وأوضحت المصادر المصرية لـ"العربي الجديد"، أنّ القاهرة كانت قد تعاقدت مع شركة ألمانية لم تتمكّن من استرجاع البيانات المفقودة لمضي المدة، ثمّ تعاقدت مع مكتب خبرة روسي تمكّن من استعادة 1.5 غيغا بايت فقط من البيانات. وتبيّن من جلسات البحث المشتركة بين ممثلي النيابتين المصرية والإيطالية والمكتب الروسي، وجود ثغرات تقنية تتمثّل في مواد متآكلة وغير واضحة للفترة الزمنية المرجو فحصها.
وذكرت المصادر أنّ فحص الإيطاليين لكاميرات المترو سيخفف الضغط الذي كان يمارسه المدعي العام الإيطالي جوسيبي بينياتوني، على نظيره المصري، نبيل صادق، أخيراً، لاستدعاء عدد من رجال الأمن المصريين إلى روما للتحقيق معهم في مزاعم رؤيتهم لريجيني للمرة الأخيرة في محطة مترو أنفاق الدقي بمحافظة الجيزة، كبديل عن عملية استرجاع بيانات كاميرات المراقبة.
ويعتقد الجانب الإيطالي أنه تمّ القبض على ريجيني في محطة المترو المذكورة بواسطة جهاز أمني أو استخباراتي، باعتبارها آخر مكان شوهد فيه الطالب قبل اختفائه التام، ثمّ ظهور جثمانه، وذلك في إصرار إيطالي على استبعاد جميع الافتراضات الأخرى المطروحة من قبل الأجهزة المصرية، وعلى رأسها تورّط عصابة في قتل ريجيني بهدف السرقة، أو تورطه في العمل مع جهاز استخباراتي أجنبي، أو في مشاكل شخصية مع أفراد مصريين أو أجانب.
ولا تزال القاهرة ترفض إرسال أي مسؤولين أمنيين للتحقيق معهم في روما، في حين أرسلت تقارير مترجمة من التحقيقات التي أجراها فريق التحقيق المصري المختص مع رجال الأمن بمحطة المترو، وجميعهم من أمناء وأفراد الشرطة، إذ تمّت ترجمة الأوراق بواسطة مترجمين معتمدين لدى الجهتين.
وأشارت المصادر إلى أن "الجانب الإيطالي لم يسلّم النيابة المصرية حتى الآن تفاصيل التحقيقات التي أجراها مع الأكاديمية المصرية مها عبد الرحمن، الأستاذة بجامعة كامبريدج، والمشرفة العلمية على ريجيني في مقر الجامعة وليس في إيطاليا، وكذلك تفاصيل الاتصالات التي جرت مع بعض الأكاديميين الذين أشرفوا على عمل ريجيني بالقاهرة".
إلى ذلك، أوضح مصدر دبلوماسي مصري في ديوان الخارجية، أن السفارة الإيطالية بالقاهرة أبدت للخارجية المصرية رضاها عن الاستجابة "المتأخرة" من السلطات القضائية المصرية، حيث تمّت هذه الخطوة بعد إلحاح إيطالي على تحريك المياه الراكدة في التحقيقات، وتحديداً منذ لقاء الجانبين في القاهرة في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث تم الاتفاق على أن يكون استرجاع البيانات أوّل إجراء مصري قبل إبداء الرأي فيما وصلت له النيابة المصرية من معلومات.
واستبعد المصدر الدبلوماسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تستفيد إيطاليا بأي شيء من التسجيلات التي تم تفريغها، قائلاً: "روما تدرك جيداً صعوبة الحصول على معلومات موثقة من المصريين، ولذلك فهي تحاول البحث عن ثغرات لطمأنة الرأي العام الإيطالي، في ظلّ الضغط الذي تمارسه بعض الأحزاب اليسارية وعائلة ريجيني، وصولاً لإعلان والدته أنها ستبدأ إضراباً عن الطعام منتصف الشهر الماضي.
ولم تشهد القضية حتى الآن تغيّرات بارزة، في وقت يوصف فيه التعاون المستمر بين القاهرة وروما على مدار عامين بـ"الإجرائي" فقط، لاقتصاره على تسليم أوراق التحقيقات والوثائق التي توصّلت إليها النيابة المصرية مترجمة ومفرّغة إلى الجانب الإيطالي، علماً أنه سبق للمدعي العام لروما أن انتقد الأوراق المصرية المرسلة إليه من ملف القضية، ووصفها بالغامضة وغير القابلة للقراءة.
وحققت النيابة العامة المصرية، في إطار هذه القضية، مع نحو 15 مسؤولاً أمنياً، لكنّها لم توجّه الاتهام حتى الآن لأي منهم بقتل ريجيني، كما لم تبلغ ذوي العصابة المقتولة بتهمة قتل الطالب الإيطالي، والتي ثبت براءة أعضائها فيما بعد، باتهام أي مسؤول أمني بقتلهم، وكل ما فعلته أنها وضعت أقوال المسؤولين الأمنيين في يد الجانب الإيطالي. ومازالت النيابة تحقق في شبهة صلة العصابة بقتل ريجيني، لحساب جهاز أو مسؤول أمني، بعد إخضاعه للمراقبة بناء على بلاغ نقيب البائعين الجائلين، وتعذيبه احترافياً لأيام، بهدف إبعاد الشبهة عن الشرطة.
يذكر أنّ التحقيقات أثبتت كذب الرواية الأمنية التي روجتها الداخلية المصرية في مارس/آذار 2016 عن مسؤولية تشكيل عصابي من 5 أفراد من ذوي السوابق الجنائية عن قتل ريجيني بدافع السرقة. وأجريت مواجهة مع ضباط الشرطة الذين ارتكبوا جريمة تصفية هؤلاء الخمسة وبعض عناصر الأمن الوطني والأمن العام، لكن النائب العام المصري لم يرفع حظر النشر الذي فرضه على القضية منذ ظهور تلك الرواية.