منذ سنوات عديدة، والشركات التجارية تستعين بنجوم الغناء في العالم العربي لإطلاق حملاتها الإعلانية، وكانت تلك الحملات تتضمَّن أغاني مصورة، تنتج خصيصاً لترافق الحملة الإعلانية.
ففي عام 2001 قامت شركة "بيبسي" بالتعاقد مع الفنان المصري عمرو دياب، ليكون وجهها الإعلامي، وأطلق دياب حينها أغنية "أنا أكتر واحد بيحبك"، كأغنية خاصة بالحملة، قبل أن يعيد توزيعها ويدرجها في ألبوم يحمل نفس الاسم. ولاقى الإعلان حينها رضا الجمهور، وسار باقي النجوم على خطاه.
وعام 2003، قامت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم، بتصوير أغنية خاصة بشركة "كوكا كولا"، وهي "قول تاني كده"، وحينها لم يكن موضوع تسويق المنتجات عن طريق النجوم أمراً مستفزاً، خاصةً أنَّ الشركات كانت تتحمل عبء إنتاج وتصوير وتسويق الفيديو كليب للفنان، باعتباره جزءاً من الحملة الإعلانية، وشكّل ذلك حافزاً لدى بعض الفنانين للتعاقد مع الشركات التجارية سعياً لتحقيق انتشار أوسع لكلا الطرفين.
وأما اليوم، فاتجه بعض المطربين إلى إدراج الإعلانات عن المنتجات التجارية داخل الفيديو كليب، فالكليبات التي يدّعي أصحابها أنها أنتجت لأغراض فنية حملت طابعاً تجارياً، وذلك أثّر بالسلب على جودة الفيديو كليب في العالم العربي. إذْ أرغمت التعاقدات مع الشركات التجارية، المخرجين، على أن يبنوا مشاهد وحبكات درامية خارجة عن سياق الفيديو الكليب، فقط لتصوير المنتج.
وفي السياق، فإن نوعية المنتجات التي تصنعها الشركات الراعية، تلعب دوراً في الصورة الإخراجية البصرية، فتضمين الكليبات إعلانات لمنتجات كالسيارات أو المجوهرات قد يكون ألطف من تضمينها إعلانات مساحيق الغسيل والمنظفات! وهنا لابد من الإشارة إلى أن بعض الفنانين حافظوا على مستوى معين من التعاقدات مع الشركات التجارية، كالفنانة اللبنانية إليسا، التي كانت سابقاً الوجه الإعلامي لشركة "بيبسي"، وأطلقت أغنية خاصة بالشركة بعنوان "لو نرجع سوا"، ولا تخلو كليباتها اليوم من الإعلانات التجارية. وتفضل إليسا التعاقد مع شركات الهواتف المحمولة. وذلك جعل أغلب كليباتها الجديدة تتداخل فيها لقطات لاستعمال إليسا أحد تلك الهواتف المحمولة، تقوم بتصوير نفسها به، أو الاتصال، أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وقد تتم اللقطات أحياناً من دون إيجاد مبرر درامي مقنع داخل الكليب، ففي الكليب الأخير "عكس يلي شيفنها"، تعاونت إليسا مع شركة "سامسونغ"، ويبدأ الفيديو بلقطات تصوير سيلفي لإليسا وبطل الكليب، وتفتقد اللقطات للتبريرات الدرامية، رغم ادعاء أليسا بأن الكليب ذو قضية.
وهناك فنانون جعلوا من كليباتهم مساحة حرة للإعلانات التجارية لا أكثر، كالفنانة نوال الزغبي. فعلى سبيل المثال، تضمن كليب أغنية "تولع" إعلانا لسيارة "أودي"، وإعلانا لساعة وبارفن لشركة "أنتوني بونجا"، وإعلانا لصالح مجموعة "كتانة" الخدمية، وأيضاً إعلانا لمجوهرات "هيمو"، إذ تنقّل الفيديو كليب بين فضاءات متعددة تضمنت إعلانات مختلفة.
وهناك بعض الفنانين لم يهتموا حتى بمستوى ونوعية وجودة المنتجات التي يُقحمون إعلاناتها ضمن كليباتهم، لتبدو الإعلانات في كليباتهم مستفزة ومباشرة للغاية. ففي كليب عاصي الحلاني "حبيب القلب"، يبدأ الكليب باستعمال عاصي للمغسلة التي يوضع عليها شامبو "كلير". ويبدو شعر الحلاني لامعا، وكأنه موديل لإعلانات شامبو، ثم يتمحور الكليب حول الذكريات، إذ يقوم أطفاله باللعب بالطين، ثم تقوم الأم بغسل الثياب بمسحوق "أومو"، كأي دعاية مسحوق غسيل.
وكذلك قام فارس كرم بإقحام إعلانات لمنتجات لا تناسب الكليبات في كليب "منمنم"، فيبدأ الكليب بمشهد لغسل اليدين، لا يحمل أي سياق درامي، فاللقطة لا تظهر سوى إعلان لصابون "لايف بودي"، ومن ثم ينتقل الكليب إلى مشهد لتنظيف الأسنان للإعلان عن معجون أسنان "سغنل تو"، وتبدو الإعلانات في الكليب مشابهة لإعانات الشركات الأصلية.