كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن استخدام قوات الاحتلال للمدنيين والأطفال الفلسطينيين دروعاً بشرية بصورة بشعة، وقتلهم عمداً وبشكل مباشر في حالات أخرى، خلال الأيام الماضية من الحرب على غزة، وخصوصاً في بلدة خزاعة شرق خانيونس جنوب قطاع غزة.
ونشر المرصد، شريطاً مصوراً، لشهادة أحد الناجين من مجزرة خزاعة. ويقوم الشاب رمضان محمد قديح في الشريط بإعادة تمثيل جريمة قتل والده، واستخدام آخرين دروعاً بشرية.
وبحسب شهادة قديح، فقد كان يجلس مع عائلته داخل بيتهم، وعددهم 27 شخصاً، منهم 19 امرأة وطفلاً، يوم الجمعة 25 يوليو/ تموز، حين اقتحمت قوات الاحتلال البيت في تمام الساعة الواحدة ظهراً، بعد تدمير مداخله، ونادوا عليهم للتجمع عند نقطة معينة داخل البيت.
وبحسب ما يقول قديح في افادته للمرصد، فإن والده، المواطن محمد قديح (65 عاماً)، والذي يحمل وثيقة سفر إسبانية، قال لأفراد الجيش إنهم مواطنون مدنيون ويحبون السلام، وكررها مراراً بالعبرية والعربية، ثم تقدّم خطوة باتجاه الجنود، ليُفاجأ بقيام أحد الجنود بإطلاق رصاصتين إلى قلبه مباشرة، على بعد أمتار منه فقط، ما أدى إلى مقتله على الفور أمام عيون أبنائه وعائلته.
ويضيف قديح: "بعد ذلك طلبوا منا أن نرفع ملابسنا ونكشف عن أجسامنا، ثم قاموا بتقييد أيدينا، وأخذونا إلى إحدى غرف البيت واستعملونا كسواتر، إذ جعلونا نقف على نوافذ البيت بحيث نظهر وكأننا ننظر إلى الخارج". وأضاف "أنا على نافذة وثلاثة من أبناء عائلتي على النوافذ الأخرى (وهم محمد وعلاء قديح وأشرف القرا)، فيما بدأ الجنود بإطلاق النار من جانبنا ومن النوافذ الأخرى".
ويقول قديح: "لقد بقينا على هذه الحال ونحن نقف أمام النوافذ والرصاص يتطاير من حولنا لمدة تزيد عن ثماني ساعات، ولم يسمحوا لنا بتناول الطعام أو الشراب، لقد كانوا ينقلوننا من غرفة إلى غرفة ومن نافذة إلى نافذة.. كان أمراً مرعباً، لا نعرف كيف نجونا".
أما الطفل أحمد جمال أبو ريدة (17عاماً)، فأفاد أن جنوداً إسرائيليين قاموا بتقييده، ظهر يوم الأربعاء 23 يوليو/تموز، بعدما هددوه بالقتل، وطلبوا منه أن يخلع جميع ملابسه، ثم قاموا بالتحقيق معه بقسوة، مع شتمه وضربه، إذ قام الجنود بوضع وجهه على الأرض وطلبوا منه الركوع والاعتدال مرات عدة.
ويقول الطفل أبو ريدة، الذي يعاني أوضاعاً نفسية سيئة، إن الجنود الإسرائيليين طلبوا منه بعد ذلك أن يتقدمهم في عمليات اقتحام المنازل وأماكن أخرى، بينها آبار للمياه. فكان الجنود ينتقلون به من منزل إلى منزل تحت تهديد السلاح والكلاب البوليسية التي كانت ترافقهم، وفي أحيان عديدة كانوا يطلبون منه القيام بالحفر في أماكن يشتبهون بوجود أنفاق فيها.
وبحسب الطفل أبو ريدة، والذي استمر وجوده مع القوات الإسرائيلية على هذا الحال لمدة خمسة أيام متواصلة، كان الجنود عند دخولهم لأحد المنازل يطلبون منه الوقوف في الأماكن التي من الممكن أن تتعرض لإطلاق النيران، ولا سيما بجانب النوافذ. وفي أحيان أخرى يتم تقييده ورميه على الأرض. وفي المساء يحضرونه إلى المنزل الذي ينوون البيات فيه، ويضعونه في إحدى زوايا المنزل على الأرض وهو مقيد.
وكان المرصد الأورومتوسطي، ومقره الرئيس في جنيف، أصدر نداءً تحذيرياً يوم 24 يوليو/تموز، ذكر فيه أن قوات الاحتلال تقوم بمحاصرة بلدة خزاعة واستهدافها بقصف عشوائي، وتقتحم منازل المواطنين وتتخذها كنقاط للمراقبة وانطلاق العمليات العسكرية بعد حشر السكان في إحدى غرف المنزل.
وشدّد المرصد على أن القانون الدولي الإنساني حظر استخدام المدنيين كدروع بشرية، أو استغلالهم لجعل بعض النقط أو المناطق بمنأى عن العمليات الحربية، وألزم القوات المحاربة ببذل كل جهد لحماية المدنيين الذين لا يشاركون في القتال، وإبعادهم عن أي خطر.