باتت محال الملابس المستعملة، أو البالة، مقصداً للأهالي داخل سورية، في مناطق النظام والمعارضة على حد سواء مع توقف أغلب المصانع عن عملها بسبب الأوضاع الراهنة في البلاد. فمع هبوط الليرة السورية أمام الدولار الأميركي ارتفعت الأسعار في الأسواق السورية، وتوجّهت أنظار الأهالي إلى الموارد البديلة ومنها شراء الملابس المستعملة.
يقول أبو فادي وهو أربعيني من حماة من أصحاب الدخل المحدود لـ"العربي الجديد" إنّ الملابس المستعملة باتت الملجأ الوحيد لأبناء الطبقة الوسطى والفقيرة في كلّ المحافظات السورية، بعد غلاء الأسعار الذي فرض كلمته على الأسواق ما لا يقدر معظم الأهالي على التأقلم معه. المميز أنّ الإقبال على البالة لم يقتصر على هاتين الطبقتين بل كان للأغنياء نصيب كبير أيضاً، إذ باتت أسواقها مقصداً لجميع فئات المجتمع لتناسب أسعارها دخل الفرد في سورية إلى حدّ ما.
يتابع أبو فادي: "قديماً لم نكن نعرف البالة التي كانت للفقراء والمعدمين فقط، لكنّ الحاجة الماسة للملابس وسط غلاء أسعار الجديد منها هي التي أوصلتنا إلى شرائها، علاوةً على حاجة النازحين لملابس تستر أجسادهم بعد نزوحهم بما عليهم لا غير. المستعمل يناسب جميع الأهالي بشكل كبير ولافت للنظر، فسعر القطعة في محل البالة يعادل نصف سعر القطعة الجديدة خصوصاً أنّ معظم قطع البالة المستوردة غير مهترئ ولا علامات على قدمه".
أما بخصوص أسعارها، فتتفاوت بحسب جودة القطعة وعلامتها التجارية. ففي محلات البالة تتوفر بضائع تناسب جميع الفئات، معظمها مستورد من الصين، وهذا ما يجعلها أرخص من البضائع الأخرى. وهناك ملابس فيها خلل ما في الخياطة من المعمل أو ملابس غير مستعملة بشكل كبير وأقرب ما تكون إلى الجديد ويطلق عليها تسمية "نوع أول" وهي أغلى سعراً، وهناك نوع ثانٍ وثالث كلٌّ حسب سعره بما يناسب طلب الزبون.
في هذا السياق، يقول الناشط الميداني في حماة حسن الحموي إنّ ظاهرة محلات البالة تشهد انتشاراً واسعاً في أسواق مدينة حماة، وهي سوق الدباغة وسوق الطويل والمرابط. وقد بات شراء الملابس أمراً ثانوياً لدى الأهالي، بل يعتبر من الرفاهية نسبة إلى أهمية توفير ثمن الطعام والشراب الذي يعانون صعوبة في تأمينه أساساً.
يشير إلى أنّ الأهالي أجبرتهم الأوضاع الراهنة على البحث عن وسائل بديلة لكل شيء للتأقلم مع ظروف حياتهم القاسية في الداخل السوري: "على سبيل المثال فإنّ السعر الوسطي لسروال رجالي جديد هو سبعة آلاف ليرة سورية (ما يعادل 14 دولاراً أميركياً) وهناك أصناف سعرها يتجاوز 10 آلاف ليرة، وهو مبلغ يعادل ثلث راتب موظف حكومي. أما المستعمل فسعره بحدود 1500 ليرة، وهناك أصناف سعرها يزيد عن ذلك بقليل بحسب الجودة ونوع القماش، فالأسرة بجميع فئات أعمار أفرادها تجد ما تطلبه بسعر يناسب دخلها نوعاً ما".
اقــرأ أيضاً
على خط متصل، فإنّ الانتشار الكبير لهذه المحلات كان سبيلاً لعمل كثير من العاطلين من العمل، ولتشغيل التجار الذين توقفت أعمالهم في أسواق حماة، خصوصاً بعد الرواج الكبير الذي شهدته هذه المهنة بين الأهالي. أبو عامر تاجر في مدينة حماة يشير لـ"العربي الجديد" إلى فتح أكثر من أربعين محلاً للألبسة المستعملة في مدينة حماة فقط، بالإضافة إلى محلات في ريف حماة الغربي. تشهد هذه الظاهرة انتشاراً أوسع في مدينتي دمشق وحمص، المفتوحتين على لبنان الذي يعتبر من المعابر الهامة لتجار هذه المهنة. كذلك، تلقى رواجاً في اللاذقية وطرطوس بسبب مجيء البضائع عبر البواخر الآتية إلى ميناءي المدينتين من بلدان مختلفة.
