ويأتي ذلك في ظلٍّ حراك متصاعد تستعد له قوى عدة في البصرة، لاستئناف حركة الاحتجاجات المطالبة بالخدمات والوظائف.
وخلال جلسة استثنائية عقدت مساء أمس، صوت أكثر من 20 عضواً في الحكومة المحلية على طلبٍ رسمي لتحويل المحافظة الى إقليم.
وقال رئيس المجلس صباح البزوني، إن "الخطوة تأتي لحماية المحافظة من المركزية المقيتة، وسنعمل على تفعيل الجهود التي تتوافق مع رؤية التوجه نحو الإقليم، من سياسيين وناشطين وتنسيق التظاهرات وتنسيقياتها من أجل إنصاف المحافظة، وأخذ استحقاقاتها الإدارية والمالية من الحكومة الاتحادية".
وعقب ذلك، رفع مجلس البصرة الطلب الرسمي إلى الدائرة القانونية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة بصدده.
وسبق لمحافظة البصرة أن طالبت خلال سنوات سابقة، في عهود حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية، ثم حكومة حيدر العبادي، بتشكيل إقليم إداري، تحت عنوان عدم منح البصرة استحقاقها من التنمية والمشاريع من قبل الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003، لكنّ محاولاتها السابقة في الوصول إلى انتزاع حقّ تنظيم استفتاء شعبي إزاء تحول البصرة إلى إقليم لم تنجح رغم قانونيتها، لأسباب سياسية مختلفة، ومعارضة بغداد.
ووفقا لأعضاء في مجلس المحافظة، فإن الطلب الجديد الذي تمّ التصويت عليه، وهو الثالث في أقل من ست سنوات، تدعمه شرائح مختلفة من سكان البصرة، وسيحصل على أغلبية مريحة في حال إجراء استفتاء شعبي للانتقال بالبصرة من محافظة إلى إقليم إداري له امتيازات مختلفة تشبه ما حصل عليها إقليم كردستان العراق.
ويؤكد مسؤولون محليون أنّ تصويت المجلس يعدّ الخطوة الأولى رسمياً نحو الإقليم، وسيتبع ذلك تحرك قانوني لاستكمال الإجراءات.
وقال عضو تحالف الإصلاح عن المحافظة، جبّار المياحي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تأييداً شعبياً واسعاً لتحويل البصرة الى إقليم، خاصة أنّ المحافظة أهملت على مدى الحكومات السابقة من دون استثناء"، مبيناً أنّ "تصويت المجلس فتح الباب للإجراءات الرسمية القانونية، والتي ستأخذ مجراها رسميا لإكمال الإجراء".
وأضاف المياحي أنّ "الطلب سيتم رفعه الى مفوضية الانتخابات، التي ستبت فيه في حال كان مستوفياً للشروط، ومن ثم يحال الى الاستفتاء الشعبي"، مشيراً إلى أنّ "الإجراء قانوني، ولا يتقاطع مع الدستور".
ورغم أن حكومة البصرة المحلية اتبعت الإجراءات الدستورية، إلا أن مراقبين وسياسيين يشككون في إمكانية إنفاذ المشروع لاعتبارات سياسية داخلية، وحتى خارجية، إذ إن تحول البصرة إلى إقليم، سيفتح شهية محافظات أخرى سبق لها أن طالبت بذلك، كالموصل والأنبار وكركوك، ما يعني إضعاف مركزية بغداد. وبحسب عضو الحزب الشيوعي العراقي ملاذ حسين، فإن احتواء البصرة على أكثر من ثلث نفط العراق يشكل بحد ذاته، عائقاً أمام الخطوة، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد" أن "منح الحقوق وتوفير الخدمات يغني الناس عن التفكير بمشاريع قد تكون ثورية في كثير من الأحيان، مثل مطلب التحول لإقليم".
من جهتها، تدعم المنظمات الشعبية وتنسيقيات التظاهرات هذا الحراك، مؤكدة أنّ البصرة لن تحصل على حقوقها في ظلّ المركزية.
وفي هذا الصدد، أعرب الناشط المدني بسام المازني، لـ"العربي الجديد"، عن "تأييد التوجه نحو الإقليم"، مؤكداً أنه "هذه المرة لا تراجع عن هذه الخطوة، فالبصرة عانت الكثير على يد النظام المركزي".
وقال المازني إن "المحافظة تعرضت لإجحاف كبير، ومطالبات المتظاهرين تم تسويفها ولم يتحقق شيء منها"، مشدّدا على رفض الناشطين "التراجع عن هذه الخطوة، وسيتبناها جميع المتظاهرين".
ويمنح الدستور العراقي حرية للمحافظات، أو لمحافظات عراقية عدة، بتقديم طلب للانتقال إلى إقليم بعد إجراء استفتاء شعبي من قبل مفوضية الانتخابات، ويجب أن يحظى الطلب بموافقة أكثر من نصف المواطنين في تلك المحافظة، ليكون الإقليم إدارياً على غرار إقليم كردستان العراق.