تجددت، اليوم الجمعة، التظاهرات المطالبة بالخدمات وتحسين المستوى المعيشي في محافظة البصرة (جنوب العراق)، فيما تحاول خلية الأزمة الوزارية المكلفة بمتابعة ملف الاحتجاجات تهدئة الأوضاع من خلال الحديث عن توفير وظائف لأبناء المحافظة.
وتجمع عشرات المتظاهرين أمام مبنى الحكومة المحلية في البصرة، بحسب مصدر محلي قال لـ"العربي الجديد"، إن المتظاهرين طالبوا بإقالة المحافظ أسعد العيداني بسبب عدم إيفائه بوعوده، مشيرا إلى "وجود نقمة ضد المحافظ الذي اتهمه المتظاهرون بالتلاعب بعشرة آلاف درجة وظيفية خصصها رئيس الوزراء حيدر العبادي للبصرة في وقت سابق".
ولفت المصدر إلى ترديد المتظاهرين شعارات منددة بعمل مجلس محافظة البصرة الذي تسبب بتردي الوضع الخدمي في المحافظة، مطالبين المجلس بالرحيل في حال عجز عن معالجة الأزمات التي تعاني منها البصرة.
ونقلت وسائل إعلام عن ناشطين عراقيين قولهم إن العشرات من شباب محافظة البصرة وجدوا ملفات طلبات تعيينهم في وزارة النفط ملقاة على شارع رئيسي وسط البصرة، واصفين هذا الأمر بـ"المهزلة".
من جهته، قال رئيس خلية الأزمة الوزارية المكلفة بمتابعة ملف التظاهرات، وزير النفط جبار لعيبي، إن لجنته أنجزت تقريرها النهائي بشأن تقديم الخدمات، وتوفير فرص العمل، مبينا في تصريح لراديو محلي، أنه نسق مع شركات نفطية ومقاولين من أجل توفير وظائف لأهالي البصرة.
وأشار لعيبي إلى أن هذه الدرجات الوظيفية ستوزع على ذوي الشهداء، وبعض المواطنين بصفة حارس، واختصاصات أخرى، موضحا أن رئيس الوزراء العراقي يعمل على إيجاد مخرج مالي وبوابة لتأمين مرتبات العشرة آلاف وظيفة التي أطلقت للبصرة.
موافقة ضمنية للسيستاني
وعلى الرغم من تعويل المتظاهرين على موقف مباشر من المرجع الديني علي السيستاني، حيث كان من المتوقع أن يجدد دعمه للاحتجاجات في خطبة صلاة الجمعة، إلا أن ممثل السيستاني في كربلاء عبد المهدي الكربلائي، تجاهل الإشارة إلى التظاهرات بشكل مباشر، كما أنه لم يبين موقف المرجعية الدينية من أحداث أسبوع كامل من التظاهرات والقمع المقابل لها، واكتفى بدعوة السلطات العراقية إلى تقديم الخدمة للشعب من خلال سقف زمني محدد، مشددا في خطبة الجمعة على ضرورة وجود ثقة بين الخادم من جهة، والأطراف التي تريد الخدمة من جهة أخرى.
وفسر هذا الموقف مراقبون ومهتمون بالشأن العراقي على أنه موافقة ضمنية من المرجعية الدينية على الاحتجاجات، ولو كانت تجدها خطأ لصرحت بذلك، من منطلق شرط صحة إقامة صلاة الجمعة بالمذهب الجعفري هو (تحديد نقاط الخلل والخطر).
وقال الخبير بالشأن العراقي الدكتور سليم الموسوي لـ"العربي الجديد"، إن عدم ذكر المرجعية العليا للتظاهرات يعني قبولا ضمنيا بها.
وأضاف الموسوي "تأييد المرجعية أيضا للمتظاهرين يعني أنها ستأخذ منحى خطرا وستتسع في كل مدن الجنوب، والتأييد هنا يعني بمثابة فتوى، لذا اكتفت بالمطالبة للحكومة بتلبية مطالب الجمهور وتوفير للخدمات ضمن سقف زمني محدد".
إلا أن المرجع الديني العراقي، محمد تقي المدرسي، حذر من فتح أبواب جهنم على العراق في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه، مؤكدا في بيان، أن الأحداث الأخيرة أشارت إلى وجود ثغرات في عملية التواصل بين أبناء الشعب من جهة، والأجهزة المكلفة بتوفير الخدمات من جهة أخرى.
ولفت المدرسي إلى أن هذه الثغرات هي التي سمحت للبعض باستغلال ضعف الخدمات للقيام بأعمال غير مقبولة.
ودعا القيادات السياسية إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية في رأب الصدع، منتقدا ضعف أداء المسؤولين العراقيين في مسألة توفير الخدمات، وشدد على ضرورة الحد من المطالب المبالغ بها، والتراضي على حلول وسطية.