بدأ العام 1396 الهجري الشمسي الجديد، أول أيامه الثلاثاء، وبدأت معه عطلة عيد النوروز في إيران بشكل رسمي، ويعدّ هذا العيد الأهم لدى الإيرانيين، بتعدد طقوسه المرتبطة بعناصر الطبيعة وبأساطير تعود إلى سنين طويلة.
وأحيا الإيرانيون لحظة الانقلاب الربيعي، التي توافق رأس السنة، أمس الإثنين، في الثانية بعد الظهر، بتوقيت العاصمة طهران، وهي الساعة التي يتم حسابها فلكيا وتختلف بين عام وآخر، ليبدأ العام الجديد بعدها في 21 مارس/آذار، ويبدأ معه فصل الربيع.
واجتمعت العائلات الإيرانية خلال تلك اللحظة لقراءة دعاء العام الجديد حول سفرة يتم تجهيزها في وقت سابق، وتسمى بسفرة السينات السبع، التي تضم سبع حاجيات تبدأ بحرف السين باللغة الفارسية ولكل منها معناه، ومنها "سيب" والتي تعني تفاح بالعربية ويرمز للجمال والسلامة، "سير" وهو الثوم الذي يرمز للصحة، "سكة" وهي قطعة نقود معدنية لتكون دلالة على الرزق والبركة، فضلا عن أشياء أخرى.
كما يشتري الإيرانيون سمكة ويضعونها في حوض بالقرب من سفرة السينات السبع، ترمز للحياة، وبات وضع القرآن الكريم بعد دخول الإسلام إلى إيران لا يتجزأ من السفرة، إذ يوضع أمام مرآة وبين شمعتين مضاءتين وترمز جميعها للنور.
والنوروز تعني بالعربية اليوم الجديد، وتقول الروايات إن الاحتفال به يعود لأكثر من ستة آلاف عام، وبعد أن اعتنق الإيرانيون الزرادشتية التي ظهرت في بلاد فارس قبل 3500 عام، كانوا يحتفلون بقدوم الربيع، فالنور والنار والدفء كلها ترمز للخير والحياة.
وكان الإيرانيون قديماً يزرعون النباتات مع بدء العيد، لتنمو ويزداد معها الجمال والخضرة والبركة، وكانوا يرشون بعضهم البعض بالمياه في طقس يرمز لضرورة الطهارة قبل بدء العام الجديد. وفي الوقت الراهن، اختلفت بعض الطقوس، لكنها في مضمونها ما زالت تحتفظ بذات المعاني، فيحرص الإيرانيون على تنظيف منازلهم ورشها بالمياه قبل وصول الربيع، ويشترون ثيابا وحاجيات وحتى الأثاث الجديد لأنفسهم ولمنازلهم.
وتبدأ طقوس النوروز قبل رأس السنة بأيام أيضا، فيحتفل الإيرانيون بما يسمى الأربعاء الأحمر أو أربعاء النار، في آخر ليلة أربعاء من العام، يشعلون النار ويطلقون المفرقعات النارية، فالنار كانت ترمز للحكمة قديما، كما تطهر من الذنوب بحسب المعتقدات القديمة، وحتى وإن اختلفت المعاني اليوم، لكنّ الإيرانيين ما زالوا يحرصون على الحفاظ على هذا الطقس.
ويدخل الإيرانيون في عطلة تستمر لأسبوعين تقريبا، وينتهي عيد النوروز بطقس آخر، يحيونه في اليوم الثالث عشر من شهر فروردين، وهو الشهر الأول في التقويم الفارسي، فيحتفلون بما يسمى "عيد الطبيعة"، ويخرج الكل للحقول والبساتين المفتوحة، ولا يبقى أي إيراني في منزله، لأن البقاء تحت سقف يجلب النحس لبقية العام، وفق التقاليد.
يعود الإيرانيون بعد ذلك لحياتهم ولأعمالهم بعد ممارسة كل طقوس التجدد، التي ترتبط بمعاني ورموز تجدد عناصر الطبيعة التي لطالما تركت مكاناً هامًا في تاريخهم وحضارتهم المتوارثة.