عادت التكهفات الأرضية (الحفر) للظهور مجدداً في مدينة رأس العين في محافظة الحسكة السورية، مسببة قلقاً بالغاً للأهالي كونها تهدد حياتهم وممتلكاتهم. وتحدث لأسباب مختلفة منها ما هو طبيعي ومنها بسبب أعمال حفر الأنفاق في المنطقة.
وأحدث تلك التكهفات حصل قبل أيام على الطريق المؤدي إلى المشفى الوطني في مدينة رأس العين، المتاخم للحدود السورية التركية، وأقدم عناصر مليشيا "YPG" على إغلاق الطريق على إثر ذلك.
المواطن علي الحسين (37 عاما)، وهو من رأس العين، قال لـ"العربي الجديد": "هذه الحفر الأرضية أو التكهفات ليست شيئاً حديث العهد على الأهالي فهي معروفة في المدينة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وطالما تخوف الأهالي منها، وكنا نتعايش معها رغم الخطر الذي تشكله علينا، دائماً يكون لدينا خوف من انهيار المنازل لأنها تحدث فجأة ومن دون سابق إنذار".
وأضاف "في السنوات الثلاث الماضية أصبحت الحفر كثيرة وتحدث في كثير من أحياء المدينة ومنها حي روناهي. وتحاول البلدية إيجاد حلول، لكنها غير مجدية أبداً، وفي السابق كان الحل الأبرز هو بناء مدينة جديدة بعيداً عن المنطقة هنا، وهذا الحل رغم صعوبته إلا أنه الحل الوحيد في النهاية لهذه المعضلة لكن لن يقدم عليه أحد، فالنظام في السابق كان يهمل المدينة والآن يحدث الأمر ذاته".
وأوضح أحمد ناجي المنحدر من رأس العين لـ"العربي الجديد" أنه "عدا عن أن الحفر ناتجة عن ظاهرة طبيعية، هناك قضية حفر الأنفاق في عدة جهات تحت المدينة، وهذه الأنفاق يحفرها عناصر المليشيات الكردية، ويبررون فعلهم هذا بالقول إنهم يتخوفون من هجوم على المدينة تشنه تركيا".
وتساءل ناجي: "ما ذنبنا حتى تنهار منازلنا؟"، وأضاف "هذه الأنفاق تزيد من خطر الانهيارات الأرضية، دائما يقولون لنا إن الانهيارات سببها المياه الجوفية، نعم هذا صحيح، لكن الأنفاق تؤثر بشدة أيضاً، لذلك ازداد عدد الحفر والانهيارات مؤخراً. وخلال عام 2017 حدثت أكثر من ست حفر في أنحاء متفرقة من المدينة في حين وصل العدد إلى ثمانٍ في العام الماضي".
وبحسب مصادر محلية فإن أول التكهفات وقع في مدينة رأس العين عام 1976، بعد انخفاض منسوب المياه الجوفية فيها وجفاف العديد من الينابيع البالغ عددها 365 نبعاً.
ويؤكد خبراء الجيولوجيا أن ما يؤثر على الطبقة الجيولوجية للمدينة أنها مكونة من حجر "الكارسيتي" الذي يحتاج إلى كميات كبيرة من الماء ليتصلب، وتنهار هذه الطبقة بسهولة عندما تكون غير مشبعة بالماء، وبالتالي تستمر الحفر بالحدوث مع انخفاض منسوب المياه الجوفية في المنطقة. ومن الصعب جداً القيام بأعمال لمنع حدوث الانهيارات لتكلفتها المرتفعة جداً والوقت الكبير الذي تستغرقه.
ومدينة رأس العين تقع إلى الشمال من محافظة الحسكة على الحدود السورية التركية، وكان يسكنها قبل سنوات بحدود 80 ألف نسمة، وفيها العديد من الآثار التاريخية. وتوجد في المدينة ينابيع كثيرة أهمها عين الزرقاء وعين البانوس وعين الحصيان وعين دولاب وعين الكبريت. وأثر شح المياه في السنوات الأخيرة كثيراً على هذه الينابيع، الأمر الذي انعكس أيضاً على الأهالي. وتخضع المدينة حالياً لسيطرة "قوات سورية الديموقراطية".