حاول البابا فرانسيس، في يومه الأخير من زيارة الأراضي المقدسة، أن يبدو على مسافة واحدة من الفلسطينيين والاسرائيليين؛ فبعد صلاته لدقائق أمام الجدار العنصري في الضفة الغربية، ووصوله مباشرة إلى بيت لحم من دون أن يمرّ بتل أبيب، زار اليوم حائط البراق (المبكى)، ونُصبَ قتلى جيش الاحتلال، إضافة الى نُصب ضحايا المحرقة (ياد فاشيم).
وتابع البابا اليوم، جولته التي بدأها السبت، من الأردن، بزيارة إلى مسجد قبة الصخرة في القدس، حيث خلع نعليه للدخول الى المسجد ذي القبة الذهبية. وحث البابا فرانسيس الأول، "الإخوة" المسلمين على عدم استخدام الدين ذريعة للجوء إلى العنف.
وتخلى البابا، خلال حديثه إلى مفتي القدس والسلطات الدينية هناك، عن الكلمة التي أعدت سلفاً للزيارة ليدعو المسلمين بـ"الإخوة الأعزاء" عوضاً من "الأصدقاء الأعزاء". وأضاف: أدعو الله أن يسود بيننا الحب والاحترام كإخوة وأشقاء، وأن نعي معاناة الآخرين، وألا يستغل أحد الدين في القيام بأعمال العنف".
وعقب هذه الزيارة، توجه البابا فرانسيس الأول إلى حائط البراق (المبكى)، حيث صلى وترك رسالة كتب فيها بعض الصلوات بعنوان "أبانا" باللغة الإسبانية ووضعها في أحد شقوق الحائط.
وفي خطوة غير مقررة على جدول الأعمال، زار البابا نصباً لإحياء ذكرى قتلى جيش الاحتلال في حروبهم، بمرافقة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقام البابا بهذه الخطوة وهو في طريقه من البلدة القديمة في القدس المحتلة الى نصب ضحايا محرقة اليهود (ياد فاشيم). وبدت زيارة البابا النصب محاولة من جانبه لإرضاء الإسرائيليين بعد توقفه المفاجئ عند جدار الفصل العنصري.
وخلال زيارته نصب المحرقة، ندّد البابا بالهولوكوست، مشيراً الى أنها "مأساة هائلة". كما وضع إكليلاً من الزهور على قبر تيودور هرتزل، الذي يعتبر مؤسس الصهيونية الحديثة التي أدت إلى قيام دولة إسرائيل.
وكان البابا فرانسيس الأول قد زار الضفة الغربية المحتلة أمس، حيث التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس. واعتبرت الرئاسة الفلسطينية زيارة البابا فرانسيس الأول زيارة تاريخية ومهمة، وحملت رسائل ودلالات سياسية، أبرزها ضرورة هدم جدار الفصل العنصري، مؤكدة "بأن زيارة البابا هي زيارة من دولة إلى دولة".
وقال المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة: إن توقف البابا عند الجدار الفاصل ونزوله وأداء الصلاة، هي رسالة واضحة أن الجدار يجب أن يهدم، وهي رسالة للعالم لكي يشاهد معاناة ومأساة الشعب الفلسطيني. وأكد أبو ردينة، الذي كان يتحدث للإذاعة الرسمية الفلسطينية، "على عمق العلاقة التاريخية بين دولة فلسطين والفاتيكان".
ورأى أبو ردينة، أن الزيارة حملت رسائل عدة أبرزها "أن الشعب الفلسطيني ليس وحده في معاناته من الاحتلال الإسرائيلي، ووقوفه أمام الجدار كان رسالة ثانية حول ضرورة هدم الجدار، لتحقيق العدل والسلام، كذلك وجه البابا رسالة واضحة لإسرائيل بأن ما تقوم به غير مقبول، وعليها الالتزام بالشرعية الدولية". وأعلن أبو ردينة: عباس يزور الفاتيكان في السادس من الشهر المقبل تلبية للدعوة التي وجهها البابا فرانسيس الأول إليه بهدف تعزيز العلاقات الثنائية.
وفي وقت لاحق، أعلن الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز، أنه يقبل دعوة البابا فرنسيس الأول له ولعباس، بالذهاب الى الفاتيكان للصلاة من أجل السلام. وقال بيريز للبابا، في مقره في القدس المحتلة "قدومكم الى الأراضي المقدسة فرصة مهمة لصلاة مشتركة". وأضاف "سنكون سعيدين برفع صلاة مثل هذه في بيتنا أو في بيتكم، وفقاً لدعوتكم الكريمة، ووفقاً لخياركم".