سجل هؤلاء بالإضافة إلى كثيرين، أسماءهم في وزارة الداخلية الإيرانية في أبريل/نيسان الماضي، لكن لجنة صيانة الدستور منحت ستة منهم فقط أهلية الترشح، فانقسم المتنافسون طيلة فترة الدعاية الانتخابية إلى جبهتين، ضمت كل واحدة منها ثلاثة مرشحين، وأخذ السباق تدريجيا شكل صراع محموم بين تيارين، أحدهما محافظ ممثل بابراهيم رئيسي، وآخر معتدل إصلاحي ممثل بحسن روحاني.
اصطف كل من الرئيس الحالي حسن روحاني مع نائبه الإصلاحي إسحاق جهانغيري، وكان الوزير المعتدل السابق إبراهيم هاشمي طبا أقرب إليهما خلال المناظرات التلفزيونية، من ناحية الخطاب الموجه للإيرانيين والتركيز على الانفتاح والاعتدال باعتبارهما سبيلا لحل كافة المشكلات.
وهيأ انسحاب جهانغيري الفرصة الأكبر لروحاني، بعد أن قدم له هذا الإصلاحي كل الدعم خلال فترة الدعاية الانتخابية، وساعده بشد أصوات شريحة ما زالت تتذكر ما حل بها عقب احتجاجات انتخابات عام 2009، حيث غاب الإصلاحيون طويلا بعد تلك الأزمة، كما تفرقت رموزهم.
في المقابل، وقف كل من سادن العتبة الرضوية إبراهيم رئيسي، إلى جانب عمدة طهران محمد باقر قاليباف، وتم تصنيف الوزير المحافظ السابق مصطفى ميرسليم في جبهتهما، كونه ينتمي لحزب محافظ أيضا، رغم إصراره طيلة فترة المنافسة على النأي بنفسه عن جبهة قاليباف ورئيسي، إلا أنه انسحب أخيرا لصالح رئيسي.
كما شكل انسحاب قاليباف خطوة دعم كبرى لرئيسي، بعد أن ساعده في مهمة الكشف عن إخفاقات الحكومة الاقتصادية، ووجه تهما بالفساد لأفراد من حكومة روحاني، وهو ما جعل رئيسي المنافس الأول لروحاني في النهاية.
ويستند روحاني إلى الاتفاق النووي كأبرز إنجازات حكومته، وينطلق من هذه القاعدة عله يحصد أصواتا أكثر، ورغم أنه لم يستطع حل كافة مشاكل الاقتصاد المتهالك إثر عقود من العقوبات، لكنه ركز في شعاراته هذه المرة على ضرورة الاستمرار في تطوير العلاقات مع الخارج، معتبرا أنها ستشكل أرضية لتطوير اقتصاد البلاد، ما يعني الانتعاش وإيجاد المزيد من فرص العمل.
في المقابل، يركز منافسه إبراهيم رئيسي على ملفات الداخل، ويرى أنه يجب محاربة الفساد والطبقية، كما حاول خلال الدعاية الانتخابية أن يقنع الطبقة الأضعف في المجتمع بأنه المرشح الأنسب لهم، فزار العديد من القرى والمناطق الموزعة في الأرياف، داعيا سكانها لانتخاب الخطاب المحافظ الذي سيحل المشكلات انطلاقا من المقومات الداخلية لا من العلاقات مع الغرب، بحسب رأيه.
ولاقى رئيسي دعما سياسيا من غالبية الجبهات المحافظة، بينما حصل روحاني على تأييد شخصيات محافظة معتدلة، وأخرى إصلاحية، وأبرزها الرئيس السابق محمد خاتمي وحفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية حسن الخميني، إذ دعوا المواطنين الإيرانيين للإدلاء بأصواتهم في محاولة لدعم الرجل المعتدل أمام منافسه المتشدد الذي لا يستهان به.