11 نوفمبر 2024
الثورة السورية في أوّل استقصاءات الرأي
لم تسعف عشرات آلاف الصور والفيديوهات لتظاهرات ملايين السوريين، في طول البلاد وعرضها، من أكبر مدينة إلى أصغر قرية، ولا الحرص خلال أشهر طويلة على سلمية وسائل الاحتجاج، ولا رفع الشعارات الوطنية الجامعة، المؤكدة على وحدة الشعب، والرافضة أي تمييز طائفي أو إثني، في حماية ثورة السوريين من التشويه المغرض، والتشويش على هويتها وأهدافها. ولا شك في أنّ آلة التسميم الإعلامي التابعة للنظام، وحلفائه في الحرس الثوري الإيراني، بالتعاون مع التيارات المتطرفة التي أطلقها وغذّاها، بالمال والسلاح خصوم الثورة أنفسهم، قد نجحت في تغيير صورة ثورةٍ، كانت من أنصع الثورات، وأكثرها تمسكاً بالقيم الإنسانية، وتحرراً من الماضي، وتطلعاً نحو المستقبل. وكان يكفي تعميم صورة سلبية لأحد مقاتلي المعارضة، حتى تخفي صور مجازر جماعية يومية للنظام، وتزرع الشك في أهداف الثورة، وتشرعن اختطافها من التيارات المتطرفة، بعدما كان النظام قد نجح في اختطاف الدولة ومؤسساتها، وحولها إلى متراسٍ يقاتل من ورائه الشعب. هكذا، حل محل التأييد الكامل الذي كانت تحظى به لدى الرأي العام العربي والعالمي، بسبب تطلعاتها ومطالبها النبيلة، جدل لا ينتهي في حقيقتها، طائفية هي أم سياسية، مدنية أم إسلامية، بل مؤامرة كونية أم ثورة شعبية ضد مغتصبي حقوق الناس، ومزوّري إرادة الشعب.
تأتي دراسة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، والاستطلاع الذي أنجزه بعنوان اتجاهات الرأي العام السوري للمهجرين واللاجئين السوريين تجاه الانتخابات والأوضاع السورية الراهنة، في الوقت المناسب، لتعيد الأمور إلى نصابها، وتظهر بالدليل العلمي حقيقة الموقف الشعبي مما يحصل منذ ثلاث سنوات. وتنبع أهمية هذه الدراسة من التزامها معايير البحث العلمي، وعدد الباحثين الذين تعاونوا عليها وقد تجاوزوا الـ400، وضخامة العينة التي سبرتها، والتي ضمت 5267 فرداً، موزعين على ٣٧٧ مركز تجمع للسوريين في مخيمات اللجوء وخارجها، في سورية ولبنان والأردن وتركيا، ينتمون لكل المحافظات السورية، ومن أصول ومستويات دخل وتعليم متباينة أيضاً. وتشكل هذه الدراسة رداً قاطعاً على ادعاءات إعلام الأسد الذي أراد أن يجعل من مهزلة انتخابات تزوير إرادة السوريين في الثالث من يونيو/ حزيران الجاري، غطاءً لاغتصابه السلطة وفرض الأمر الواقع على الشعب السوري، بالتفاهم مع حكم الحرس الثوري الإيراني في طهران.
صحيح أن الدراسة لا تشمل كل قطاعات الرأي العام السوري، وهي لا تدّعي ذلك، عندما تشير، بوضوح، إلى انتماء العينة التي تدرسها إلى المهجرين واللاجئين السوريين. لكن، لا أعتقد أن هناك ما يمنع من الاستهداء بنتائجها، لمعرفة اتجاه الرأي العام السوري عموماً. فإذا كان من الصحيح أن المهاجرين واللاجئين لا يمثلون كل شرائح المجتمع السوري، وأن خروجهم يعكس موقفهم أصلاً من النظام، بعكس الموالين له الذين لم يكن لديهم سبب للخوف والهجرة، فمن الصحيح، أيضاً، أنهم الذين يشكلون الكتلة الأكبر في مجتمعٍ، تحتكر فيه السلطة والموارد نخبة صغيرة مغلقة، وبالكاد يعرف (أعني المجتمع) معنى الحراك الاجتماعي.
