تزامن اقتراب موعد دخول حزمة العقوبات الأميركية الثانية ضد إيران (اليوم الإثنين، 5 نوفمبر/تشرين الثاني)، إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، مع مناسبة إحياء ذكرى اقتحام السفارة الأميركية في العاصمة طهران، وهو ما أطلق أزمة دبلوماسية بين الطرفين تستمرّ حتى اليوم، فاحتل كل ذلك مساحة كبيرة في غالبية المنابر الصحافية والإعلامية الإيرانية على كافة أشكالها.
الصحف الورقية الصادرة يوم الأحد ركّزت برمّتها على مسألة العقوبات. وكانت لتصريحات المرشد الأعلى، علي خامنئي، الصادرة السبت، الحصة الأكبر في الصحف بكافة توجهاتها السياسية، إصلاحية كانت أم محافظة. ووضعت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية صورة للمرشد على الغلاف بعنوان عريض يقول إن "أميركا محكومة بالزوال من مشهد القدرة والقوة في المجتمع الدولي".
وفي صفحات ثانية، خصصت الصحيفة مكاناً لملف واسع حول العقوبات وتأثيراتها على الداخل من جهة، وعلى العلاقات الاقتصادية بين إيران وأوروبا من جهة أخرى. فصحيح أن حجم الحنق الإيراني إزاء السلوك الأميركي واضح جداً في صحافة الداخل، لكن بعض المنابر الإعلامية تدرك تماماً أن حزمة العقوبات هذه، والتي تستهدف قطاعات الطاقة والنفط والمال، ستترك تبعات على الظروف المعيشية بالدرجة الأولى.
تناغمت صحيفة "ابتكار" الإصلاحية أيضًا مع ما جاء في "اعتماد"، وركّزت على الإعفاءات المشروطة التي منحتها واشنطن لدول عدة، فسمحت لها بشراء نفط إيران مع تخفيض مستويات وارداتها منه تدريجياً، وهو ما تقرأه الصحافة الإيرانية على أنه إنجاز لصالح البلاد؛ كونه يمثل تراجعا أميركياً، بغضّ النظر عن أسبابه، بحسب رأيها.
اقــرأ أيضاً
وبدا كذلك وجود توجه حقيقي لدى صحف إيران، للوقوف في وجه الضغط النفسي القادم من الخارج، في محاولة لبثّ الطمأنينة في الداخل، وهو ما من شأنه ترك تبعات على مؤشرات السوق وأسعار الصرف وعلى حياة المواطن المترقب نتائج العقوبات القادمة، حتى وإن كان قد اختبر مثيلاتها سابقاً.
أما صحيفة "كيهان"، المحسوبة على الخط المتشدد في التيار المحافظ، فركّزت على جزءٍ هام من كلام المرشد الأعلى، ألا وهو الموجه للراغبين في توطيد العلاقات مع أميركا ممَّن عليهم أن يعلموا أنها "متجهة نحو الأفول". وفي تقرير آخر حمل نَفَساً تحليلياً، ركّزت "كيهان" أيضاً على مسألة العقوبات، وهي التي لطالما روَّجت لضرورة عدم الثقة في الغرب عموماً، وفي أميركا على وجه الخصوص. ورأت أن أوروبا تكرر الذرائع، ولا تعطي الامتيازات الاقتصادية لإيران التي من شأنها ردع عقوبات واشنطن، وانتقدت انسحاب الشركات الأجنبية من البلاد، رغم كل الوعود غير المطبقة حتى الآن.
اقــرأ أيضاً
تغطية متلفزة منددة بأميركا
أخذت التظاهرات التي خرجت في عدد من المدن الإيرانية والتجمع الاحتجاجي أمام المبنى السابق للسفارة الأميركية في طهران، أمس الأحد، حيزاً كبيراً من تغطية التلفزيون المحلي الإيراني. وإلى جانب المداخلات التي قام بها مراسلوه، ركز هذا التلفزيون على الشعارات التي تردد "الموت لأميركا" وحتى لرئيسها، دونالد ترامب، إلى جانب إجراء لقاءات مع المحتجين الرافضين لسياسات الحظر غير المنتهية والتي لا تحمل أي مبررات حقيقية، كما رأى هؤلاء.
ورغم أن التلفزيون المحلي يحرص على تغطية هذا الحدث سنوياً، لكنه حمل زخماً أكبر هذا العام، كونه يترافق مع عودة العقوبات الأميركية، التي حاول المسؤولون الإيرانيون الاستهانة بتبعاتها والتأكيد على قدرة مواجهتها، رغم إقرارهم بأنها ستترك تأثيرا على الشارع.
