حملت العاصفة "هدى" البياض إلى مدينة حلب السورية، وذلك بعد أيام من الأمطار والرياح الشديدة. وبخلاف ما ظهرت به المدينة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي عبقت بصور البياض والابتسامات، عاش أهالي المدينة صعوبات كبيرة.
فقد انخفضت درجة الحرارة إلى ما دون الثلاث درجات تحت الصفر، ويشير أحمد الحاج إلى أنَّ "درجة الحرارة داخل منازل المدينة باتت مماثلة لخارجها، وذلك بسبب انعدام موارد التدفئة في المنازل، وقد استطاعت الثلوج أن تجمد كل شيء في المدينة بما في ذلك البشر". ويضيف أنَّ "الأغطية والملابس فقط هي ما يمنحنا القليل من الدفء، مع هذا لا يمتلك الجميع ما يكفيهم من الأغطية والملابس الشتوية".
أزمة المواصلات
وتسببت الأحوال الجوية السيئة أيضا في شلل حركة النقل العامة داخل المدينة، ويوضح أحد السائقين، أسعد الغني، أنَّ "الثلوج لم تتسبب بشكل مباشر في قطع الطرقات، إنما أشعلت أسعار ما تبقى من المحروقات في المدينة، ما انعكس سلبا على تغذية المركبات بالوقود، بالتالي في توقفها عن العمل"، ويفسر أنَّ "معظم السائقين قاموا ببيع مخصصاتهم اليومية من المحروقات في السوق السوداء بدلا من تشغيل سياراتهم بهدف كسب الربح".
ويتابع "تبلغ حصة المركبة الواحدة 30 لترا من الوقود بسعر 85 ليرة للتر الواحد، وقد أدى انقطاع المحروقات عن المدينة وازدياد الطلب، إلى ارتفاع سعر المازوت بشكل فجائي في السوق السوداء إلى 500 ليرة سورية".
ويؤكد أنَّ"انقطاع مادة المازوت عن المدينة بدأ منذ أشهر، إلا أن الحاجة لها باتت مضاعفة مع تساقط الثلوج".
وبالرغم من ارتفاع سعر المازوت لأكثر من خمسة أضعاف، اضطر علاء، وهو والد لطفلين، إلى شراء لترين من المازوت من السوق السوداء، يفسر علاء الأمر قائلاً "لم يستطع طفلاي النوم خلال الليلة الماضية بسبب البرد الواخز"، ويروي أيضا "اضطررت للتنقل مشيا على الأقدام رغم طول الطريق، لم تنفعني ساعتان من الانتظار تحت العاصفة في الحصول على مقعد في السرفيس، اجتمع مئات الناس عند مواقف الباصات بانتظار مرور إحدى وسائل النقل، في النهاية لم تسعفهم إلا أرجلهم في العودة إلى المنزل".
ويشير أحمد إلى "توقف عدد من مولدات الكهرباء المحلية بشكل نهائي عن العمل، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن معظم الأحياء، كون هذه المولدات تشكّل المورد الأساسي للكهرباء بسبب غياب كهرباء الدولة"، ويضيف أنَّه "بحجة ارتفاع سعر المحروقات أيضا، اختصر أصحاب ما بقي من المولدات عدد ساعات التشغيل لأقل من نصف المدة، وقاموا برفع سعر الأمبير الواحد إلى ألف ليرة سورية، وباعتبار حاجة المنزل تبلغ أمبيرين على الأقل، فإن من أراد أن ينعم بالإضاءة والتلفاز لمدة خمس ساعات يوميا، عليه دفع ثمانية آلاف ليرة شهرياً".
وقد أعلنت جهات رسمية في مناطق النظام، تمديدها للعطلة الرسمية التي أقرتها مع بدأ العاصفة، وتأجيل الامتحانات الجامعية والمدرسية.
مراكز الإيواء
وتشتكي "هنا" وهي متطوعة في إحدى مراكز إيواء النازحين من "حالة الإهمال واللامسؤولية التي تتعامل بها الجهات المسؤولة مع معاناة أهالي حلب".
وتضيف "طالبنا مرارا بإصلاح النوافذ الزجاجية المكسورة في مراكز الإيواء على الأقل، إذ تتسبب في تسرب الأمطار والثلوج لداخل الغرف، إلا أننا لم نحصل إلا على الوعود"، وتضيف ساخرة "قام اليوم محافظ المدينة بجولة بسيارته المكيفة والمليئة بالوقود على مراكز الإيواء في المدينة، التقطوا له الصور وعاد إلى منزله وكأن شيئا لم يكن".