بعد مضي أكثر من 12 عاماً على احتلال العراق، لا تزال الحكومات العراقية مصرة على تجاهل ملف معامل التصنيع العسكري، ورفض الاستفادة منها، حتى مع تدني أسعار النفط وانخفاض مداخيله الريعية، التي تمثل الركيزة الأساسية لرفد الموازنة العامة، خصوصاً إذا علمنا أن هذا القطاع كان ينتج الكثير من الصناعات المدنية، وليس العسكرية فقط، بخلاف ما توحي عبارة: "التصنيع العسكري".
جاء قرار الحاكم المدني للعراق، الأميركي بول بريمر، رقم 75 لسنة 2004، بحل منشآت التصنيع العسكري، ليكون مسماراً في نعش الاقتصاد، وتضييع فرصة الاستفادة من مصانع عملاقة استوردها العراق بأموال أبنائه الصعبة. وقد تبعت ذلك مشكلات اجتماعية مع تدهور الأحوال المعيشية لعشرات الآلاف من كوادر هذه المصانع، موظفين وعمالاً وإداريين.
وحتى اليوم لا يزال مصير هذه المصانع الخراب تحت وطأة الإهمال، بعد مسيرة طويلة من محاولات تعميق مشكلة هذا النوع من الصناعات. مثلاً، شركة عقبة بن نافع، هي شركة متخصصة بصنع القوالب للصناعات الأخرى، المدنية والعسكرية في العراق، ولكنها مع طابعها المدني لم تسلم من التخريب والسرقة على مرأى ومسمع من سلطات الاحتلال، التي اكتفت بالتفرج يومها، وسهّلت المرور والحركة للعجلات التي كانت تحمل آلات ومعدات من مباني هذه الشركة، وفقاً لـ "أبي حسن" الذي كان يعمل فيها كرئيس ملاحظين قبل عام 2003.
يضيف أبو حسن قائلاً لـ "العربي الجديد" إن "الأهالي المحيطين بالشركة شاهدوا بأعينهم كيف قام بعض المواطنين بسرقة كل محتويات الشركة، وتكسير بعض ممتلكاتها في موجة الانفلات الأمني والسرقات، التي بدأت على الفور بعد دخول القوات الأميركية".
ويتابع "على الفور ظهرت الجريمة المنظمة، التي جاءت بصحبة معدات ثقيلة مختصة بتفكيك الأجهزة والآلات، وقامت بتفكيك مقتنيات الشركة بطريقة متقنة، بما في ذلك أجهزة يصل عمق بعضها إلى أكثر من 5 أمتار تحت سطح الأرض". بعدها "تم تهريب أغلب هذه الأجهزة والآلات وبيعها لبعض دول الجوار".
رئيس هيئة النزاهة السابق، رحيم العكيلي، أكد في وقت سابق أن "معظم المنشآت نهبت عام 2003 وتعطلت أعمالها بالكامل، بما في ذلك هيئة التصنيع العسكري". وأضاف أن "وزارة الصناعة عجزت عن إعادة هذه المنشآت إلى العمل وتوزيع موظفيها على بقية مؤسسات الدولة للاستفادة من خبراتهم وجهودهم". وأنحى العكيلي باللائمة على "عدم تمكن، وربما عدم رغبة، الدولة العراقية في تفعيل منشآتها الصناعية، بالإضافة إلى عدم وضع الخطط الاستراتيجية للاقتصاد، وانعدام التنمية".
من جهته، يرى المهندس السابق في وزارة الكهرباء العراقية محمد خيري أن "الحديث عن منشآت التصنيع العسكري يدمي القلب، ففيها منشآت ما زالت أغلبها عامرة بآلاتها ومواقعها وكوادرها العاطلة عن العمل بشكل شبه تام، والتي يمكن استثمارها وتشغيلها وتشغيل كوادرها الهندسية والفنية والإدارية لإنتاج السلع والأجهزة والاحتياجات المهمة في السوق الداخلية، بدلاً من إهمالها بهذا الشكل الذي يعد جريمة مقصودة ﻻ تغتفر".
ويؤكد خيري لـ "العربي الجديد" أنه كانت لديه تطلعات قام بطرحها على معاون محافظ الأنبار ومستشار المحافظ للشؤون الهندسية لاستثمار إحدى منشآت التصنيع العسكري في عامرية الفلوجة، وتحويلها إلى معمل لإنتاج المحوﻻت الكهربائية، "حيثُ أكدت له أن رجل أعمال تركيّاً أبدى استعداده لتجهيزنا بالمعمل وتدريب كادر فني وهندسي متخصص، بعد نصب المعمل وتغطية احتياج البلد بدل الاستيراد".
ويطرح خيري خلال حديثه أفكاراً أخرى، منها "مصنع لإنتاج الكابلات الكهربائية، ومصنع آخر لإنتاج البوردات الكهربائية، ومصنع لإنتاج الأسلاك الكهربائية مختلفة الأحجام".
ويختم خيري بالقول إن الموافقة على مقترحاته كانت "تعني أن منشآت التصنيع في عامرية الفلوجة تغطي العراق بالمواد الكهربائية التي يستوردها من الخارج، بالإضافة إلى تشغيل الأيدي العاملة العاطلة عن العمل حالياً، ولكن الحكومة غير جادة في البحث عن الحلول". ويأتي ذلك في ظل تظاهر عدد من المنتسبين السابقين في مؤسسات وشركات هيئة التصنيع العسكري المنحلة، للمطالبة بإعادة تأهيل هذه المنشآت.
