يتجه مجلس النواب المغربي إلى منع تعدد الأجور والتعويضات لدى موظفي الإدارات العمومية والمؤسسات الدستورية والإدارية، والهيئات المهنية المنتخبة، من خلال مقترح قانون تتم مناقشته يرمي إلى تحديد السقف الأقصى للأجور والتعويضات، ومنع تعدد الرواتب لدى كبار موظفي الدولة.
ويناقش البرلمان المغربي، اليوم الثلاثاء، مقترحي قانون، الأول عرضه حزب الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب، ويدعو إلى سن قانون يمنع تعدد الأجور والتعويضات في الهيئات الترابية والمهنية المنتخبة والمؤسسات الدستورية والإدارية، ومحاربة المظاهر المسيئة للحياة السياسية والحزبية بالبلاد.
وبحسب مقترح القانون الجديد، سوف يمنع على البرلماني الجمع بين أجرتين أو أكثر، أو تعويضين أو أكثر، عند مزاولة انتداب أو وظيفة انتخابية في الهيئات المحددة بالفصل 135 من الدستور، والتي تصرف من ميزانية الدولة، أو المؤسسات العامة، بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
وأما مقترح القانون الثاني، فقد تقدمت به أحزاب الأغلبية بمجلس النواب، ويستهدف "تحديد سقف أقصى للأجور والتعويضات في الإدارات العمومية والمؤسسات والمقاولات العمومية، كخطوة للحد من ظاهرة ارتفاع التعويضات في الإدارات العمومية بالبلاد".
وفي السياق، ذكر أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق في جامعة محمد الأول بمدينة وجدة، عثمان الزياني، أن مقترحي القانون يأتيان في سياق صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات، والذي بموجبه تم تحديد جملة من الاختلالات التي تشوب قطاع الوظيفة العمومية.
وأشار الزياني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى ارتفاع كتلة الأجور مقارنة بالناتج الداخلي الخام، والتي تبقى مرشحة للارتفاع مستقبلا، مبرزا أنه "على رأس هذه الأسباب هناك وجود ظاهرة الجمع بين الأجور، على مستوى موظفي الإدارات العمومية والمؤسسات الدستورية والإدارية، والهيئات الترابية والمهنية".
واعتبر المحلل ذاته أن "التفكير في اتجاه اعتماد قانون يمنع الجمع بين الأجور، هو مسألة محمودة وتشكل عين العقل والصواب من أجل التصدي لهذه المعضلة، التي أصبحت تؤرق ميزانية الدولة، والتي يمكن اعتبارها نتاج ريع تعدد المناصب، وتتناقض إلى حد كبير مع نبل وغاية إقرار مبدأ التنافي".
وتوقع أن يساهم "إقرار قانون الحد من الجمع بين الأجور إلى حد كبير في ترشيد النفقات ومحاربة الريع، وإحداث عدالة حقيقية على مستوى كتلة الأجور وفق نظام الاستحقاق، سعيا وراء تحقيق الحوكمة في التدبير والتسيير لمختلف مؤسسات الدولة، وهجر ثقافة الاغتناء غير المشروع على حساب المناصب".
وسجل المتحدث أنه "في ظل تنامي الاحتجاجات الاجتماعية وحالة التذمر لدى فئات عريضة من المجتمع، وارتفاع مستويات الفقر، وأمام تصاعد مطالب الرأي العام بخصوص ضرورة القطع مع منظومة الريع بكل أشكاله وأنواعه، فإن إقرار قانون من هذا القبيل سيلقى استحسانا عند المواطنين، وسينسجم إلى حد كبير مع بعض الإجراءات التقشفية التي يحملها قانون المالية 2018".
ولفت الأستاذ الجامعي إلى أن "مقترح القانون الجديد سيلقى حتما المعارضة والمجابهة من عدد من المستفيدين، ما يطرح معه إشكالية مدى إمكانية النجاح في تمريره، وبأي صيغة ومضمون سيكون إذا ما تم اعتماده".