وصدر عن اجتماع ميونيخ في 11 فبراير/شباط 2016، بيان من المجموعة الدولية لدعم سورية (ISSG)، والذي شاركت فيه الجامعة العربية، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة التعاون الإسلامي، والأمم المتحدة، والصين، ومصر، وفرنسا، وألمانيا، وإيران، والعراق، وإيطاليا، والأردن، ولبنان، وعُمان، وقطر، وروسيا، والسعودية، وتركيا، والإمارات، وبريطانيا، والولايات المتحدة. وتم الاتفاق على البدء بإيصال الإغاثة الإنسانية بشكل عاجل إلى المناطق المحاصرة، ومن ثم تقوم مجموعة عمل من "المجموعة الدولية لدعم سورية" خلال أسبوع واحد بوضع صيغ لوقف الأعمال العدائية في عموم البلاد، إضافة إلى التزام جميع أعضاء "المجموعة" بتسهيل التنفيذ الكامل فوراً لقرار مجلس الأمن 2254. وتم التأكيد مجدداً على استعداد دول المجموعة لتنفيذ جميع الالتزامات المنصوص عليها في القرار والتي تتضمن ضمان حدوث عملية انتقال سياسي، يملكها ويقودها السوريون، على أساس بيان جنيف بكامله.
كما نص البيان على الضغط على جميع الأطراف من أجل إنهاء أي استخدام للأسلحة ذات التأثير العشوائي، ودعم وتسريع قبول وتنفيذ وقف لإطلاق النار في عموم البلاد، وتسهيل وصول الإغاثة الإنسانية بشكل فوري إلى المناطق المحاصرة وتلك التي يصعب الوصول إليها، وإطلاق سراح جميع الأشخاص المحتجزين تعسفياً، ومحاربة الإرهاب.
أما الاتفاق الأميركي الروسي الجديد فقد أسس لتحولات كبيرة جميعها تصبّ لحساب النظام السوري. وبات الملف السوري في مرحلة مغايرة تماماً عن سابقاتها التي نصت عليها القرارات الدولية، والتي قد تكوّن إطارا سياسيا جديدا، أو رؤية جديدة للعملية السياسية وتختلف بشكل كلي عن خطة المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا أو الإطار التنفيذي الذي أعلنت عنه الهيئة العليا للمفاوضات (المنبثقة عن المعارضة السورية). ويمكن اختصار هذه التحولات بخمسة.
التحول الأول يتمثل في استبدال المجموعة الدولية لدعم سورية (ISSG) بمجموعة التنفيذ المشتركة (JIG)، ما يعني إخراج الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وباقي الدول المشاركة في بيان ميونيخ بشكل كامل، وحصر الملف بيد كل من روسيا وأميركا تماماً، مع وجود أفضلية لروسيا بسبب التراجعات الأميركية وعدم رغبتها في دخول المستنقع السوري.
التحول الثاني يأتي بتعويم النظام السوري وبشكل رسمي هذه المرة وليس كالسابق عبر التكهن أو التحليل، وذلك من خلال إشراك قوات النظام بشكل رسمي في الأعمال القتالية والتنسيق معه، وعدم التعرض لطيران النظام ودفاعاته الجوية، بل الحديث عن حماية الروس لقواته والدفاع عنها.
التحول الثالث يكمن في تبني وجهة النظر الروسية والنظام في تقديم مسار مكافحة الإرهاب أولاً قبل الحديث عن عملية الانتقال السياسي أو القضايا الإنسانية، والتركيز على محاربة تنظيم داعش وجبهة فتح الشام (النصرة سابقاً)، إضافة إلى الفصائل غير الموقعة على اتفاق وقف الأعمال العدائية. ويعكس هذا الأمر قضية حساسة، إذ إن رؤية الأمم المتحدة كانت ترى ضرورة سير مسار الانتقال السياسي ومكافحة الإرهاب في التوقيت ذاته، بينما تم في الاتفاق الأميركي الروسي الأخير الإعلان عن وقف الأعمال العدائية دون البدء بالعملية التفاوضية السياسية والتي قد لا تبدأ على الإطلاق.
أما التحول الرابع فيتمثل في إسقاط تطبيق البنود الإنسانية والتي جاءت في البنود 12 و13 و14 في القرار 2254، التي تنص على رفع الحصار عن المدن والبلدات المحاصرة، وإيصال المساعدات الإنسانية للمحاصرين، ووقف القصف، وإطلاق سراح المعتقلين. ويجعل هذا الأمر النظام مستمراً في سياسة الحصار والتجويع لدفع هذه المناطق للمصالحات الجزئية دون إطار العملية التفاوضية، أو تهجير أهلها لاستكمال عملية التغيير الديمغرافي التي ينتهجها النظام، وحلفاؤه الإيرانيون وحزب الله اللبناني.
التحول الخامس يشرعن وجود المليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانب النظام، إذ إن الاتفاق لم يتعرض لطريقة التعامل مع المليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية والأفغانية، والتي بمعظمها تعمل بشكل خارج عن سيطرة النظام. يضاف إلى ذلك الحديث عن سحب السلاح الثقيل مع التعهد بعدم التعرض لطيران النظام ودفاعاته الجوية، وهذا يشير حتماً إلى أن المقصود هو سحب السلاح الثقيل من فصائل المعارضة السورية فقط.