لم يفلح رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي والقوى السياسية المؤيدة له، في إعادة الحياة لجلسات البرلمان المعطلة، خلال حراك امتدّ لأسبوع مضى، للتوافق مع القوى السياسية بشأنها، لا سيما بعد إعلان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي عن تحديد موعد إجراء الانتخابات، وتحميل البرلمان مسؤولية الخروج من مأزق تمرير قانونها والقوانين الأخرى التي يجب إنجازها قبل الذهاب للانتخابات المبكرة، وأهمها قانون المحكمة الاتحادية، في ظل حالة شدّ وجذب بين الأطراف الحزبية، التي تضع مكاسبها أمام أي فرصة لالتئام البرلمان المعطَّل منذ أشهر عدة.
وخلال الأسبوع الجاري، أجرى الحلبوسي اتصالات ولقاءات مستمرة مع عدد من قيادات القوى البرلمانية الكبرى لأجل عقد جلسة يتمكن من خلالها من الخروج من أزمة القوانين المعطلة، وإلقاء الكرة في ملعب الحكومة، لكن من دون جدوى.
وتنصلت رئاسة البرلمان العراقي، في وقت سابق، من مسؤولية تعطيل جلساته، مؤكدة أن عودة الجلسات "ليس سياسياً، بل صحياً" يعتمد على قرار مرتقب من خلية الأزمة بشأن الموقف من فيروس كورونا.
وقالت، في بيان لها، إن "البرلمان عقد منذ بدء الدورة التشريعية الحالية 99 جلسة، وإن عدد القوانين المصوت عليها بلغ 38 قانوناً"، مبينة أن "توقف الجلسات جاء بسبب توصيات وقرارات خلية الأزمة والسلامة الوطنية فيما يخص كورونا، وأننا بانتظار قرار هذه الجهة المعنية بجائحة كورونا، من أجل عودة الجلسات بشكل طبيعي ومستمرّ على ما كانت عليه قبل انتشار الجائحة".
لم يستطع البرلمان على مدى عدّة أشهر، التصويت على تعديلات مفترضة على قانون الانتخابات، إذ تسعى الكتل الكبيرة لأن تكون التعديلات منسجمة مع إرادتها
ولغاية الآن، بلغ عدد أعضاء البرلمان العراقي المصابين بفيروس كورونا 52 عضواً، وفقاً لما أفاد به عضو البرلمان بدر الزيادي، الذي أكد أن ثلاثة منهم بحالة حرجة.
لكن نائباً في تحالف "الفتح" في البرلمان أقرّ بأن جائحة كورونا ليست سبباً في منع انعقاد الجلسات، إذ أن النصاب القانوني للجلسات من الممكن أن يلتئم، لكن هناك كتلا سياسية لا ترغب في عود الجلسات حالياً لارتباطها بإنجاز قانون الانتخابات والمحكمة الاتحادية، وأيضاً قانون العنف الأسري الذي تعارضه أحزاب دينية وتتهمه بأنه "مستورد من الغرب"، وفقاً لقوله.
وأضاف النائب، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "الحلبوسي يحاول أن يضمن التوافق قبل انعقاد الجلسة، ليخرج البرلمان من دائرة الفشل في تمرير القوانين، ولا يريد للجلسة أن تعقد ومن ثم تفشل في تمرير أي قانون".
وأشار إلى "صعوبة الموقف، لا سيما وأن فرص التوافق صعبة للغاية، في ظل تخبط الكتل بتحديد وجهتها إزاء ملف الانتخابات المبكرة، لا سيما وأن الموعد الذي حدده الكاظمي كان مفاجئاً للجميع".
وربط "الحزب الديمقراطي الكردستاني" إمكانية تمرير القوانين بالتوافقات السياسية، وقالت رئيسة الكتلة البرلمانية، فيان صبري، إن "هناك حاجة للتوافق السياسي بشأن قانون الانتخابات، فيما يتعلق ببعض تفاصيله المختلف عليها، لأجل تمريره في البرلمان".
وأكدت، في تصريح صحافي، أن "الحزب الديمقراطي لا يقبل بأن تكون هناك معايير غير صائبة في توزيع الدوائر الانتخابية"، مشيرة إلى أن "الكرد لا يعرقلون ملف الانتخابات أو تشريع قانونها، لكن لدينا ملاحظات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار".
من جهته، دعا "تحالف النصر" بزعامة حيدر العبادي، وهو من التحالفات الداعمة لحكومة الكاظمي، إلى ضرورة عودة جلسات البرلمان، مؤكداً أن هناك ملفات كثيرة تحتاج إلى عودة الجلسات لحسمها.
وقالت النائبة عن التحالف، ندى شاكر جودت، في تصريح صحافي، إن "عدم عودة الجلسات خلال الفترة السابقة أمر يثير الاستغراب، لا سيما وأننا بحاجة إلى مناقشة وتمرير الكثير من القوانين المهمة".
وشددت على أنه "يجب أن تكون هناك محاسبة برلمانية للفاسدين"، محمّلة رئيس البرلمان "مسؤولية اتخاذ قرار بعودة الجلسات".
وعلى مدى عدّة أشهر، لم يستطع البرلمان التصويت على تعديلات مفترضة على قانون الانتخابات، إذ تسعى الكتل الكبرى التي انفردت بالحكم على مدى السنوات الماضية، لأن تكون التعديلات منسجمة مع إرادتها، وبما يمنحها فرصة الفوز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات المقبلة، وسط تقاطعات مع الكتل الأخرى المعارضة لها.