تلقّت لجنة الشكاوى في النقابة العامة لأطباء مصر، اليوم السبت، شكوى رسمية من أسرة الطبيب الشاب أحمد صفوت، عضو مجلس النقابة الفرعية في القاهرة، بشأن اختفائه، منذ يوم الأحد الماضي.
وجاء في الشكوى أنّ الأسرة لا تملك أيّ معلومات عن الطبيب الذي أغلق هاتفه المحمول، وكان آخر اتصال مع أهله في صباح يوم اختفائه، أي في 28 يونيو/ حزيران المنصرم.
وطالبت أسرة صفوت نقابة الأطباء ببذل جهودها لمعرفة مكانه وظروف اختفائه من خلال تكليف لجنة الحريات في النقابة بمتابعة الموضوع مع النائب العام في البلاد.
وقالت مصادر نقابية، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ "صفوت اختُطف بواسطة أجهزة أمنية قبل نحو الأسبوع، بسبب آرائه ومواقفه المعارضة لسياسات وزارة الصحة والسكان"، مشيرة إلى أنّه "أحد الوجوه النقابية البارزة في ملف الأطباء الشباب ومسؤول عن تنظيم فعاليات نقابية عدّة، بصفته عضواً متطوعاً في لجنة الشباب بالنقابة العامة".
يُذكر أنّ زملاء الطبيب المختفي قسرياً أطلقوا هاشتاغ #أحمد_صفوت_فين على منصات التواصل الاجتماعي، لاستعراض مواقف الطبيب المساندة دوماً لقضايا الأطباء ومشكلاتهم، لا سيّما الشباب منهم، وقد طالبوا النقابة بالتحرك سريعاً لمعرفة مكانه وأسباب اختفائه.
تجدر الإشارة إلى أنّ نقابة الأطباء كانت قد خاطبت النائب العام المصري قبل أيام قليلة، لمطالبته بالإفراج عن الطبيب محمد الفوال، عضو مجلس نقابة الأطباء في محافظة الشرقية، إلى جانب خمسة أطباء آخرين معتقلين في السجون المصرية، على خلفيّة إبداء آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن أزمة كورونا.
وأفادت الوكيلة السابقة لنقابة الأطباء، الدكتورة منى مينا، بأنّ أسرة صفوت طلبت من النقابة دعم جهودها لمعرفة مكانه وسبب احتجازه وضمان سلامته والإفراج عنه حال ثبوت احتجازه، مشيرة إلى إرسال نسخة من شكوى الأسرة إلى نقابة أطباء القاهرة لاتّخاذ إجراءاتها الداعمة للطبيب الشاب.
وأضافت مينا في تدوينة نشرتها على صفحتها على موقع "فيسبوك": "حتى هنا ينتهي الكلام الرسمي، أمّا ما أشعر به فهو فيض من المرارة والحنق، فخلال الأيام القليلة السابقة كنت أتصوّر أنّ د. أحمد صفوت في عزل منزلي لنفسه، حيث كان يعاني من أعراض اشتباه بفيروس كورونا".
وتابعت: "كنت أتصوّر أنّه قرّر إغلاق تليفونه المحمول كنوع من الاستجمام في هذه الإجازة الإجبارية، لكنّ المعلومات الأخيرة التي وردت من أهله تجعل المؤشّر يتّجه لوجهة أخرى، خصوصاً مع القبض على د. محمد الفوال وصدور قرار من النيابة بحبسه على ذمة التحقيق بعد انتقاده تصريحات رئيس الوزراء (مصطفى مدبولي) التي يتّهم فيها الأطباء بالتقاعس".
وأكّدت مينا في تدوينتها نفسها أنّ "صفوت مثل الفوال، طبيب شاب ونقابي خدوم لزملائه، وكلاهما انتقد تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة، وبالتأكيد لكلّ منهما كامل الحقّ كطبيب ونقابي في إبداء الرأي في تصريحات رئيس الحكومة بشأن الأطباء، كما لا ينصّ قانون النقابة على تضرّر عضو بسبب نشاطه النقابي"!
وأكملت: "أتمنّى أن تتحرّك النقابة سريعاً وأن نطمئن على مكان وسبب احتجاز د. أحمد صفوت، وأن نطمئن على وجوده ووجود د.محمد الفوال معنا، سالمَين ومتمتعَين بكامل حريتهما"، خاتمة "خلينا نرجع نأكّد ثوابت المفروض أنّها معروفة وبديهية، ومنها أنّ العمل النقابي ليس بجريمة".
وكانت نيابة أمن الدولة المصرية قد قرّرت حبس الطبيب محمد معتز الفوال لمدّة 15 يوماً، عقب مطالبته رئيس الوزراء بالاعتذار عن تصريحاته المسيئة إلى الأطباء.
والفوال يعمل مدرساً بكلية الطب في جامعة الزقازيق، وألقي القبض عليه في منزله في 25 يونيو/ حزيران المنصرم.
وتعرّض الفوال لانتهاكات عدّة، منها الإخفاء القسري لمدّة يومَين والاحتجاز بشكل غير قانوني في مقرّ جهاز الأمن الوطني بمدينة الزقازيق، حتى ظهر أمام نيابة أمن الدولة في القاهرة التي اتهمته بـ"الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف القانون"، و"نشر أخبار كاذبة"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".
تجدر الإشارة إلى أنّ النقابة العامة لأطباء مصر كشفت، في وقت سابق، عن اعتقال خمسة أطباء بسبب انتقادهم إجراءات وزارة الصحة والسكان في ما يتعلق بمواجهة فيروس كورونا الجديد، مشيرة إلى مخاطبتها النائب العام رسمياً لتبيان الموقف القانوني للأطباء المعتقلين، على خلفية نشر آراء متعلقة بالجائحة، الأمر الذي يسهم في نشر حالة من الإحباط بين الأطباء.
ولم يكن منع نقابة الأطباء من تنظيم مؤتمرها الصحافي أخيراً سوى آخر التحرّكات الأمنية التي تهدف إلى منعها من توجيه انتقادات إلى سياسات وزارة الصحة والحكومة المصرية في التعاطي مع أزمة فيروس كورونا، إذ سبق ذلك حملة مكثفة على مستوى المسؤولين الرسميين الذين انتقدوا الأطباء محمّلين إياهم مسؤولية تدهور الخدمات الصحية بخلاف الحقيقة.