بموازاة معركة الساحل الغربي حيث مدينة الحديدة الاستراتيجية، تدور معارك لا تقل ضراوة عنها، بل تفوقها أحياناً، في المناطق الحدودية الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) مع السعودية، على نحوٍ يعكس، أولوية الأخيرة بتوجيه بوصلة المعارك نحو صعدة، معقل الجماعة، ومركز ثقلها العسكري، والمحافظة اليمنية الأهم بالنسبة للحدود، جنباً إلى جنب، مع سير المعارك على الجزء الساحلي في حجة والحديدة.
وشهدت جبهات الحدود، تصعيداً لافتاً في الأيام الأخيرة، إذ أعلنت قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية، تدشين جبهة جديدة، في مديرية شدا الحدودية التابعة إدارياً لمحافظة صعدة بالتزامن مع عمليات عسكرية بالتقدم نحو مناطق جديدة في مديريتي حيران وعبس، بمحافظة حجة، البوابة الغربية إلى صعدة، وشهدت مناطقها الحدودية معارك لا تهدأ حتى تعود.
وللمرة الأولى، ظهر المتحدث العسكري للتحالف العقيد أحمد عسيري، يوم الإثنين الماضي، في مؤتمر صحافي مع شيوخ ووجهاء من محافظة صعدة، تحدثوا عن الوضع في المحافظة الحدودية وأطلقوا دعوات إلى إخراج الحوثي عسكرياً من المحافظة، في اليوم ذاته، الذي جرى فيه تدشين جبهة جديدة في الحدود في شدا انضمت، إلى كلٍ من باقم، وكتاف (البقع)، والملاحيط، وهي أبرز الجبهات، التي دشنت من خلالها القوات الحكومية عمليات للتقدم باتجاه صعدة من الجانب السعودي وتفاوتت من حيث الأهمية أو حدة المواجهات من حين إلى آخر.
وإلى جانب جبهات الجيش اليمني - الحوثيين في صعدة، عُدّت بقية المناطق الحدودية في مختلف مديريات المحافظة، كجبهات حرب متواصلة، بين القوات السعودية والحوثيين، الذين نفذوا محاولات اختراق إلى المناطق السعودية، وبثوا مقاطع فيديو وثقت وصولهم إلى بعض المواقع العسكرية السعودية وتفجير آليات عسكرية للجيش السعودي. ولا يكاد يمر يوم، من دون أن يعلن الحوثيون عن استهداف مواقع سعودية بالقصف المدفعي أو الصاروخي أو قنص الجنود، في مقابل تصاعد في وتيرة القصف المدفعي والصاروخي من القوات السعودية ضد أهدافٍ في مختلف المديريات الحدودية.
وبوتيرة لم تقلّ أحياناً عن التصعيد في الحديدة، جعلت التطورات في الأسابيع الأخيرة، المناطق الحدودية مناطق مواجهات ضارية، وغارات جوية متجددة، في صعدة بدرجة أساسية، وحجة المجاورة لها (الجزء الشمالي من الساحل الغربي)، حيث مناطق ميدي وحرض، وحتى مديريتي حيران وعبس. والأخيرتان قالت قوات الشرعية إنها تقدمت إلى أولى مناطقهما، في الأيام الأخيرة.
وبالإضافة إلى الضغط، الذي يشكله التصعيد حدودياً - من جانب الشرعية والقوات السعودية - على الحوثيين، فإنه يحقق بالنسبة للرياض، العديد من الأهداف، أقلها نقل المعركة من مناطقها الحدودية إلى الأجزاء المقابلة من الجانب اليمني، وبالتالي التأثير في هجمات الحوثيين باتجاه المناطق السعودية، وبما قد يدفع الجماعة إلى تنازلات، تراعي مخاوف الرياض وسعيها لتأمين حدودها ممن تعتبرها ذراعاً لخصمها الإقليمي إيران، لكن واقع المعركة، حتى اليوم، على الأقل، لا يشير إلى وجود اختراق محوري، يمكن أن يشكل خطراً مركزياً على الحوثيين، على الرغم من أن مصادر الشرعية، تقول إنها باتت على بعد نحو 20 كيلومتراً من منطقة مران المعقل الأول للحوثي.
الجدير بالذكر، أن صعدة تدفع ثمناً باهظاً في الحرب الدائرة في البلاد منذ سنوات، باعتبارها محور معركة الحدود ومركز الحوثيين العسكري والتنظيمي، وهي مركز مقاتليهم ومخازن أسلحتهم الحصينة في الجبال، والتي حفروها، على مدى سنوات نفوذهم في أغلب مناطق المحافظة منذ سنوات، وقبلها خلال الحرب مع الحكومة اليمنية بين عامي 2004 و2010، ومع كل موجة تصعيد، فإن المدنيين في المحافظة، يدفعون الثمن، وخصوصاً في المناطق الحدودية، التي ترتفع فيها وتيرة الضربات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي المتبادل.