مواقع التواصل بين التنديدات والطرائف
شهد موقعا "تويتر" و"إنستغرام" نشاطاً إيرانياً كبيراً، في الأيام القليلة الماضية، ولا سيما أن ترامب قرّر الإعلان عن وصول العقوبات لطهران بملصق سينمائي على طريقة مسلسل "صراع العروش" عبر "تويتر". وجاء الرد الإيراني أولا بذات الطريقة، بملصق نشرته صفحة قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، على ذات الشاكلة، مهددًا ترامب بمواجهته، لتُثار بعدها عاصفة حرب الملصقات باستخدام اقتباسات وعناوين من ذات المسلسل، والتي تحولت إلى حملة فكاهية في النهاية.
ونشرت صفحة "نيش خط" على "إنستغرام"، وهي تعود لقسم الكاريكاتير التابع لصحيفة "قانون"، صورةً لدجاجة تقول "قيمة كيلو الدجاج البالغة 11 ألف تومان قادمة"، على غرار جملة ترامب "العقوبات قادمة" والمأخوذة من عنوان "الشتاء قادم" في المسلسل الملحمي الخيالي. وفي هذا إشارة من قبل "نيش خط" إلى تبعات العقوبات المرتقبة والتي ستؤدي إلى غلاء الأسعار.
اقــرأ أيضاً
على "تويتر"، انشغل صحافيون إيرانيون بالرد على ترامب كذلك، ومنهم من فسح مجالاً لتحليلات التبعات المرتقبة للعقوبات. واعتبرت الصحافية في جريدة "اعتماد"، سارا معصومي، في تغريدة لها، أنّ "الردود السياسية والعسكرية في مواقع التواصل على ملصق ترامب تؤشر إلى أن هذه العقوبات ستضر الشارع والمدنيين العاديين، هذا ما حدث في الماضي وسيحدث في المستقبل".
أما الصحافي في وكالة "مهر"، علي رجبي، فوضع في رأس صفحته تغريدةً طالب فيها بنشر وسم "الموت لأميركا"، ولا سيّما أولئك الذين لا يتابعهم كثر، قائلاً "لا تقلق من أن تصبح صفحتك بشعة، بل على العكس ستصبح أجمل".
واستمر ذات التركيز على قنوات تطبيقات الهواتف الذكيّة، من قبيل "تيليغرام" الذي كان مستخدَماً بشكل كبير في إيران قبل حظره رسمياً، وخَفَتَ نجمه بعده. ومع ذلك، فإنّ غالبيّة الصفحات الإيرانية التي ما زالت نشطة عليه، لم توفر جهدًا في نقل تطورات الأخبار المرتبطة بالعقوبات، وكثير منها ركّز، الأحد، على عدم حصول خلل في مؤشرات أسعار صرف الريال مقابل الدولار، في محاولة للتخفيف من القلق.
أما التطبيقات المحلية التي صمّمها مهندسون إيرانيون لتحلّ مكان تلك الأجنبية، فكان للعقوبات حصة كبيرة في قنواتها أيضاً. وعلى سبيل المثال، قامت قناة "فارس بلاس،" على تطبيق "سروش" المحلي، بالدعوة والتشجيع على شراء المنتجات الإيرانية الصنع لدعم البضاعة المحلية ومقاطعة تلك الأجنبية، وهو "ما سينعش الصناعة وسيزيد من فرص الصمود في وجه عقوبات أميركا".
وفي صفحات ثانية، خصصت الصحيفة مكاناً لملف واسع حول العقوبات وتأثيراتها على الداخل من جهة، وعلى العلاقات الاقتصادية بين إيران وأوروبا من جهة أخرى. فصحيح أن حجم الحنق الإيراني إزاء السلوك الأميركي واضح جداً في صحافة الداخل، لكن بعض المنابر الإعلامية تدرك تماماً أن حزمة العقوبات هذه، والتي تستهدف قطاعات الطاقة والنفط والمال، ستترك تبعات على الظروف المعيشية بالدرجة الأولى.
تناغمت صحيفة "ابتكار" الإصلاحية أيضًا مع ما جاء في "اعتماد"، وركّزت على الإعفاءات المشروطة التي منحتها واشنطن لدول عدة، فسمحت لها بشراء نفط إيران مع تخفيض مستويات وارداتها منه تدريجياً، وهو ما تقرأه الصحافة الإيرانية على أنه إنجاز لصالح البلاد؛ كونه يمثل تراجعا أميركياً، بغضّ النظر عن أسبابه، بحسب رأيها.
وبدا كذلك وجود توجه حقيقي لدى صحف إيران، للوقوف في وجه الضغط النفسي القادم من الخارج، في محاولة لبثّ الطمأنينة في الداخل، وهو ما من شأنه ترك تبعات على مؤشرات السوق وأسعار الصرف وعلى حياة المواطن المترقب نتائج العقوبات القادمة، حتى وإن كان قد اختبر مثيلاتها سابقاً.