عن مصدر بضاعته، يقول أبو عامر: "معظم الملابس المستعملة أوروبية أو صينية المنشأ، فهي ذات نوعية جيدة بالرغم من كونها مستعملة. أشتري بضاعتي من مراكز الجملة في ريف إدلب بالكيلوغرام عبر الواتساب، من خلال معارف وعلاقات لي هناك تعمل على إيصالها إليّ عبر وسائل نقل مختلفة تدخلها إلى مدينة حماة، أو عبر تجّار مختصين بشراء كميات كبيرة من الملابس المستعملة في تركيا ولبنان وبلدان أخرى، ويعملون على جمعها في مدينة الريحانية بتركيا ومنها إلى إدلب ثم إلى حماة عبر سائقين مختصين بنقل البضائع من إدلب إلى حماة. يختلف سعرها مع اختلاف صرف الليرة، كونها مستوردة فهي تباع وتشترى بالدولار الأميركي مرتفع السعر مقابل الليرة السورية. بعد فرز كلّ صنف بحسب جودته أرتبها بحسب المواسم والعمر، فهناك ملابس شتوية وصيفية، وملابس للأطفال والكبار.
يؤكد أبو عامر أنّ هذه البضائع لم يعد شراؤها يقتصر على الفقراء وحسب، بل يمتد إلى أثرياء المدينة، نظراً للأنواع وماركات الألبسة العالمية غير المتوفرة حتى في أشهر محلات الملابس في سورية. يقول إنّ هناك محلات بالة لها زبائنها، إذ تضم ملابس بماركات عالمية، معظمها غير مستعمل، ما يعني أنّه في حالة ممتازة. يشير إلى أنّ البالة وسيلة تكيّف أوجدها البعض سبيلاً للحياة، شأنها شأن الكثير من أمور ومتطلبات الحياة في سورية كاستبدال اللحوم الطازجة باللحوم المثلجة وأثاث المنازل الجديدة والأدوات الكهربائية بالمستعملة وغير ذلك.
اقــرأ أيضاً
يقول أبو فادي وهو أربعيني من حماة من أصحاب الدخل المحدود لـ"العربي الجديد" إنّ الملابس المستعملة باتت الملجأ الوحيد لأبناء الطبقة الوسطى والفقيرة في كلّ المحافظات السورية، بعد غلاء الأسعار الذي فرض كلمته على الأسواق ما لا يقدر معظم الأهالي على التأقلم معه. المميز أنّ الإقبال على البالة لم يقتصر على هاتين الطبقتين بل كان للأغنياء نصيب كبير أيضاً، إذ باتت أسواقها مقصداً لجميع فئات المجتمع لتناسب أسعارها دخل الفرد في سورية إلى حدّ ما.
يتابع أبو فادي: "قديماً لم نكن نعرف البالة التي كانت للفقراء والمعدمين فقط، لكنّ الحاجة الماسة للملابس وسط غلاء أسعار الجديد منها هي التي أوصلتنا إلى شرائها، علاوةً على حاجة النازحين لملابس تستر أجسادهم بعد نزوحهم بما عليهم لا غير. المستعمل يناسب جميع الأهالي بشكل كبير ولافت للنظر، فسعر القطعة في محل البالة يعادل نصف سعر القطعة الجديدة خصوصاً أنّ معظم قطع البالة المستوردة غير مهترئ ولا علامات على قدمه".
أما بخصوص أسعارها، فتتفاوت بحسب جودة القطعة وعلامتها التجارية. ففي محلات البالة تتوفر بضائع تناسب جميع الفئات، معظمها مستورد من الصين، وهذا ما يجعلها أرخص من البضائع الأخرى. وهناك ملابس فيها خلل ما في الخياطة من المعمل أو ملابس غير مستعملة بشكل كبير وأقرب ما تكون إلى الجديد ويطلق عليها تسمية "نوع أول" وهي أغلى سعراً، وهناك نوع ثانٍ وثالث كلٌّ حسب سعره بما يناسب طلب الزبون.
