أعلنت "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين"، مساء أمس الثلاثاء، أن عملية التضييق على مراسلي الصحافة الدولية متواصلة، على الرغم من تنبيهها إلى ذلك قبل شهور، لكن يبدو أن هذه التنبيهات لم تلق أي استجابة من قبل السلطة التونسية.
وجاءت آخر التضييقات مساء أول أمس الإثنين 12 آذار/مارس 2018، متمثلة بتوجه عناصر أمنية بالزيّ المدني إلى منزل حمدي التليلي، مراسل قناة "فرنسا 24"، الناطقة بالفرنسية والإنكليزية في تونس، للتحرّي عنه بطريقة غير قانونية.
وأفاد التليلي لـ "وحدة الرصد" في "مركز السلامة المهنية" التابع لـ "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" أن: "عنصرا أمن توجها إلى مقرّ سكني للتحرّي عني، وفور وصولهما سألا زوجتي ووالدتي عن مكان تواجدي ثم بقيا بانتظاري إلى أن التحقت بالمكان، وذلك من دون إبراز استدعاء أو وثائق رسمية".
وأضاف التليلي: "طرح عناصر الأمن بداية أسئلة مرتبطة بالمواضيع التي أنوي العمل عليها مستقبلاً والأماكن التي سأتنقّل فيها فرفضت الإجابة، ثم طرحوا عليّ أسئلة مرتبطة بالتقارير التي عملت عليها منها المرتبطة بالإرهاب والتهريب والفساد في أوقات سابقة، وسألوني عن هويّة المصادر التي أتعامل معها، فرفضت الإجابة باعتبار أنّ مصادر المعلومات محمية بالقانون ولا يجوز السؤال عنها إلاّ بإذن من القاضي العدلي".
وتواصلت أعمال التحرّي مع الصحافي حمدي التليلي حول التقرير الأخير الذي بثّته عدّة قنوات أجنبية حول قطاع الملابس المستعملة، وسأله العنصران عن التهديدات التي طاولته هو وعائلته بسبب المحتوى الإعلامي للتقرير.
وللإشارة، فقد تعرّض التليلي إلى اعتداءين بالعنف الجسدي في تونس، على خلفية نشره لتقرير حول قطاع الملابس المستعملة وكشفه للفساد فيه.
وكان التدخّل الأمني حول الاعتداء بطيئاً، إذ تلكأ رئيس مركز الأمن الذي لجأ إليه في صياغة محضر، وإلى الآن لم تتقّدم إجراءات البحث، على الرغم من مرور أكثر من شهرين على الحادثة.
وأثارت زيارة الأمنيين حفيظة الصحافي وعائلته، واعتبرها التليلي غير قانونية والهدف منها ممارسة ضغوط عليه، خاصة أنّ كلّ المعلومات التي سُئل عنها معروفة للعموم، إضافة إلى أنّه يمارس مهنته في إطار القانون.
وذكّرت "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" وزارة الداخلية أنّه لا يجوز تسليط أيّ ضغط من جانب أيّ سلطة على الصحافي، كما لا يجوز مطالبته بالكشف عن مصادر معلوماته إلّا بإذن قضائي، وبشرط أن تكون تلك المعلومات متعلّقة بجرائم تشكّل خطراً جسيماً على السلامة الجسدية للغير، وأن يكون الحصول عليها ضرورياً لتفادي ارتكاب هذه الجرائم، وأن تكون من فئة المعلومات التي لا يمكن الحصول عليها بطريقة أخرى.
وعبرت النقابة عن رفضها وإدانتها لكلّ أعمال المراقبة والتضييق التي طالت الصحافي حمدي التليلي، وتعتبر أنّ هذه الممارسات هي مواصلة لسياسة وزارة الداخلية في التضييق على الصحافيين مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية لتنفيذ تعليمات غير مباشرة من السلطة السياسية، التي لم تخفِ استياءها من الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام الأجنبية في كشف عديد الحقائق عن الوضع في تونس.
وطالبت "النقابة الوطنيّة للصحافيين التونسيين" وزارة الداخلية بتقديم التوضيحات، خاصة أنّ مثل هذه الأعمال طاولت خلال الشهور الثلاثة الماضية، صحافيين آخرين معتمدين كمراسلين لوسائل إعلام أجنبية.