جاء قرار الحاكم المدني للعراق، الأميركي بول بريمر، رقم 75 لسنة 2004، بحل منشآت التصنيع العسكري، ليكون مسماراً في نعش الاقتصاد، وتضييع فرصة الاستفادة من مصانع عملاقة استوردها العراق بأموال أبنائه الصعبة. وقد تبعت ذلك مشكلات اجتماعية مع تدهور الأحوال المعيشية لعشرات الآلاف من كوادر هذه المصانع، موظفين وعمالاً وإداريين.
وحتى اليوم لا يزال مصير هذه المصانع الخراب تحت وطأة الإهمال، بعد مسيرة طويلة من محاولات تعميق مشكلة هذا النوع من الصناعات. مثلاً، شركة عقبة بن نافع، هي شركة متخصصة بصنع القوالب للصناعات الأخرى، المدنية والعسكرية في العراق، ولكنها مع طابعها المدني لم تسلم من التخريب والسرقة على مرأى ومسمع من سلطات الاحتلال، التي اكتفت بالتفرج يومها، وسهّلت المرور والحركة للعجلات التي كانت تحمل آلات ومعدات من مباني هذه الشركة، وفقاً لـ "أبي حسن" الذي كان يعمل فيها كرئيس ملاحظين قبل عام 2003.
يضيف أبو حسن قائلاً لـ "العربي الجديد" إن "الأهالي المحيطين بالشركة شاهدوا بأعينهم كيف قام بعض المواطنين بسرقة كل محتويات الشركة، وتكسير بعض ممتلكاتها في موجة الانفلات الأمني والسرقات، التي بدأت على الفور بعد دخول القوات الأميركية".
ويتابع "على الفور ظهرت الجريمة المنظمة، التي جاءت بصحبة معدات ثقيلة مختصة بتفكيك الأجهزة والآلات، وقامت بتفكيك مقتنيات الشركة بطريقة متقنة، بما في ذلك أجهزة يصل عمق بعضها إلى أكثر من 5 أمتار تحت سطح الأرض". بعدها "تم تهريب أغلب هذه الأجهزة والآلات وبيعها لبعض دول الجوار".
رئيس هيئة النزاهة السابق، رحيم العكيلي، أكد في وقت سابق أن "معظم المنشآت نهبت عام 2003 وتعطلت أعمالها بالكامل، بما في ذلك هيئة التصنيع العسكري". وأضاف أن "وزارة الصناعة عجزت عن إعادة هذه المنشآت إلى العمل وتوزيع موظفيها على بقية مؤسسات الدولة للاستفادة من خبراتهم وجهودهم". وأنحى العكيلي باللائمة على "عدم تمكن، وربما عدم رغبة، الدولة العراقية في تفعيل منشآتها الصناعية، بالإضافة إلى عدم وضع الخطط الاستراتيجية للاقتصاد، وانعدام التنمية".
من جهته، يرى المهندس السابق في وزارة الكهرباء العراقية محمد خيري أن "الحديث عن منشآت التصنيع العسكري يدمي القلب، ففيها منشآت ما زالت أغلبها عامرة بآلاتها ومواقعها وكوادرها العاطلة عن العمل بشكل شبه تام، والتي يمكن استثمارها وتشغيلها وتشغيل كوادرها الهندسية والفنية والإدارية لإنتاج السلع والأجهزة والاحتياجات المهمة في السوق الداخلية، بدلاً من إهمالها بهذا الشكل الذي يعد جريمة مقصودة ﻻ تغتفر".
ويؤكد خيري لـ "العربي الجديد" أنه كانت لديه تطلعات قام بطرحها على معاون محافظ الأنبار ومستشار المحافظ للشؤون الهندسية لاستثمار إحدى منشآت التصنيع العسكري في عامرية الفلوجة، وتحويلها إلى معمل لإنتاج المحوﻻت الكهربائية، "حيثُ أكدت له أن رجل أعمال تركيّاً أبدى استعداده لتجهيزنا بالمعمل وتدريب كادر فني وهندسي متخصص، بعد نصب المعمل وتغطية احتياج البلد بدل الاستيراد".
ويطرح خيري خلال حديثه أفكاراً أخرى، منها "مصنع لإنتاج الكابلات الكهربائية، ومصنع آخر لإنتاج البوردات الكهربائية، ومصنع لإنتاج الأسلاك الكهربائية مختلفة الأحجام".
ويختم خيري بالقول إن الموافقة على مقترحاته كانت "تعني أن منشآت التصنيع في عامرية الفلوجة تغطي العراق بالمواد الكهربائية التي يستوردها من الخارج، بالإضافة إلى تشغيل الأيدي العاملة العاطلة عن العمل حالياً، ولكن الحكومة غير جادة في البحث عن الحلول". ويأتي ذلك في ظل تظاهر عدد من المنتسبين السابقين في مؤسسات وشركات هيئة التصنيع العسكري المنحلة، للمطالبة بإعادة تأهيل هذه المنشآت.