تحولت تونس منذ سبعينيات القرن الماضي، إلى مقر للاستثمارات الاجنبية بمختلف مستوياتها، لتساهم بـ 3,5% من إجمالي الناتج المحلي، وفق ما أوردته إحصائيات رسمية للبنك المركزي التونسي في الستة أشهر الأولى من العام الحالي.
ورغم ذلك تعيش السوق التونسية بين مد وجزر، وفق ما يوضحه حجم الاستثمارات الأجنبية، التي تراجعت خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2014 بنسبة 24.6%، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، ووفق ما نشرته الوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الأجنبي، فإن قيمة هذه الاستثمارات بلغت خلال السنة الجارية 320.5 مليون دولار.
وتراهن الحكومة الحالية كثيراً على اللقاءات الاقتصادية والمنتديات الاستثمارية، لدعم وتشجيع المؤسسات الأجنبية على التعرف إلى الأرضية الاستثمارية في تونس، والاستثمار فيها. وقد عرفت تونس في الثالث عشر من شهر يناير/كانون الثاني الماضي فعاليات منتدى "تونس للاستثمار" تحت شعار "تونس جديدة، ديمقراطية جديدة وفرص جديدة". ولحقه، مؤتمر دولي في الثامن من سبتمبر/أيلول تحت عنوان "استثمر في تونس الديمقراطية الناشئة"، لتمويل مشاريع استثمارية، والإعلان عن اجراءات صارمة لحماية المستثمرين الأجانب والمحليين، وكذا توسيع نطاق الاستثمارات.
ووفق ما يقول الخبير الاقتصادي معز الجودي لـ "العربي الجديد"، فإن الأرقام الاقتصادية في تونس، ما زالت تشير إلى أن مناخ الاستثمار لا يوفر في الوقت الحالي العوامل التي تشجع رجال الأعمال على الاستثمار، لا سيما في المناطق الداخلية الفقيرة، التي تبقى في حاجة لمشاريع تنمية وفرص عمل."
في المقابل، يلفت الرئيس المدير العام لـ "وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي" خليل العبيدي لـ "العربي الجديد" الى أنه برغم ما يشاع عن تونس من "احتضانها للإرهاب" إلا أن المراهنة على الاستثمار الأجنبي لم تتوقف. ويشرح أن العديد من الشركات الأجنبية الكبرى المتعددة الاختصاصات، أعربت عن نيتها للاستثمار في تونس، رغم الصعوبات التي تعيشها. ويضيف العبيدي أن مثل هذه الشركات تنتظر فقط تحسن الأوضاع العامة للبلاد وخاصة الأمنية للإيفاء بالتعهدات، على أن تكون الانتخابات فرصة ذهبية لتونس لمحو الصورة السلبية عنها، بعد مغادرة 77 مؤسسة اقتصادية أجنبية لتونس خلال سنة 2013، ما عمق كثيرا أزمة البطالة.
وهذا ما يؤكد عليه الجودي، الذي يعتبر أن تونس مقبلة على مرحلة مفصلية خلال وبعد الانتخابات، "إما هي المنطلق للخروج من عنق الزجاجة، أو الرجوع عشرات السنين إلى الوراء، حيث يجب توفير الشفافية لحماية حقوق المستثمرين وضمان التنافسية".
وبالنسبة لقوانين الاستثمار، فتحتاج وفق تقدير خبير الاقتصاد وليد بلحاج، إلى مراجعات وتجديد للرؤية الاقتصادية. ويلفت الى أنه "رغم امتلاك تونس لقوانين استثمارية، إلا أن الوضع الراهن للاقتصاد، قد تجاوز تلك القوانين، وأصبح يحتاج إلى إرادة سياسية، ورؤية اقتصادية شاملة، لإصلاح المنظومة الاستثمارية التي تراجعت كثيرا"، وأبرز أن المستثمرين الجدد لا يعرفون القوانين الاستثمارية المستحدثة في تونس لأنها غير واضحة.
ويستحوذ الاتحاد الاوروبي وفق احصائيات الوكالة التونسية للاستثمار الخارجي على ما يعادل 91 % من الاستثمارات الأجنبيّة، وتحتل فرنسا المرتبة الأولى، حيث تملك ما نسبته 42 % من إجمالي الاستثمارات في البلاد. هذا وتتوّزع الاستثمارات الفرنسيّة على جميع القطاعات تقريبا، ويبلغ حجم استثماراتها في المجال الصناعي نحو 150 مليون دينار.
