الانتخابات تشرذم المشهد الحزبي في المغرب

05 يونيو 2016
يُستبعد أن يكون للأحزاب الجديدة دور بالانتخابات(فضل سنا/فرانس يرس)
+ الخط -
على بُعد أشهر من إجراء الانتخابات التشريعية في المغرب، المقرر تنظيمها في السابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وُلدت أحزاب سياسية جديدة انشقت من أحزابها الأصلية، حيث عرف المشهد الحزبي المغربي إضافة أحزاب وليدة، أعلنت عن تأسيسها واستعدادها لخوض غمار الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
حزب "البديل الديمقراطي"، أحد هذه الأحزاب السياسية الجديدة في المغرب، خرج من رحم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي يوجد ضمن صفوف المعارضة للحكومة الحالية، ونظّم مؤتمراً تأسيسياً أعلن من خلاله الحزب عن خطه وإيديولوجيته السياسية. وأعلن الحزب الجديد، الذي يقوده علي اليازغي، وهو نجل القيادي اليساري البارز محمد اليازغي، أن حزب "البديل الديمقراطي" جاء ليرفض التوجّه "المحافظ" الموجود سواء في الدولة أو في المجتمع أيضاً. وأعلن الحزب الجديد أنه سيناضل في برنامجه السياسي ضد القوى المحافظة، سواء كانت في الدولة، أو التيارات المحافظة داخل المجتمع المغربي، في إشارة إلى الإسلاميين، مبرزاً رفضه لاستغلال بعض الأحزاب لما هو مشترك بين المغاربة، وهو الدين.
ويدعو حزب "البديل الديمقراطي" إلى "إنشاء قطب يساري يكون بديلاً للتوجهات والأحزاب اليسارية الحالية في البلاد، باعتبار أنها لم تستطع تقديم النموذج السياسي العصري اللائق بالمجتمع، والذي يستجيب لطموحات وآمال المواطنين"، مؤكداً أنه يتعين أن يرتكز على العدالة الاجتماعية وكرامة المواطن.
وعن تصوّره للنظام الحاكم في البلاد، يرى حزب اليازغي أنه يتعين أن يتطور إلى ما سماه "ملكية برلمانية" تقوم على حماية المكتسبات الديمقراطية للبلاد، معتبراً أن الملكية البرلمانية أفق سياسي مفتوح، ولكنها ليست حلاً ناجعاً لمشاكل التنمية والمجتمع.


من جهته، يستعد أوزين أحرضان، القيادي في حزب "الحركة الشعبية" المشارك في الائتلاف الحكومي، لتأسيس حزب جديد يسميه "الحركة الأصيلة"، وذلك بعد أن غادر حزبه الأم، بسبب خلافات عميقة مع قيادته الحالية، حيال عدد من المواضيع التي تتعلق بالشأن الداخلي للحزب. ويعتبر أحرضان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن اختياره ترك "الحركة الشعبية" والتحضير لتأسيس حزب سياسي جديد، لا يعود إلى الانتخابات التشريعية المقبلة، بل مرده إلى رفضه للأوضاع التي يمر بها الحزب الذي انخرط فيه منذ نعومة أظفاره، بالنظر إلى أن والده هو مؤسس الحزب وزعيمه التاريخي.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة فاس، أحمد مفيد، أنه مع بداية التحضير للانتخابات التشريعية غالباً ما تظهر أحزاب سياسية جديدة تختلف أسباب استحداثها، ومن بين هذه الأسباب نشأة بعض الأحزاب نتيجة انشقاق من أحزاب سياسية قائمة، لافتاً إلى أن "ظاهرة الانشقاقات الحزبية أصبحت بمثابة ظاهرة مميزة للمشهد السياسي في المغرب".
ويعزو مفيد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، ظاهرة التشرذم الحزبي، وظهور هيئات حزبية جديدة قبل الانتخابات، إلى عدة عوامل، منها ما هو موضوعي يتجلى في غياب أو ضعف الديمقراطية الداخلية، وهذا ما قد يدفع ببعض الأشخاص للانسحاب من حزب معين واتخاذ القرار بتأسيس حزب جديد. ومن بين الأسباب أيضاً لبروز هذه الظاهرة، بحسب مفيد، غياب أو ضعف تجديد النخب السياسية، وتداول القيادة، وعدم توفر مبدأ تكافؤ الفرص بين أطر حزب معين في الولوج للوظائف الانتخابية، أو الوظائف التي يكون التعيين فيها مبنياً على اعتبارات سياسية.
ويستطرد المحلل السياسي بالقول إن الأمر قد يتعلق بأسباب ذاتية تتجلى في إشكالية الزعامة، إذ إن بعض الأشخاص مهووسون بالزعامة ومستعدون للقيام بكل المبادرات التي من شأنها أن تجعل منهم زعماء وقادة بارزين، مؤكداً أن الانشقاقات لا ترتكز على أساس ثقافي أو إيديولوجي أو برنامجي، بقدر ما تعتمد على حسابات سياسية ضيقة ومصالح خاصة. ويشير إلى أن "حظوظ الأحزاب الجديدة في الانتخابات التشريعية المقبلة تبقى ضعيفة إن لم تكن منعدمة"، مشدداً على أن "التعددية الحزبية التي يعرفها المغرب لا تعكس تعددية سياسية حقيقية، فالتعدد السياسي يكون مبنياً على أساس تعدد المشاريع والبرامج المجتمعية، وعلى تنوع في الثقافة السياسية، وليس فقط على التزايد في عدد الأحزاب السياسية".