كذلك، لا يحد من إمكانية تعميم نتائج هذه الدراسة حصولها بعد أكثر من ثلاث سنوات من بدء الثورة. بل إن اللافت هو أن نصيب المواقف الايجابية تجاه الثورة لا يزال الأكبر، على الرغم مما تعرضت له الحاضنة الشعبية من امتحان غير مسبوق في تاريخ الثورات، من مجازر بالجملة، وحرب تطهير عرقي، وحرب إبادة وتهجير وتشريد لملايين البشر، وما رافق ذلك من انهيار في شروط الحياة المعيشية والإنسانية للقسم الأعظم من السكان.
تقدم الدراسة ثلاث مؤشرات رئيسية، تبين اتجاهات الرأي العام السوري إزاء الثورة، والتمسك بها، بعد ثلاث سنوات من اندلاعها، وعلى الرغم من كل ما طرأ على مسيرتها من تشوهات وانزلاقات، وما ارتبط بها من صراعات ومنازعات إقليمية ودولية.
الأولى تتعلق بحقيقة المطالب التي دفعت السوريين إلى الثورة، والتي تفسر، أيضاً، استمرارهم في التضحية من أجل انتصارها، على الرغم من كل المصاعب والمؤامرات. والثانية تشير إلى حجم القوى النسبي التي وقفت وراء الثورة ودعمتها، سواء بالنزول إلى ساحات التظاهر، أو بالدعم المعنوي والسياسي والمالي، والثالثة بالموقف من النظام نفسه، من حيث الثقة بقادته، أو المراهنة على إصلاحه.
لعل أهم ما يلفت النظر، في ما يتعلق بالمؤشرات الأولى، هو رسوخ فكرة الدولة المدنية في ثقافة الثورة. فبعد ثلاث سنوات من العنف والفوضى، وعلى الرغم من استراتيجية الشحن الطائفي التي اتبعها النظام، لا تزال فكرة الدولة المدنية تحظى بـ50% من الإجابات، مقابل 30% للدولة الدينية، و18% لقطاع الرأي الذي لا فرق عنده بين النموذجين، و2% من دون جواب. ليس من المؤكد أن من يقول بالدولة الدينية، أو الدولة المدنية، يعرف تماماً مضمونهما أو ترجمتهما السياسية في الواقع. لكن هذا مؤشر على التوجه السياسي الواضح لدى أغلبية الشعب السوري ضد الادعاءات التي أراد النظام وداعموه ترويجها عن مؤامرة إرهابية كونية، أو حرب طائفية لم يكن الهدف من ترويجها سوى طمس الهوية التحررية لحركة الاحتجاج الشعبية.
أما في ما يتعلق بالموقف السلبي من النظام، فهناك مؤشران مهمان لمعرفته. الأول هو مؤشر الثقة. يقدم استقصاء المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أرقاماً معبرة عن فقدان الثقة بالنظام. فعلى سؤال عن درجة ثقة المستجوبين بمؤسسات الدولة التي استعمرتها السلطة والحزب، نالت المخابرات، كما هو متوقع، النسبة الأعلى 81% من عدم الثقة، مقابل 79% للحكومة ومجلس الشعب، و78% لبشار الأسد والجيش، و77% للمحافظين، و76% للشرطة والقضاء.
