أقرّ التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية، اليوم الخميس، بما وصفه "احتمال وقوع أضرار جانبية وضحايا وخسائر أرواح للمدنيين"، في المجزرة التي ارتكبها الشهر الماضي، في إحدى أكثر المناطق اشتعالاً بالمواجهات المباشرة، وهي مديرية الدريهمي، جنوب مدينة الحديدة، ما أسفر عن مقتل 27 شخصاً معظمهم أطفال.
وصرح المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، العقيد الركن تركي المالكي، في بيان، باحتمال "وقوع أضرار جانبية وخسائر أرواح للمدنيين، أثناء عملية استهداف عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية التابعة لإيران بمنطقة الدريهمي بمحافظة الحديدة".
وجدد المالكي تأكيد "التزام القيادة المشتركة للتحالف بتطبيق أعلى معايير الاستهداف، وكذلك تطبيق مواد القانون الدولي الإنساني"، لتفادي وقوع ضحايا بين المدنيين.
وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، أعلن أنّ ما لا يقل عن 26 طفلاً و4 نساء قتلوا في غارتين للتحالف، مطالباً بإجراء تحقيقات مستقلة في الهجمات التي تستهدف مدنيين في البلد الغارق في الحرب.
وفي السياق، احتشد أمس الأربعاء، آلاف اليمنيين في مدينة صعدة، للمطالبة بمحاكمة التحالف على هجوم جوي أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص بينهم 40 طفلاً كانوا في حافلة، الشهر الماضي.
وكان التحالف وصف الضربة في البداية بأنها "مشروعة"، واتهم الحوثيين باستخدام الأطفال دروعا بشرية، لكنه أقر، يوم السبت، بأن الهجوم غير مبرر وتعهد بمحاسبة المسؤولين عن هذا الخطأ.
وحمل المحتجون صوراً ضخمة لبعض الأطفال، الذين قتلوا في الضربات الجوية أثناء مسيرة على طريق رئيسي في المدينة.
كما دعت لافتات أخرى إلى مقاطعة المنتجات الأميركية.
وقائمة انتهاكات التحالف لحقوق الإنسان طويلة، بعضها يرتقي إلى جرائم حرب، وتبدأ بقصف أهداف مدنية مروراً بالاختفاء القسري والتعذيب والاغتصاب وصولاً إلى انتهاك الكرامة الشخصية.
وباتت تلك الانتهاكات تلاحق التحالف رسمياً، بعد التقرير الذي أعده فريق خبراء يتبع للأمم المتحدة أواخر الشهر الماضي ويعنى بالتحقيق في الانتهاكات في اليمن، ما يضيق الخناق على التحالف ويضع قادته في دائرة المساءلة عن الجرائم التي تحدّث عنها التقرير الذي جرى تسليمه إلى مفوض حقوق الإنسان، ومن المقرر أن يعرض أمام المجلس في دورته في الشهر المقبل.
ويشمل التقرير تحديد أسماء من يشتبه بمسؤوليتهم المباشرة عن جرائم الحرب في البلاد، ما دفع التحالف في وقت سابق إلى المسارعة في الإعلان عن أنه شرع بمراجعة تقرير فريق الخبراء الدوليين، وأنه سيتخذ "الموقف المناسب من التقرير بعد المراجعة القانونية"، وذلك على عكس مرات سابقة تجاهل فيها تقارير تنتقد جرائمه.
ويعدّ التقرير الأممي الأول من نوعه الذي يوجه الاتهامات بانتهاكات واسعة إلى التحالف، فيما وثقت منظمات حقوقية عدة، بينها "هيومن رايتس ووتش"، فضلاً عن وكالة "أسوشييتد برس"، فصولاً عدة من الانتهاكات التي ارتكبت في اليمن على أيدي التحالف السعودي - الإماراتي، خصوصاً في ما يتعلق بالمجازر التي تطاول المدنيين والانتهاكات في السجون التي تديرها قوات أبوظبي.
(العربي الجديد، وكالات)