في هذا السياق، يقول الناشط الميداني في حماة حسن الحموي إنّ ظاهرة محلات البالة تشهد انتشاراً واسعاً في أسواق مدينة حماة، وهي سوق الدباغة وسوق الطويل والمرابط. وقد بات شراء الملابس أمراً ثانوياً لدى الأهالي، بل يعتبر من الرفاهية نسبة إلى أهمية توفير ثمن الطعام والشراب الذي يعانون صعوبة في تأمينه أساساً.
يشير إلى أنّ الأهالي أجبرتهم الأوضاع الراهنة على البحث عن وسائل بديلة لكل شيء للتأقلم مع ظروف حياتهم القاسية في الداخل السوري: "على سبيل المثال فإنّ السعر الوسطي لسروال رجالي جديد هو سبعة آلاف ليرة سورية (ما يعادل 14 دولاراً أميركياً) وهناك أصناف سعرها يتجاوز 10 آلاف ليرة، وهو مبلغ يعادل ثلث راتب موظف حكومي. أما المستعمل فسعره بحدود 1500 ليرة، وهناك أصناف سعرها يزيد عن ذلك بقليل بحسب الجودة ونوع القماش، فالأسرة بجميع فئات أعمار أفرادها تجد ما تطلبه بسعر يناسب دخلها نوعاً ما".
على خط متصل، فإنّ الانتشار الكبير لهذه المحلات كان سبيلاً لعمل كثير من العاطلين من العمل، ولتشغيل التجار الذين توقفت أعمالهم في أسواق حماة، خصوصاً بعد الرواج الكبير الذي شهدته هذه المهنة بين الأهالي. أبو عامر تاجر في مدينة حماة يشير لـ"العربي الجديد" إلى فتح أكثر من أربعين محلاً للألبسة المستعملة في مدينة حماة فقط، بالإضافة إلى محلات في ريف حماة الغربي. تشهد هذه الظاهرة انتشاراً أوسع في مدينتي دمشق وحمص، المفتوحتين على لبنان الذي يعتبر من المعابر الهامة لتجار هذه المهنة. كذلك، تلقى رواجاً في اللاذقية وطرطوس بسبب مجيء البضائع عبر البواخر الآتية إلى ميناءي المدينتين من بلدان مختلفة.
عن مصدر بضاعته، يقول أبو عامر: "معظم الملابس المستعملة أوروبية أو صينية المنشأ، فهي ذات نوعية جيدة بالرغم من كونها مستعملة. أشتري بضاعتي من مراكز الجملة في ريف إدلب بالكيلوغرام عبر الواتساب، من خلال معارف وعلاقات لي هناك تعمل على إيصالها إليّ عبر وسائل نقل مختلفة تدخلها إلى مدينة حماة، أو عبر تجّار مختصين بشراء كميات كبيرة من الملابس المستعملة في تركيا ولبنان وبلدان أخرى، ويعملون على جمعها في مدينة الريحانية بتركيا ومنها إلى إدلب ثم إلى حماة عبر سائقين مختصين بنقل البضائع من إدلب إلى حماة. يختلف سعرها مع اختلاف صرف الليرة، كونها مستوردة فهي تباع وتشترى بالدولار الأميركي مرتفع السعر مقابل الليرة السورية. بعد فرز كلّ صنف بحسب جودته أرتبها بحسب المواسم والعمر، فهناك ملابس شتوية وصيفية، وملابس للأطفال والكبار.
يؤكد أبو عامر أنّ هذه البضائع لم يعد شراؤها يقتصر على الفقراء وحسب، بل يمتد إلى أثرياء المدينة، نظراً للأنواع وماركات الألبسة العالمية غير المتوفرة حتى في أشهر محلات الملابس في سورية. يقول إنّ هناك محلات بالة لها زبائنها، إذ تضم ملابس بماركات عالمية، معظمها غير مستعمل، ما يعني أنّه في حالة ممتازة. يشير إلى أنّ البالة وسيلة تكيّف أوجدها البعض سبيلاً للحياة، شأنها شأن الكثير من أمور ومتطلبات الحياة في سورية كاستبدال اللحوم الطازجة باللحوم المثلجة وأثاث المنازل الجديدة والأدوات الكهربائية بالمستعملة وغير ذلك.