والمؤشر الثاني تقدمه الإجابات بشأن الموقف من تغيير النظام، ومن انتخابات ٣ يونيو/ حزيران. فقد أفاد 77% بأن هذه الانتخابات لا تمثل الشعب السوري، لأنها تقتصر على أنصار النظام مقابل 18% قالوا إنها تمثل الشعب، كما أفاد 70% بأنها ليست شرعية، لأن المرشحين هم الذين وافق عليهم النظام، وتوقع 73% أن تشجع هذه الانتخابات النظام على مزيد من تصعيد العنف، مقابل نسبة من 16% و18% ترى أنه سيكون لها نتائج ايجابية.
وتبرهن الاجابة عن سؤال من يتحكم بالسلطة في سورية، اليوم، على المشكلة نفسها، أعني تفتت صدقية النظام وشرعيته، إذ تشير الأرقام إلى أن أغلبية المستجوبين، أي 66% من العينة، يعتبرون أن إيران هي الممسكة بالسلطة بنسبة 28%، مقابل 22% لبشار الأسد، و16% لروسيا. ولا يعتقد إلا 4% أن الحكم بيد الجيش، بينما يعتبر 6% أنه لا أحد يحكم سورية.
من المنطقي بعد ذلك أن لا يتأثر مؤشر التأييد للثورة، بل يزيد. فإذا كانت نسبة المؤيدين لها 52% مقابل نسبة 19% للمؤيدين للنظام والمعارضين للثورة عام 2011 و 28 % على الحياد، فقد أصبحت نسبة المؤيدين بين المستجوبين 60%، في مقابل 13% للمعارضين للثورة، بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة.
تعكس هذه النتائج بشكل جلي تراجع الثقة بالنظام، على الرغم من كل ما شهدته الحاضنة الاجتماعية للثورة من معاناة، وربما من قبيل رد الفعل على عدوانية النظام أيضاً. ما يعني أن النظام لم يجن أي مربح من خسارة المعارضة في السنوات الثلاث الماضية، بسبب عجزها عن رد هجومات النظام الوحشية على حاضنتها الشعبية، وتدمير شروط حياة السوريين الأساسية. الثورة على النظام هي الوحيدة التي لا تزال ثابتة، وفي تقدم أكثر.
وهذا ما يؤكده أيضاً جواب أفراد العينة عن تصورهم لما يمكن أن يساهم في الخروج من الأزمة. فقد اعتبر 64% منهم أن الحل يكون بتغيير النظام، مقابل 23% رأى هذا الحل في التوافق بين جميع أطراف الأزمة، ونسبة 6% فقط رأته في انتصار النظام على المعارضة. بالتأكيد، لم نكن في حاجة لاستقصاء للرأي لمعرفة أن السوريين يعيشون في ظل نظام مفروض عليهم بالقوة والإكراه، ولماذا يختارونه، ولم يعتقدوا يوماً بأنه يعبر عنهم، ويدافع عن مصالحهم الاجتماعية أو الوطنية. لكن أهمية هذه الأرقام أنها تقدم دلائل علمية على عمق الشرخ الذي كان قائماً بين النظام والشعب قبل الثورة، والذي تحول بعدها إلى حرب بين النظام والشعب لا يزال لهيبها يأكل الأخضر واليابس منذ ثلاث سنوات، ويفتح مصير البلاد على أسوأ الاحتمالات.
تأتي دراسة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، والاستطلاع الذي أنجزه بعنوان اتجاهات الرأي العام السوري للمهجرين واللاجئين السوريين تجاه الانتخابات والأوضاع السورية الراهنة، في الوقت المناسب، لتعيد الأمور إلى نصابها، وتظهر بالدليل العلمي حقيقة الموقف الشعبي مما يحصل منذ ثلاث سنوات. وتنبع أهمية هذه الدراسة من التزامها معايير البحث العلمي، وعدد الباحثين الذين تعاونوا عليها وقد تجاوزوا الـ400، وضخامة العينة التي سبرتها، والتي ضمت 5267 فرداً، موزعين على ٣٧٧ مركز تجمع للسوريين في مخيمات اللجوء وخارجها، في سورية ولبنان والأردن وتركيا، ينتمون لكل المحافظات السورية، ومن أصول ومستويات دخل وتعليم متباينة أيضاً. وتشكل هذه الدراسة رداً قاطعاً على ادعاءات إعلام الأسد الذي أراد أن يجعل من مهزلة انتخابات تزوير إرادة السوريين في الثالث من يونيو/ حزيران الجاري، غطاءً لاغتصابه السلطة وفرض الأمر الواقع على الشعب السوري، بالتفاهم مع حكم الحرس الثوري الإيراني في طهران.
