البلجيكي دي بروين مع فولفسبورج..المتعة قبل البطولات

02 فبراير 2015
دي بروين ترك تشيلسي ليلقن البافاري درسا (العربي الجديد)
+ الخط -

 "لم أترك تشيلسي من أجل عدد دقائق أكثر، ولكن لأنني افتقدت المتعة، والشغف، لذلك قررت الرحيل، لأن كرة القدم بالنسبة لي تعني السعادة والفرحة"، هكذا تحدث البلجيكي الشاب، كيفن دي بروين، إبان انتقاله إلى فريق فولفسبورج بعد ملازمته الدكة في صفوف النادي اللندني، ليبرهن أن كرة القدم عبارة عن قرار ذكي يُترجم إلى نجاح مذهل داخل الملعب، كما حدث خلال قمة البوندسليجا لهذا الأسبوع.

لا تظلموا الفائز
عمل جوارديولا كثيراً، خلال الدور الأول من الموسم، على تقوية خط دفاعه، ومحاولة حماية فريقه من المرتدات الخطيرة، لذلك لعب بأكثر من خطة داخل نظام تكتيكي مرن غير ثابت، وكانت النتائج عبقرية سواء بالدوري الألماني أو بطولة دوري أبطال أوروبا، ولم يستقبل الفريق البافاري أهدافاً من مرتدات في البوندسليجا، باستثناء هدف ماركو رويس في مباراة القمة التي انتهت بفوز بايرن على بروسيا دورتموند بهدفين مقابل هدف.

لكن مع بداية الدور الثاني، وضحت تماماً معاناة بايرن بشدة، وكأن فترة التوقف الطويلة قد أثرت بالسلب على لاعبي الفريق، وجعلتهم أقل قوة في التعامل مع طريقة لعب المنافس، وبالطبع كانت اختيارات جوارديولا غير مثالية، وبكل تأكيد لعبت الإصابات دوراً محورياً في اللعب بتشكيلة معينة، لكن أيضاً قراءة المدرب الإسباني لمجريات اللعب لم تكن على المستوى المطلوب.

سوء مستوى البطل حقيقة واضحة، لكن يجب الحديث عن الأداء غير الطبيعي لفريق فولفسبورج ومدربه، ديتر هيكينج، الذي عرف من أين يُضرب بايرن، ونجح في تطبيق الضغط العالي بكامل طول الملعب على خصمه، خصوصاً منطقة الوسط مستغلاً بطء كلٍّ من تشابي ألونسو وشفاينشتايجر، لذلك كلما استلم لاعب من ميونخ الكرة، ينقض عليه ثنائي من فولفسبورج وعلى رأسهم لاعبا المحور، أرنولد وجوستافو.

نجم المباراة
لعب بايرن بخط دفاع متقدم، لكن من أجل تطبيق هذه الاستراتيجية يُفترض وجود دفاع سريع وديناميكي، ومع غياب بن عطية خسر بيب الرهان مع اعتماده على المتواضع دانتي، وبالتالي أصبح مربع البايرن الخلفي غير قابل أبداً للتمرير، وإذا مرر فإن التمريرة تكون في غاية الصعوبة، بين كلٍّ  من بواتينج، دانتي، الونسو، شفايني، مما جعل اختراق الدفاع يسيراً أمام كل هجوم أصحاب الأرض.

ومن أجل اكتمال اللوحة الجماعية رفيعة المقام، جاء تألق البلجيكي، كيفن دي بروين، ليكتب النهاية الأليمة للبطل الألماني المخضرم، فالرقم 14 لعب مباراة العمر، وتحرك في كل أرجاء الثلث الهجومي الأخير بين الأطراف والعمق، مع العودة للضغط على وسط بايرن ومساندة ارتكاز فريقه، ومع قلة السرعة البافارية، ظهر دي بروين في قمته نتيجة مهارته وذكائه في ملء الفراغات بين الخطوط.

دي بروين لم يجلس على دكة تشيلسي، وأراد التألق في مكان آخر، ومع فارق الإمكانيات الشاسعة بين الجانبين، إلا أن البلجيكي الصغير اختار الطريق الأصعب، أن يلعب بشكل مستمر ويصنع النجاح في أي مكان، لذلك وجد نفسه سريعاً في الدوري الألماني، وسجل هدفين رائعين مع صناعة كاملة لكل هجمات فولفسبورج الخطيرة، وبالتالي استحق تماماً نجومية المباراة حتى النهاية.

رؤية رفيعة المقام
يمتاز صانع اللعب الحديث بالمهارة الخالصة والقدرة على تسجيل الأهداف وصناعتها، مع قدرات دفاعية حقيقية تؤهله للعودة إلى منطقة الوسط لمساندة محاور الارتكاز، وبالتالي أصبح هذا اللاعب خلال السنوات الأخيرة خليطاً بين المهام الهجومية الواضحة والنزعة الدفاعية التي تحميه في المواقف الصعبة ضد لاعبي المنافس، لذلك برزت أسماء بقيمة سيلفا، ماتا، فابريجاس، مودريتش، وانيستا في المركز 10 بالمستطيل الأخضر.

ولاعب مثل دي بروين باستطاعته الوصول إلى مستوى وقيمة هؤلاء النجوم، خصوصاً مع تألقه اللافت للنظر هذا الموسم مع فريق فولفسبورج ومنتخب بلجيكا، ورغم أن كرة القدم البلجيكية أنجبت مؤخراً مواهب شابة على أعلى مستوى، كلوكاكو وهازارد وكورتوا والبقية، إلا أن كيفن الصغير يملك ميزة خاصة جداً تجعله أقرب إلى التفوق على كل أقران جيله، حيث أن اللاعب يتفوق على الجميع في "الرؤية" الكروية رفيعة المقام.

هذه الخاصية تجعل مدرب البلجيك يختار دي بروين في العمق، بينما يضع هازارد وميراليس على الأطراف، وذلك بسبب التقنية القيادية التي يتمتع بها صانع اللعب في العمق، لأنه لا يكتفي بالمراوغة أو الصناعة، بل يتحرك دائماً في الفراغات، ويحصل على التمركز المناسب، ويعرف كيف يمرر الكرات في الوقت المناسب.

رقمياً، سجل دي بروين هذا الموسم في الدوري خمسة أهداف، كلها من عمق الهجوم سواء بالخلف أو الأمام، وصنع أهدافاً عديدة وفرصاً بالجملة من موقعه، ليكتب شهادة جديدة مع التألق هذا العام.

المساهمون