تشكل جبهتا الأنبار في العراق وعين العرب في سورية حالياً، محورين رئيسيين للحرب النفسيّة الدائرة بين تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وقوات التحالف الدولي، الأمر الذي يزيد الضغوط على الرئيس الأميركي باراك أوباما، لتصعيد العمل العسكري ضد "داعش" في هاتين الجبهتين.
ويؤكّد مصدر في البيت الأبيض لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحرب النفسيّة وسبل مواجهة التأثير المعنوي الناجم عن تقدم قوات "داعش" على الأرض، على أكثر من جبهة، كانا من النقاط التي بحثها الرئيس الأميركي مع زعماء أوروبيين عن طريق مشاورات جرت من خلال دائرة فيديو مغلقة". ولم يوضح المصدر الإجراءات التي تم الاتفاق عليها، لكنه قال إنّ "الزعماء ناقشوا عموميات المشكلة ضمن موضوعات أخرى، أما التفاصيل فسيتولاها المعنيون بالحرب النفسيّة في المؤسّسات الدفاعيّة لبلدان التحالف، وربما يتم وضع استراتيجية مشتركة للتنسيق بين الحلفاء في هذا الجانب".
وكان البيت الأبيض، قد أعلن أنّ المشاورات التي جرت مساء الأربعاء عبر المحيط، بواسطة الأقمار الاصطناعية، شارك فيها من الجانب الأوروبي، كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي.
ووفقاً لما أكّدته صحيفة "واشنطن بوست" في عددين متواليين، أمس الخميس وأول من أمس الأربعاء، فإنّ تقدّم مقاتلي "داعش" على جبهتي مدينة عين العرب الكرديّة في سورية، ومحافظة الأنبار في العراق، خلق حالة من القلق في واشنطن وعواصم أوروبية. واعتبرت الصحيفة أنّ القلق لم ينجم فقط عن التبعات الميدانيّة المحتملة لهذا التقدّم، بل أيضاً لما يصاحبه من ضخّ إعلامي وتأثير نفسي لصالح قوات "داعش" ضد خطط التحالف.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عسكريين أميركيين قولهم إنّ الولايات المتحدة كثّفت ضرباتها الجويّة في سورية، إلى مستوى أعلى بكثير من الضربات الجويّة في العراق. وحظيت المنطقة المحيطة بعين العرب، بالقدر الأكبر من هذه الضربات. فمن بين أربعين غارة جوية على سورية، يومي الرابع عشر والخامس عشر من الشهر الحالي، استهدفت 39 غارة منها مواقع "داعش" في المنطقة المحيطة بمدينة عين العرب، مما يؤكّد الأهمية المعنويّة لهذه المدينة من وجهة نظر التحالف.
ويساوي عدد الغارات التي شنّها سلاح الجو الأميركي على سورية، خلال ثلاثة أيام (13 و14 و15 أكتوبر)، إجمالي الغارات التي شنّها الطيران الأميركي على أهداف "داعش" في العراق، طيلة النصف الأول من الشهر الحالي.
ويبرّر الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركيّة، الأدميرال جون كيربي، زيادة عدد الغارات حول عين العرب، بتزايد عدد مقاتلي "داعش" في تلك المنطقة، مشيراً إلى أنّ الغارات قتلت المئات منهم، لكنّ مسؤولاً رفيع المستوى في إدارة أوباما، أبلغ "واشنطن بوست" بأنّ الهدف من تكثيف الغارات الجوية حول المدينة، "حرمان مقاتلي "داعش" من فرصة دعائية قد تخدمهم في الحرب النفسيّة، وحتّى لا يشعروا بالغرور"، في حال نجاحهم ببسط سيطرتهم الكاملة على هذه المدينة.
ويشبّه المسؤول الأميركي مقاتلي "داعش" بأسماك القرش، قائلاً: "إذا لم تسبح هذه الأسماك، فإنّها تموت"، معترفاً في تصريحاته ذاتها بأنّ "المعركة على عين العرب جذبت انتباه وسائل الإعلام". وكانت وكالة "رويترز" للأنباء، قد نقلت أيضاً عن مسؤول عسكري أميركي، قوله إنّ تنظيم "داعش" يحقّق بعض المكاسب في محافظة الأنبار العراقية، على الرغم من الضربات الجوية.
ويبقى السؤالان المحرجان لإدارة أوباما هما: هل تنجح الغارات الجويّة وحدها في وقف تقدم "داعش" على الأرض؟ وهل تنجح أيّ استراتيجية للحرب النفسيّة في وقف تأثير توسع "داعش" من دون نجاح حقيقي للتحالف ميدانياً؟ الأكيد أنّ الأسابيع المقبلة كفيلة بالإجابة عن هذين السؤالين.