الاحتلال يواصل عقاب عائلة أبو خضير بسجن الأم في يوم المرأة

08 مارس 2018
الأسيرة عبير أبو خضير تودّع أولادها (العربي الجديد)
+ الخط -
هذه السنة أيضا، مثل سنوات عديدة سابقة، يتدخل الاحتلال الإسرائيلي في تفاصيل حياة عائلة أبو خضير، من بلدة شعفاط شمالي القدس المحتلة، حيث يتفاقم عقاب العائلة، منذ رحيل الشهيد الطفل محمد أبو خضير، الذي قضى حرقا على أيدي مجموعة من المستوطنين المتطرفين، قبل أربع سنوات.

واحتجز الاحتلال، الناشطة النسوية المقدسية عبير أبو خضير، زوجة الأسير ناصر أبو خضير، في سجن الرملة، تنفيذا لقرار محاكم الاحتلال التي تواصل التنكيل بالعائلة التي توزع أفرادها بين وداع الأم على باب السجن، وزيارة الأب في سجن آخر.

كانت لحظات الوداع صعبة بين الأم وولديها "أصالة" (27 سنة) و"ديار" (14 سنة). عانقت الأم نجليها بحرارة ولم تخف دموعها، بينما كانت الابنة تخفي الدمع وهي ترقب أمها التي قرر الاحتلال أن يغيّبها في يوم المرأة العالمي، وفي ظل غياب الوالد الأسير، وكأنه كتب على العائلة شتات الشمل، فكلما اجتمعت أو كادت أن تجتمع تحت سقف واحد؛ يفترق كل واحد منها في طريق إلى سجون الاحتلال.

خبَرت الأم عبير سجون الاحتلال سابقا، فهذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها السجن. سابقا كانوا يأتون إلى منزل العائلة ليلا متسللين بوحشيتهم المعهودة. لكن هذه المرة تذهب إليهم عبير برجليها لتسلّم نفسها، بعد أن قرر قاضي محكمة الاحتلال سجنها شهرين، بتهمة التصدي لجنود الاحتلال ومحاولة منعهم من الاعتداء بوحشية على نجلها.

في رحلة الذهاب إلى السجن، لم تكن ابنتها الثانية صمود أبو خضير معها لتودّعها، فقد غادرت البيت مبكرا لزيارة والدها في سجن آخر من سجون الاحتلال، حيث يقضي هناك حكما بالسجن لمدة 14 شهرا.

قبل ليلة واحدة من تسليم نفسها، كان "العربي الجديد"، في بيت عبير، التي تحدثت عن حكم آخر، في وقت سابق، على ابنتها أصالة بالخدمة العامة في مؤسسات الاحتلال لمدة شهرين، بينما حُكم على "صمود" بالعمل التطوعي لثلاثمائة ساعة، وغرامات مالية بقيمة 7 آلاف شيقل بالعملة الإسرائيلية.



وفقاً لعبير، فالقضية التي أدينت بسببها تعود لنحو سبع سنوات، على خلفية اقتحام جنود الاحتلال منزل العائلة، والاعتداء على نجلها البكر عنان، وعلى شقيقتيه أصالة وصمود، وجرى احتجاز الأم في زاوية المنزل ومنعها بالقوة من وقف اعتداء الجنود على ابنتيها، وحاولوا اعتقال صمود، فتدخلت الأم وابنتها أصالة لمنعهم، وهنا اعتدى الجنود عليهما، وقاموا بسحل الأم حتى فقدت الوعي، ولم تفق إلا داخل سجن المسكوبية، حيث احتُجزوا جميعا ليومين، قبل أن يتم الإفراج عنهم بكفالات مالية، واعتقدت العائلة حينها أن القضية منتهية.

وتقول: "الاحتلال لم ينس الواقعة، وفوجئنا، بعد أكثر من عام من وقوعها، بإعادة فتح الملف، ووجهت لي تهم الاعتداء على مجندة، وعرقلة عمل جنود الاحتلال، ودخلنا في تقاضٍ معهم لمدة سنوات انتهى بإصدار الأحكام ضدنا".



زوج عبير، القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أمضى في سجون الاحتلال ما مجموعه خمسة عشر عاما على فترات متفاوتة، تخللها اعتقال عبير مرتين، في محاولة من الاحتلال للضغط على الزوج لانتزاع اعترافات منه، وأمضت خلال اعتقالها أسابيع في زنازين السجن.

في حين اعتُقلت، خلال الأعوام القليلة الماضية، نحو 7 مرات، لمشاركتها في فعاليات شعبية مناوئة للاحتلال، وصدر بحقها، في 2013، قرار من محكمة احتلالية بالعمل المجاني الإلزامي في مؤسسات الاحتلال لمدة 6 أشهر، وكذلك العمل في مؤسسة لتخريج دورات تدريبية لجنود الاحتلال.

أحكام الاحتلال الجائرة بحق الأسرة المقدسية لم تنته بعد، فما زالت هناك أحكام صدرت وتتنظر التنفيذ، وهذه المرة بحق الابنة أصالة، وهي محامية، ستقضي الشهر القادم عقوبة العمل بدون مقابل لدى إحدى مؤسسات الاحتلال العامة.

حين غادرنا منزل العائلة في شعفاط، كانت الأم لا تزل تلملم حاجياتها برفقة صمود وديار، في حين ودّعت الابنة الأخرى التي تهيأت لزيارة والدها في السجن ونقل تحية الأم وشوق العائلة إليه، وقد عادت لتؤكد أن معنويات والدها عالية، وكانت وصيته لأبنائه أن يحافظوا على ثباتهم، وأن أبواب السجن لن تغلق إلى الأبد.

يعمّق من حزن أصالة وصمود وشقيقيهما عنان وديار، غياب الوالدين معا خلف قضبان السجن. لعلهم جميعا سيُحرمون هذا العام من الاحتفاء بوالدتهم في يوم المرأة، ولن يعدّوا لها الهدايا في عيد الأم، في الحادي والعشرين من الشهر الحالي.