الإفادات.. الحلّ الأفضل لـ"مستقبل" تلاميذ لبنان؟

06 اغسطس 2014
قرار الوزارة إعطاء إفادات لجميع التلامذة.. عادل كفاية؟ (Getty)
+ الخط -
لم تفلح الاجتماعات بين مختلف الكتل السياسيّة، ولا محاولات تدوير الزوايا، في التوصّل إلى صيغة توافقيّة حول ملف سلسلة الرتب والرواتب، ومصادر تمويلها. هذا ما أكّده وزير التربية إلياس بوصعب، معلناً أنه قرّر إعطاء إفادات (بديل عن الشهادات، ويُعتبَر حاملها ناجحاً) لكلّ متقدّم لامتحانات الشهادتَين الرسميّتَين المتوسطّة والثانويّة، في حال بقيت هيئة التنسيق النقابيّة مصرّة على موقفها، وامتنعت عن التصحيح. وقد أرجع ذلك إلى "الحفاظ على مستقبل الطالب".

ورداً على هذا القرار، دعت هيئة التنسيق النقابيّة وزير التربية إلى "عدم الانزلاق إلى أي قرار غير تربوي، لأن انعكاساته السلبيّة على التربية ولسنوات مقبلة سيكون كارثياً إلى أبعد الحدود".

لكن بوصعب لفت، في مؤتمره الصحافي الذي عقده عصر اليوم الأربعاء، إلى أن "هذا القرار مؤجّل 48 ساعة"، إفساحاً في المجال أمام ممثلي الأحزاب وهيئة التنسيق النقابيّة لإيجاد حلّ للأزمة التي يمرّ بها التلامذة. وأضاف أنه أخطأ حين قال إنه لن يعطي إفادات، مشيراً إلى أنه كان يحاول منح ورقة قويّة لهيئة التنسيق، لكن الوضع مقفل والأجواء لا توحي بإقرار السلسلة قريباً.

وأضاف أن "هيئة التنسيق مصرّة على موقفها الرافض للتصحيح قبل إقرار السلسلة"، مشدداً على أنه كان "ومنذ اليوم الأول، مع مطالب هيئة التنسيق واعتبرناها محقة"، لكن الاختلاف مع الهيئة جاء بسبب ارتباط الموضوع بمستقبل التلامذة. وأوضح أن "لا أحد يملك الحق بأن يأخذ سنة من عمر الطلاب"، مطالباً الهيئة بعدم تضييع التلامذة ومستقبلهم.

وتابع: "قرّرتُ أن لا أؤجل أزمة ولا أدخل في متاهات مع الطلاب. والقرار الوحيد الصحيح الذي يمكن أن أتّخذه لديه سلبيات كثيرة، ولكنه حصل في أيام الحرب اللبنانيّة، وهو إعطاء إفادات لجميع الطلاب الذين تقدّموا بطلب لأخذ شهادة، وهذه الطلبات مسجّلة في الوزارة".


الإفادات قرار ظالم
طالبت الهيئة بو صعب "ببذل أقصى جهوده مع الكتل النيابيّة للنزول إلى المجلس النيابي وإقرار سلسلة الرتب والرواتب، ولا سيّما أن جلسة السلسلة ما زالت مفتوحة". وأشارت إلى أن "إقرار سلسلة الرتب والرواتب هو أقصر الطرق حتى ينال التلامذة شهاداتهم الرسميّة، لأن الهيئة ليست بوارد التراجع عن مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسميّة خالية الوفاض".

وشدّد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، نعمة محفوض، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، على أن التراجع عن الحقوق والمطالب يعني الانتحار وانتهاء دور الهيئة النقابيّة". وأضاف أن "إعطاء الإفادات هو قرار ظالم للتلامذة الذين اجتهدوا ليحصدوا نتائج جيّدة ومراكز عالية. فالإفادات المدرسيّة التي يتحدّث عنها الوزير إما ستعتمد على المعدّل المدرسي أو أنها ستوزّع للجميع من دون تفرقة. ومن شأن ذلك أن يضرّ بالمستوى التعليمي وله انعكاسات على قطاع التعليم في لبنان في المستقبل".


التلامذة: امتعاض وارتياح
إلى ذلك، أثار قرار وزارة التربية غضب العديد من التلامذة في وقت اعتبره آخرون أنه الحلّ الأنسب للخروج من أزمة لا نهاية لها.

ديانا، وفور سماعها قرار وزارة التربية بإعطاء إفادات لكل مَن تقدّم للامتحانات الرسميّة، راحت تتنقّل في المنزل فرحة وتجري اتصالات هاتفيّة بصديقاتها لتبارك لهنّ ولنفسها بالنجاح.

في اعتقادها، إن معدّل علاماتها المدرسي يخوّلها اجتياز صفّ "البروفيه" بسهولة تامة لتنتقل إلى المرحلة الثانويّة. لكن والدتها تلفت إلى أن ابنتها "لا تدرك أن قرار الوزارة ليس نهائياً وأن المفاوضات ما زالت قائمة مع المدرّسين من أجل البدء بالتصحيح".

وتقول ديانا إن سبب فرحتها "هو الخوف من الرسوب وما قد يسبّبه لها من مشاكل مع أهلها، خصوصاً أختها الكبيرة مروى التي لطالما كانت قاسية معها في كلّ ما يتعلق بأمور الدراسة، والتي تهدّدها بحرمانها من هاتفها الخاص في حال رسبت".

وفرحة ديانا يقابلها غضب شديد لدى محمد الذي يطمح إلى الانتساب إلى المدرسة الحربيّة. فمعدّله المدرسي الذي لا يتجاوز 11 من 20، قد يعيق حلمه بارتداء بذلة الضباط العسكريّة، إذ إن الانتساب هنا يشترط الحصول على معدّل 12 أو ما فوق.

ويقول: "في المدرسة لم أكن مجتهداً لكنني بذلت جهدي في الدراسة للامتحانات الرسميّة، وأتوقّع أن تكون النتيجة مرضية بالنسبة إليّ في حال قبلت هيئة التنسيق النقابيّة تصحيح الامتحانات. وإذا لم تفعل، فإنها ستقضي على طموح جهدت لتحقيقه".

من جهته، ينتظر علي قرار مدرسته بمنحه فرصة ثانية لتعديل علاماته عبر الخضوع لدورة ثانية في الرياضيات واللغة الفرنسيّة والجغرافيا. وتشير والدته إلى أن المدرسة أبلغتهم قبل أسبوع بالخطوات التي اتخذتها بسبب رفض الهيئة تصحيح الامتحانات. ولأن الإفادات المدرسيّة هي الحلّ الوحيد لإنقاذ مستقبل التلميذ، فإنها سوف تعمد في حالة الرسوب إلى احتساب معدّل السنة الدراسيّة بأكملها وإضافة عشر علامات إليه. 
دلالات
المساهمون