رفضت اللجنة التشريعية بمجلس النواب المصري، تعديلاً تشريعياً يقضي بإلغاء فقرة في قانون العقوبات تتعلق بعقوبة ازدراء الأديان، تقدمت بها النائب آمنة نصير، وآخرون، بعد أن أجلت اللجنة التصويت على المقترح منذ يونيو/حزيران الماضي، في أعقاب رفض وزارة العدل حذف العقوبة.
وتنص الفقرة على أنه "يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه، كل من استغل الدين في الترويج أو التحبيذ بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة، بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف الدينية المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية".
ورفض 20 عضوا باللجنة حذف العقوبة، مقابل موافقة ثلاثة نواب، وامتناع نائب واحد عن التصويت، ما دفع النائبة نصير إلى اتهام أعضاء اللجنة بـ"الدفاع عن العقوبة دون علم"، مؤكدة أن حذف العقوبة يأتي متوافقا مع قيمة الحرية المنضبطة التي يجب أن يتحلى بها الإنسان.
وقالت نصير، وهي أستاذ عقيدة بجامعة الأزهر، في كلمتها - قبل التصويت - إن "الاختلاف إرادة آلهية، ولها ضوابطها وأخلاقياتها، حتى لا يتحول الاختلاف إلى فوضى وسوء أدب وتطاول على الأديان"، معتبرة أن "حذف العقوبة لا يناقض أدب الاختلاف، وأن على المُشرع أن يحدد الأفعال التي تقضي تجريمها".
وأشارت إلى أن "المادة تنبعث منها رائحة الأنا الغاشمة، وديكتاتورية الفكر البائسة، فضلاً عن أنها تخالف المادة 67 من الدستور، والتي نصت على حرية الإبداع الفكري والأدبي، وعدم جواز تحريك الدعاوى القضائية لمصادرة الأعمال الفنية والأدبية".
وتابعت أن "المادة وضعت في ظروف استثنائية خلال أحداث الفتنة الطائفية عام 1981، ورغم ذلك لم تحم المسيحيين طوال نلك الفترة"، موجهة لومها إلى الأزهر في قضية حبس الإعلامي إسلام البحيري.
وأيدتها النائبة نادية هنري، قائلة إن "هناك مواد كثيرة عقابياً تُجرم من يتعدى على حرمة الأديان، إلا أن تطبيق المادة طاول عددا من الكتاب والمفكرين، بدءا بالمفكر الراحل طه حسين، مرورا بالكاتب الراحل نصر حامد أبو زيد، ونهاية بإسلام البحيري".
وتساءلت النائبة سوزي ناشد: "كيف نضع ضوابط تحديد معنى ازدراء الأديان؟، لأن القاضي من الممكن أن ينحرف في تفسير المادة، بحسب خلفيته الثقافية والمجتمعية"، فهاجمها أعضاء باللجنة على اتهام القضاة بالانحراف.
وقال النائب محمد مدينة إن "التمسك بنص المادة جاء لعقاب كل من يتطاول على الأديان، دون تعارض مع حرية الرأي، كيف نلغي المادة في الأجواء الحالية. بقاء النص ضرورة حتمية"، وأيده النائب شرعي صالح، قائلا إن العقوبة موجهة إلى "من يقول إن الإنجيل صناعة بشرية، أو يسيء لأئمة الإسلام".
وقال النائب جمال الشريف إن "التحقير من أي نص ديني فكرة غير مقبولة داخل المجتمع المصري، وأمر مرفوض، والإشكالية ليست في النص، وإنما في التوسع في التطبيق في بعض الأحيان".
من جهته، قال مستشار رئيس البرلمان، محمود فوزي، إن "الدستور وحدة واحدة، والمادة 53 منه اعتبرت الحض على الكراهية، وإثارة الفتن، جريمة تستوجب العقوبة، رغم نصها على أن حرية الرأي والتعبير مكفولة".