أصدرت محكمة عسكرية تابعة لوزارة الدفاع العراقية قراراً يقضي بـ"الإعدام رمياً بالرصاص" لأبرز القادة الأمنيين المتورطين في حادثة "سقوط مدينة الموصل" بيد تنظيم "داعش" الإرهابي، في يونيو/حزيران من عام 2014.
واطلع "العربي الجديد" على وثيقة سُربت من وزارة الداخلية العراقية، كتب عليها "أمر سري وشخصي" من قائد الشرطة الاتحادية، بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2018.
ويتضح من خلال الوثيقة أن المتهم، الفريق مهدي الغراوي، وهو قائد العمليات العسكرية في نينوى وقت اقتحام "داعش" لها، كان قد حُكم عليه في عام 2014 من قبل المحكمة العسكرية العراقية بـ"الإعدام رمياً بالرصاص" بعد فشله في حماية الموصل، ثم عاودت المحكمة العسكرية تعميم أمر الحكم بحق الغراوي في عام 2017.
وأشارت الوثيقة إلى "منح الحق للموظفين العموميين بإلقاء القبض عليه أينما وجد (الغراوي)، وإلزام الموظفين والمكلفين بخدمة عامة بالإخبار عن محل اختفائه، وحجز أمواله المنقولة وغير المنقولة، وإعطاء الحق للمتضررين من الجريمة بإقامة دعوى أمام المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض عما أصابهم من ضرر".
وكان البرلمان العراقي قد وافق، في أغسطس/آب من عام 2015، بغالبية الأصوات، على تقرير لجنة التحقيق في سقوط الموصل التي أدرجت أسماء كثيرة، على رأسها اسم رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، ومسؤولون مدنيون وقادة عسكريون، بينهم الغراوي، ووزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي، ومحافظ نينوى المُقال أثيل النجيفي، والقائد العسكري بابابكر زيباري رئيس أركان الجيش (المتقاعد)، وعبود كنبر قائد العمليات المشتركة (معاون رئيس أركان الجيش للعمليات) السابق، والفريق علي غيدان قائد القوات البرية السابق، كمتهمين بالتقصير والتورط في أحداث سقوط الموصل بيد تنظيم "داعش"، وتحويل التقرير إلى القضاء.
وأدانت المحكمة العسكرية في حكمها الغيابي، الغراوي، الذي هرب مع قواته العسكرية في حدود ثلاث فرق (جيش وشرطة اتحادية وجهاز مكافحة إرهاب) من المعركة ولم يتصد لعدد قليل من مسلحي "داعش".
وقال مسؤول عراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "ملف سقوط الموصل عالق لدى القضاء العراقي منذ أربع سنوات، بسبب الضغوط التي تتعرض لها المحاكم الجنائية والعسكرية من قبل الأحزاب المتنفذة، ولا سيما الأحزاب التي تنتمي لها هذه الشخصيات المتورطة في سقوط المدينة، والتي تسببت في سقوط خمس محافظات أخرى، وتشريد أكثر من 6 ملايين مواطن"، مبيناً أن "قضية الحكم على الغراوي ليست جديدة، لكن الجديد أن الحكم لم يُنفذ، وربما لن يُنفذ، بسبب العلاقة الوطيدة بينه وبين نوري المالكي، فضلاً عن هروبه وتنقله الدائم بين دولة مجاورة للعراق وأربيل".
وأضاف أن "الوثيقة التي ظهرت ما هي إلا لإبراز العداوة بين قائد الشرطة الاتحادية (رئيس جهاز الشرطة الاتحادية الحالي)، رائد شاكر جودت، والغراوي، فهو يعيد بين فترة وأخرى إثارة الموضوع في الأوساط العسكرية والسياسية، وتفعيله في الإعلام، لغرض تنبيه الناس"، لافتاً إلى أنه "لولا الخلاف والعداوة بين جودت والغراوي لما ظهر الكتاب في هذا الوقت، وتحديداً قبل الانتخابات البرلمانية بأقل من شهر".
من جهته، أكد النائب في البرلمان العراقي، وهو عضو بلجنة التحقيق في سقوط مدينة الموصل، اسكندر وتوت، أن "الغراوي قائد تنصل عن مهمته كعسكري مسؤول عن حماية المدينة التي كان يخدم فيها، وهي نينوى، وقد أصدرت المحكمة العسكرية أمراً بإعدامه رمياً بالرصاص داخل الموصل، وأمام المواطنين، كي يصبح عبرة لمن يخون بلده، إلا أن تواجده في أربيل يحول دون تحقيق أمر القضاء".
وأضاف وتوت، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "أربيل لا تُسلّم المطلوبين لبغداد، حيث إن الغراوي وعددا كبيرا من المتهمين بقضايا فساد موجودون في كردستان، والبعض منهم يدير أعمالاً تجارية وسياسية في بغداد"، مشيراً إلى "ضرورة تفعيل القانون الفيدرالي بين بغداد وأربيل، ومطالبة كردستان بتسليم الغراوي وباقي المطلوبين لتنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم".
وكانت لجنة التحقيق الخاصة بسقوط الموصل قد أنجزت مهامها أواخر عام 2014، بعد أن احتاجت إلى ثمانية أشهر للاستماع إلى نحو مائة شهادة لسياسيين وقادة عسكريين، في حين تنتظر الأوساط البرلمانية والشعبية قرار القضاء لمحاسبة المتورطين بسقوط المدينة، التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمفقودين وخسائر مادية ضخمة.
يشار إلى أن تنظيم "داعش" سيطر على مدينة الموصل في 10 من حزيران/يونيو عام 2014، إبان عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وتمكنت الحكومة الحالية، برئاسة حيدر العبادي، من استعادتها في العاشر من تموز/يوليو 2017.