وفي القطاع السياحي، وفق إحصائيات "وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي"، فإن قطر صاحبة النصيب الأكبر، بعد أن دخلت بقوّة إلى السوق التونسية مباشرة بعد نجاح الثورة، واستثمرت ما قيمته 70 مليون دينار في سنة 2012، بنسبة 90 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في القطاع السياحي، الذي تحول إلى قطاع منفر منذ ما يزيد عن 3 سنوات.
مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك العالمي هي الأخرى تحولت إلى لاعب أساسي في مجال الاستثمار الوطني، لكن ماذا عن الاستثمارات العمومية؟
يجيب الخبير الاقتصادي فتحي الشامخي، عن السؤال الأخير لـ "العربي الجديد" قائلاً: "الدولة لم تخصص ولو مليما واحدا هذه السنة للاستثمار في القطاع العمومي، اذ لم تنجز أية مشاريع جديدة". ويوضح الشامخي أن الاستثمار مرتبط بتوقعات السوق والتي تعد سيئة جدا حسب تقديره، وعزا هذا التردي إلى انخفاض مستوى الادخار المصرفي من 22% قبل 2014 إلى 15% هذه السنة. تراجع وصفه الشامخي بالـ "مفزع"، حيث ذكر أن الدولة تساهم بخمس الاستثمار في تونس، إلا أن هذا المؤشر منعدم تماما هذه السنة. والمشكل بحسبه، النقصان الحاد في مدخراتها من العملة الصعبة، ما يجبرها على طلب الدين الخارجي، وذلك ما أجبرها على التعويل على الاستثمار الأجنبي الموجه أساساً الى قطاع المحروقات بنسبة تفوق 50% و البقية تستثمر في الصناعات المعملية.
من جهة أخرى، وتعليقاً على قرار المصادقة على قانون رفع الغطاء عن السرية المصرفية والذي اعتبره البعض منفراً للاستثمارات، يشرح بلحاج أن هدف القانون تمكين مصالح الضرائب من الاطلاع على الكشوفات المصرفية. وثمن بلحاج هذا القانون واصفا إياه بـ"الثوري"، معتبراً أن من سيرفضه هم "المستثمرون أصحاب النوايا الفاسدة الذين يبحثون عن منافذ للتهرب الضريبي".
وتراهن الحكومة الحالية كثيراً على اللقاءات الاقتصادية والمنتديات الاستثمارية، لدعم وتشجيع المؤسسات الأجنبية على التعرف إلى الأرضية الاستثمارية في تونس، والاستثمار فيها. وقد عرفت تونس في الثالث عشر من شهر يناير/كانون الثاني الماضي فعاليات منتدى "تونس للاستثمار" تحت شعار "تونس جديدة، ديمقراطية جديدة وفرص جديدة". ولحقه، مؤتمر دولي في الثامن من سبتمبر/أيلول تحت عنوان "استثمر في تونس الديمقراطية الناشئة"، لتمويل مشاريع استثمارية، والإعلان عن اجراءات صارمة لحماية المستثمرين الأجانب والمحليين، وكذا توسيع نطاق الاستثمارات.
ووفق ما يقول الخبير الاقتصادي معز الجودي لـ "العربي الجديد"، فإن الأرقام الاقتصادية في تونس، ما زالت تشير إلى أن مناخ الاستثمار لا يوفر في الوقت الحالي العوامل التي تشجع رجال الأعمال على الاستثمار، لا سيما في المناطق الداخلية الفقيرة، التي تبقى في حاجة لمشاريع تنمية وفرص عمل."
في المقابل، يلفت الرئيس المدير العام لـ "وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي" خليل العبيدي لـ "العربي الجديد" الى أنه برغم ما يشاع عن تونس من "احتضانها للإرهاب" إلا أن المراهنة على الاستثمار الأجنبي لم تتوقف. ويشرح أن العديد من الشركات الأجنبية الكبرى المتعددة الاختصاصات، أعربت عن نيتها للاستثمار في تونس، رغم الصعوبات التي تعيشها. ويضيف العبيدي أن مثل هذه الشركات تنتظر فقط تحسن الأوضاع العامة للبلاد وخاصة الأمنية للإيفاء بالتعهدات، على أن تكون الانتخابات فرصة ذهبية لتونس لمحو الصورة السلبية عنها، بعد مغادرة 77 مؤسسة اقتصادية أجنبية لتونس خلال سنة 2013، ما عمق كثيرا أزمة البطالة.
