تعدد مصادر شراء السلاح الخاص بها، واستخدام الأسلحة الأميركية في ترويع وتهديد قبرص"، والذي نشرت "العربي الجديد" تفاصيل عنه في 25 يوليو الماضي.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية، اطلعت على الملفات التي تقرر سلفاً التطرق إليها في اجتماع أثينا، إن أميركا تدعم "بلا حدود" خطوات الدول الثلاث ومصر لتعطيل النفوذ التركي في شرق المتوسط، ومنع حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان من تنفيذ مشروعها الطموح لتوسيع شبكة نقل الغاز التركية "توركستريم" الواصلة بين روسيا وتركيا، والتي تساهم في ملكيتها شركة الطاقة الروسية العملاقة "غاز بروم"، وذلك لحساب توسيع شبكة أنابيب شرق المتوسط القائمة حالياً بين مصر وإسرائيل لتصل إلى قبرص واليونان، بدعم أميركي مباشر يهدف في النهاية إلى تقليص النفوذ الاقتصادي الروسي في منطقة أوراسيا.
وتطمح الولايات المتحدة ودول المنتدى إلى توسيع شبكة الأنابيب المقامة بين مصر وإسرائيل، والمملوكة حالياً لشركة جديدة أسست خصيصاً لامتلاك شبكة الأنابيب، بين شركتي "نوبل إنيرجي" الأميركية و"ديليك" الإسرائيلية وشركة "غاز الشرق" المملوكة حالياً للدولة المصرية، ممثلة في جهاز المخابرات العامة وهيئة البترول، ليتم توسيع الشبكة لتشمل قبرص ثم اليونان، بهدف الاستفادة من مصنعي إسالة الغاز في مصر، واللذين ستستفيد منهما إسرائيل أيضاً. وهذه الخطط الطموحة يراهن عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتعويض الخسائر المالية المتتالية التي يتكبدها الاقتصاد المصري جراء تعاظم فوائد القروض وبيع الديون.
يذكر أن مشروع القانون ينص على تمويل رفع كفاءة البنية التحتية لقبرص واليونان في مجال التعدين وطاقة البحار، وتمويل برامج التعليم والتدريب العسكري الدولي لليونان وقبرص حتى العام 2022، وإتاحة الفرصة لمنح اليونان 3 مليارات دولار كمساعدة في تحسين وسائل الدفاع، ودعم شبكات إيصال الغاز بين الدول الثلاث، بإشراف الولايات المتحدة، بهدف تسهيل توصيل الغاز غير الروسي إلى وسط وغرب أوروبا. وينص المشروع أيضاً على ضرورة وقف بيع طائرات "إف 35" إلى تركيا، والعمل على إزالة الوجود التركي العسكري في منطقة قبرص التركية، والذي يقدره واضعو المشروع بنحو 40 ألف جندي يستخدمون أسلحة متعددة، من بينها أميركي الصنع، وربط إنهاء وقف بيع الطائرات بأن يقر الرئيس الأميركي خطياً للكونغرس بأن تركيا لا تخطط ولا تنوي تسلم نظم الدفاع الجوي الروسية.