لم تجد إسرائيل، سوى التعبير عن "خيبة أملها الكبيرة" رداً على قرار الادارة الأميركية، يوم الإثنين، بالتعامل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة التي توجت اتفاق مصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس"، ولا سيما أن القرار الأميركي أتى بعد ساعات فقط من إعلان الاحتلال أنه لن يجري أي مفاوضات مع حكومة الوحدة.
وقال مسؤول إسرائيلي حكومي، رفض الكشف عن اسمه، مساء الاثنين، لوكالة "فرانس برس"، إن "تعليقات وزارة الخارجية (الأميركية) حول حكومة الوحدة الفلسطينية أصابتنا بخيبة أمل كبيرة". وأضاف "هذه الحكومة الفلسطينية هي حكومة تحظى بدعم "حماس" وهي منظمة إرهابية عازمة على تدمير اسرائيل".
ورأى أنه "اذا كانت الادارة الأميركية ترغب في تقدم عملية السلام فعليها أن تطلب من (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس أن يضع حداً لاتفاقه مع "حماس" وأن يعود إلى مفاوضات السلام مع اسرائيل، وليس أن تجعله يعتقد أن تشكيل حكومة وحدة مع منظمة ارهابية هو أمر مقبول".
وأعلنت الخارجية الأميركية، أنها ستعمل مع هذه حكومة التوافق وتواصل تقديم المساعدات لها، إلا أنها حذرت بانها "تراقبها من كثب لضمان احترامها مبدأ اللاعنف".
وفي أول تعليق لها منذ أداء الحكومة الفلسطينية اليمين، أكدت وزارة الخارجية الأميركية، بحسب ما نقلت "رويترز" أنها ترى أن الحكومة الجديدة مشكلة من خبراء متخصصين وأنها راغبة في العمل معها.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جين بساكي، للصحفيين "عند هذه النقطة يبدو أن الرئيس عباس شكل حكومة مؤقتة من خبراء لا تضم وزراء مرتبطين بحماس".
واضافت "بناء على ما نعرفه الآن نعتزم العمل مع هذه الحكومة، لكننا سنتابع عن كثب لنتأكد من أنها تدعم المبادئ التي أكدها الرئيس عباس اليوم". وأشارت الى التزام عباس باحترام اتفاقات السلام السابقة والمبادىء التي تقوم عليها عملية السلام مع اسرائيل. وتجاهلت الادارة الأميركية الدعوة التي وجهت من قبل مشرعين أميركيين وتطالب واشنطن بتعليق المساعدة لحكومة التوافق الجديدة إلى أن تتأكد من التزام "حماس" بالسعي للسلام مع اسرائيل.
وهو ما عدّته إسرائيل انتكاسة لحملة التحريض التي كانت بدأتها لحض المجتمع الدولي على عدم الاعتراف بالحكومة الفلسطينة، وخصوصاً بعد قرار الاحتلال بعدم التفاوض معها.
وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، قرر يوم الإثنين، عدم إجراء أي مفاوضات مع حكومة الوحدة الفلسطينية الجديدة بين "حماس" و"فتح"، بالتزامن مع مواصلة الحكومة الإسرائيلية التحريض على الحكومة الفلسطينية، سعياً لمنع اعتراف المجتمع الدولي بها.
وكان المجلس الوزاري المصغر لحكومة نتنياهو، اتخذ أيضاً قبل شهر تقريباً، قراراً بوقف كل الاتصالات مع الطرف الفلسطيني، مع الاحتفاظ بالتنسيق الأمني.
وقال موقع "هآرتس" إن الوزراء قرروا في ختام الجلسة، التي استغرقت ساعتين ونصف، معارضة مشاركة حركة "حماس" في الانتخابات الفلسطينية المقبلة، وأن "إسرائيل ستعتبر الحكومة الجديدة مسؤولة عن هجوم ضدّها، سواء جاء من الضفة الغربية أم من قطاع غزة".
وفي سياق متصل، قرر المجلس أيضاً أن تنشط إسرائيل في الحلبة الدولية ضدّ مشاركة حركة "حماس" في الانتخابات المقبلة في إطار سياسية إسرائيلة للتحريض على حكومة التوافق، ووصْمها بـ"الإرهاب"، سعياً لمنع اعتراف المجتمع الدولي بها، وابتزاز مزيد من التنازلات من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس.
واتهم نتنياهو، بحسب ما كان متوقعاً، الحكومة الجديدة بأنها "حكومة إرهاب"، فيما دعا وزير الاقتصاد في الحكومة وزعيم حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، إلى عدم الاعتراف بالحكومة الجديدة، وعدم إقامة أية اتصالات معها، معتبراً أنها حكومة "غير شرعية".
كذلك، أفادت الصحف الإسرائيلية أن نتنياهو استبق جلسة المجلس الوزاري المصغر، وأعلن خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيس، أن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، كان تعهّد بعدم المسارعة إلى الاعتراف بحكومة الوحدة الفلسطينية.
ودعا نتنياهو الحكومات الأوروبية إلى عدم الاعتراف بالحكومة الجديدة. كما انتقد ما سمّاه بـ"نفاق الدول الأوروبية التي استنكرت عملية بروكسل، لكنها تقيم اتصالات مع حركة "حماس".
من الجدير ذكره، أن الموقف الإسرائيلي من حكومة التوافق الوطني تأتي في سياق استمرار سياسة نتنياهو، لتبرئة إسرائيل من مسؤولية فشل المفاوضات الأخيرة مع السلطة الفلسطينية، والتي دامت تسعة أشهر، من دون أن تسفر عن شيء. ويسعى نتنياهو إلى ترسيخ وجهة نظره القائلة إن موافقة حركة "فتح"، ورئيسها، على المصالحة، تعني أن الحركة فضلت المصالحة مع "حماس"، على السلام مع إسرائيل.
وشنّ نتنياهو حملة دبلوماسية تحت هذا العنوان. وفضلاً عن قرار وقف التفاوض، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن اتخاذ سلسلة من العقوبات الاقتصادية ضد السلطة الفلسطينية. وفي مقدمتها عدم تحويل الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية من إسرائيل، ومطالبة السلطة بتسديد ديونها المستحقة للاحتلال، وخصم الديون من الأموال التي تجبيها إسرائيل للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاق باريس الاقتصادي.
في غضون ذلك، اعتبر نتنياهو، اليوم الاثنين، مجدداً أنه حتى لو انسحبت إسرائيل من كافة الأراضي التي احتلتها في العام 67، وفككت كافة المستوطنات، فلن يتم تحقيق السلام لأن جذور النزاع العربي الإسرائيلي تكمن في عدم الرغبة والاستعداد بالاعتراف بوجود دولة قومية يهودية، حسبما ذكر موقع "معاريف".