وهذا ما يؤكد عليه الجودي، الذي يعتبر أن تونس مقبلة على مرحلة مفصلية خلال وبعد الانتخابات، "إما هي المنطلق للخروج من عنق الزجاجة، أو الرجوع عشرات السنين إلى الوراء، حيث يجب توفير الشفافية لحماية حقوق المستثمرين وضمان التنافسية".
وبالنسبة لقوانين الاستثمار، فتحتاج وفق تقدير خبير الاقتصاد وليد بلحاج، إلى مراجعات وتجديد للرؤية الاقتصادية. ويلفت الى أنه "رغم امتلاك تونس لقوانين استثمارية، إلا أن الوضع الراهن للاقتصاد، قد تجاوز تلك القوانين، وأصبح يحتاج إلى إرادة سياسية، ورؤية اقتصادية شاملة، لإصلاح المنظومة الاستثمارية التي تراجعت كثيرا"، وأبرز أن المستثمرين الجدد لا يعرفون القوانين الاستثمارية المستحدثة في تونس لأنها غير واضحة.
ويستحوذ الاتحاد الاوروبي وفق احصائيات الوكالة التونسية للاستثمار الخارجي على ما يعادل 91 % من الاستثمارات الأجنبيّة، وتحتل فرنسا المرتبة الأولى، حيث تملك ما نسبته 42 % من إجمالي الاستثمارات في البلاد. هذا وتتوّزع الاستثمارات الفرنسيّة على جميع القطاعات تقريبا، ويبلغ حجم استثماراتها في المجال الصناعي نحو 150 مليون دينار.
وفي القطاع السياحي، وفق إحصائيات "وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي"، فإن قطر صاحبة النصيب الأكبر، بعد أن دخلت بقوّة إلى السوق التونسية مباشرة بعد نجاح الثورة، واستثمرت ما قيمته 70 مليون دينار في سنة 2012، بنسبة 90 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في القطاع السياحي، الذي تحول إلى قطاع منفر منذ ما يزيد عن 3 سنوات.
مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك العالمي هي الأخرى تحولت إلى لاعب أساسي في مجال الاستثمار الوطني، لكن ماذا عن الاستثمارات العمومية؟
يجيب الخبير الاقتصادي فتحي الشامخي، عن السؤال الأخير لـ "العربي الجديد" قائلاً: "الدولة لم تخصص ولو مليما واحدا هذه السنة للاستثمار في القطاع العمومي، اذ لم تنجز أية مشاريع جديدة". ويوضح الشامخي أن الاستثمار مرتبط بتوقعات السوق والتي تعد سيئة جدا حسب تقديره، وعزا هذا التردي إلى انخفاض مستوى الادخار المصرفي من 22% قبل 2014 إلى 15% هذه السنة. تراجع وصفه الشامخي بالـ "مفزع"، حيث ذكر أن الدولة تساهم بخمس الاستثمار في تونس، إلا أن هذا المؤشر منعدم تماما هذه السنة. والمشكل بحسبه، النقصان الحاد في مدخراتها من العملة الصعبة، ما يجبرها على طلب الدين الخارجي، وذلك ما أجبرها على التعويل على الاستثمار الأجنبي الموجه أساساً الى قطاع المحروقات بنسبة تفوق 50% و البقية تستثمر في الصناعات المعملية.
من جهة أخرى، وتعليقاً على قرار المصادقة على قانون رفع الغطاء عن السرية المصرفية والذي اعتبره البعض منفراً للاستثمارات، يشرح بلحاج أن هدف القانون تمكين مصالح الضرائب من الاطلاع على الكشوفات المصرفية. وثمن بلحاج هذا القانون واصفا إياه بـ"الثوري"، معتبراً أن من سيرفضه هم "المستثمرون أصحاب النوايا الفاسدة الذين يبحثون عن منافذ للتهرب الضريبي".