أما صحيفة "كيهان"، المحسوبة على الخط المتشدد في التيار المحافظ، فركّزت على جزءٍ هام من كلام المرشد الأعلى، ألا وهو الموجه للراغبين في توطيد العلاقات مع أميركا ممَّن عليهم أن يعلموا أنها "متجهة نحو الأفول". وفي تقرير آخر حمل نَفَساً تحليلياً، ركّزت "كيهان" أيضاً على مسألة العقوبات، وهي التي لطالما روَّجت لضرورة عدم الثقة في الغرب عموماً، وفي أميركا على وجه الخصوص. ورأت أن أوروبا تكرر الذرائع، ولا تعطي الامتيازات الاقتصادية لإيران التي من شأنها ردع عقوبات واشنطن، وانتقدت انسحاب الشركات الأجنبية من البلاد، رغم كل الوعود غير المطبقة حتى الآن.
تغطية متلفزة منددة بأميركا
أخذت التظاهرات التي خرجت في عدد من المدن الإيرانية والتجمع الاحتجاجي أمام المبنى السابق للسفارة الأميركية في طهران، أمس الأحد، حيزاً كبيراً من تغطية التلفزيون المحلي الإيراني. وإلى جانب المداخلات التي قام بها مراسلوه، ركز هذا التلفزيون على الشعارات التي تردد "الموت لأميركا" وحتى لرئيسها، دونالد ترامب، إلى جانب إجراء لقاءات مع المحتجين الرافضين لسياسات الحظر غير المنتهية والتي لا تحمل أي مبررات حقيقية، كما رأى هؤلاء.
ورغم أن التلفزيون المحلي يحرص على تغطية هذا الحدث سنوياً، لكنه حمل زخماً أكبر هذا العام، كونه يترافق مع عودة العقوبات الأميركية، التي حاول المسؤولون الإيرانيون الاستهانة بتبعاتها والتأكيد على قدرة مواجهتها، رغم إقرارهم بأنها ستترك تأثيرا على الشارع.
مواقع التواصل بين التنديدات والطرائف
شهد موقعا "تويتر" و"إنستغرام" نشاطاً إيرانياً كبيراً، في الأيام القليلة الماضية، ولا سيما أن ترامب قرّر الإعلان عن وصول العقوبات لطهران بملصق سينمائي على طريقة مسلسل "صراع العروش" عبر "تويتر". وجاء الرد الإيراني أولا بذات الطريقة، بملصق نشرته صفحة قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، على ذات الشاكلة، مهددًا ترامب بمواجهته، لتُثار بعدها عاصفة حرب الملصقات باستخدام اقتباسات وعناوين من ذات المسلسل، والتي تحولت إلى حملة فكاهية في النهاية.
ونشرت صفحة "نيش خط" على "إنستغرام"، وهي تعود لقسم الكاريكاتير التابع لصحيفة "قانون"، صورةً لدجاجة تقول "قيمة كيلو الدجاج البالغة 11 ألف تومان قادمة"، على غرار جملة ترامب "العقوبات قادمة" والمأخوذة من عنوان "الشتاء قادم" في المسلسل الملحمي الخيالي. وفي هذا إشارة من قبل "نيش خط" إلى تبعات العقوبات المرتقبة والتي ستؤدي إلى غلاء الأسعار.
على "تويتر"، انشغل صحافيون إيرانيون بالرد على ترامب كذلك، ومنهم من فسح مجالاً لتحليلات التبعات المرتقبة للعقوبات. واعتبرت الصحافية في جريدة "اعتماد"، سارا معصومي، في تغريدة لها، أنّ "الردود السياسية والعسكرية في مواقع التواصل على ملصق ترامب تؤشر إلى أن هذه العقوبات ستضر الشارع والمدنيين العاديين، هذا ما حدث في الماضي وسيحدث في المستقبل".
أما الصحافي في وكالة "مهر"، علي رجبي، فوضع في رأس صفحته تغريدةً طالب فيها بنشر وسم "الموت لأميركا"، ولا سيّما أولئك الذين لا يتابعهم كثر، قائلاً "لا تقلق من أن تصبح صفحتك بشعة، بل على العكس ستصبح أجمل".
واستمر ذات التركيز على قنوات تطبيقات الهواتف الذكيّة، من قبيل "تيليغرام" الذي كان مستخدَماً بشكل كبير في إيران قبل حظره رسمياً، وخَفَتَ نجمه بعده. ومع ذلك، فإنّ غالبيّة الصفحات الإيرانية التي ما زالت نشطة عليه، لم توفر جهدًا في نقل تطورات الأخبار المرتبطة بالعقوبات، وكثير منها ركّز، الأحد، على عدم حصول خلل في مؤشرات أسعار صرف الريال مقابل الدولار، في محاولة للتخفيف من القلق.
أما التطبيقات المحلية التي صمّمها مهندسون إيرانيون لتحلّ مكان تلك الأجنبية، فكان للعقوبات حصة كبيرة في قنواتها أيضاً. وعلى سبيل المثال، قامت قناة "فارس بلاس،" على تطبيق "سروش" المحلي، بالدعوة والتشجيع على شراء المنتجات الإيرانية الصنع لدعم البضاعة المحلية ومقاطعة تلك الأجنبية، وهو "ما سينعش الصناعة وسيزيد من فرص الصمود في وجه عقوبات أميركا".