وتأتي الزيارة الإيطالية بعد أسابيع من العداء، إثر إعلان حفتر قصف أي قطعة بحرية تقترب من المياه الإقليمية الليبية، إثر حديث إيطالي عن إنفاذها لطلب من رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لوجود عسكري بحري لها في المياه الإقليمية الليبية، بعد أيام من لقاء الأخير بحفتر في باريس.
وكشف مصدر وثيق الصلة باللواء حفتر أنه استقبل وزير الداخلية الإيطالي، بعد انفراجات متتالية في العلاقات المصرية الإيطالية، مما قد يفتح صفة جديدة للتقارب الإيطالي مع حفتر.
وقال المصدر لـ"العربي الجديد" إن "تراجع حدة التوتر بين القاهرة وروما مؤخرا أدت إلى تخفيف التوتر بين حفتر وإيطاليا، وأقنع دبلوماسيون من دولة عربية الجانب الإيطالي بجدوى الجلوس مع حفتر"، لافتا إلى أن الأخير بدأ في التعاطي مع الضغوط الدولية من أجل انخراطه في الاتفاق السياسي والعمل داخله.
وأوضح المصدر نفسه أن "اللقاء بين مينيتي وحفتر ساده الكثير من التفاهم، حيث عبر حفتر عن انزعاجه من وجود قوة إيطالية في مصراته، ووجود آخر لافت في غرب البلاد، ولا سيما في طرابلس"، مشيرا إلى طلبه من إيطاليا توضيح حقيقة مواقفها تجاهه.
وطالب حفتر بحسب المصدر العمل مع الجانب الإيطالي من أجل الوصول إلى شكل من أشكال التفاهم مع حلفائها في غرب البلاد، ولا سيما مع حكومة الوفاق ومصراته.
وقال المصدر "لكن الوزير الإيطالي ركز حديثه على ملف الهجرة غير الشرعية، وضرورة تنسيق الوجود الفرنسي في الجنوب الليبي مع إيطاليا، كما أن ملف الاستثمارات النفطية في الهلال النفطي كان حاضرا خلال اللقاء"، مبيناً أن المعلومات بشكل دقيق لم تتسرب حول هذا الجانب حتى الآن.
لكن المصدر رجح وجود انفراجة في الأزمة الإيطالية الفرنسية من جانب، والإيطالية المصرية من جانب آخر، مما سيكون له تأثير إيجابي على انفتاح إيطاليا الداعمة بقوة في غرب البلاد لخصوم حفتر، على علاقة جديدة معه.
غير أن المحلل السياسي الليبي، صالح العزومي، اعتبر أن عوامل أخرى أكثر أهمية جعلت الرؤية الدولية تنحى باتجاه لملمة الشتات السياسي الليبي، معتبرا أن "تهديدات حفتر بملء الفراغ السياسي بقوة السلاح حال انتهاء مدة الاتفاق السياسي نهاية هذا العام شكل إزعاجا لدى دول مثل إيطاليا، التي رغبت في التواصل مباشرة مع حفتر من خلال زيارة وزير داخليتها".
وقال العزومي في حديث لـ"العربي الجديد"، "نعم قد يشكل عودة داعش وعلاقتها بتجار البشر ضاغطا على اللاعبين الدوليين، لكن مصالح إيطاليا بدت في الآونة الأخيرة موجودة في الأراضي التي يسيطر عليها حفتر والسراج، كالمنشآت النفطية ومنشآت الغاز" مشيرا إلى أن إيطاليا تسعى لإنقاذ حلفائها في غرب البلاد، كما أن فرنسا تسعى لإنقاذ حليفها في شرق البلاد بنهاية هذا العام.
وأضاف أن "انتهاء هذا العام وبدء حفتر بتنفيذ وعوده بالسيطرة المسلحة يعني اندلاع حرب أهلية جديدة، ولا سيما مع مصراته المستعدة بشدة لأي تقدم من قبل حفتر، وهو ما تريد منعه القوى الدولية".
وبيّن العزومي أن "الركون على إنهاء المشكل المتصاعد بالركون إلى انتخابات فترة انتقالية جديدة، أو انتخابات على أساس الدستور تواجهها الكثير من العراقيل، خصوصا في حال تمترس الطرفان وراء السلاح".
لكنه أكد أن الحل بيد اللاعبين الإقليميين والدوليين، في الوصول إلى تفاهمات وتسويات فيما بينهم لحفظ مصالحهم، وإمكانية دفع حلفائهم بالداخل للوصول إلى تعديلات على الاتفاق السياسي، ليكون العمل به بديلا عن الانتخابات المقرر إجراؤها مطلع العام القادم، والمرجح أن تكون نتائجها بداية حرب أهلية جديدة.