صحيح أن الدراسة لا تشمل كل قطاعات الرأي العام السوري، وهي لا تدّعي ذلك، عندما تشير، بوضوح، إلى انتماء العينة التي تدرسها إلى المهجرين واللاجئين السوريين. لكن، لا أعتقد أن هناك ما يمنع من الاستهداء بنتائجها، لمعرفة اتجاه الرأي العام السوري عموماً. فإذا كان من الصحيح أن المهاجرين واللاجئين لا يمثلون كل شرائح المجتمع السوري، وأن خروجهم يعكس موقفهم أصلاً من النظام، بعكس الموالين له الذين لم يكن لديهم سبب للخوف والهجرة، فمن الصحيح، أيضاً، أنهم الذين يشكلون الكتلة الأكبر في مجتمعٍ، تحتكر فيه السلطة والموارد نخبة صغيرة مغلقة، وبالكاد يعرف (أعني المجتمع) معنى الحراك الاجتماعي.
كذلك، لا يحد من إمكانية تعميم نتائج هذه الدراسة حصولها بعد أكثر من ثلاث سنوات من بدء الثورة. بل إن اللافت هو أن نصيب المواقف الايجابية تجاه الثورة لا يزال الأكبر، على الرغم مما تعرضت له الحاضنة الشعبية من امتحان غير مسبوق في تاريخ الثورات، من مجازر بالجملة، وحرب تطهير عرقي، وحرب إبادة وتهجير وتشريد لملايين البشر، وما رافق ذلك من انهيار في شروط الحياة المعيشية والإنسانية للقسم الأعظم من السكان.
تقدم الدراسة ثلاث مؤشرات رئيسية، تبين اتجاهات الرأي العام السوري إزاء الثورة، والتمسك بها، بعد ثلاث سنوات من اندلاعها، وعلى الرغم من كل ما طرأ على مسيرتها من تشوهات وانزلاقات، وما ارتبط بها من صراعات ومنازعات إقليمية ودولية.
الأولى تتعلق بحقيقة المطالب التي دفعت السوريين إلى الثورة، والتي تفسر، أيضاً، استمرارهم في التضحية من أجل انتصارها، على الرغم من كل المصاعب والمؤامرات. والثانية تشير إلى حجم القوى النسبي التي وقفت وراء الثورة ودعمتها، سواء بالنزول إلى ساحات التظاهر، أو بالدعم المعنوي والسياسي والمالي، والثالثة بالموقف من النظام نفسه، من حيث الثقة بقادته، أو المراهنة على إصلاحه.
لعل أهم ما يلفت النظر، في ما يتعلق بالمؤشرات الأولى، هو رسوخ فكرة الدولة المدنية في ثقافة الثورة. فبعد ثلاث سنوات من العنف والفوضى، وعلى الرغم من استراتيجية الشحن الطائفي التي اتبعها النظام، لا تزال فكرة الدولة المدنية تحظى بـ50% من الإجابات، مقابل 30% للدولة الدينية، و18% لقطاع الرأي الذي لا فرق عنده بين النموذجين، و2% من دون جواب. ليس من المؤكد أن من يقول بالدولة الدينية، أو الدولة المدنية، يعرف تماماً مضمونهما أو ترجمتهما السياسية في الواقع. لكن هذا مؤشر على التوجه السياسي الواضح لدى أغلبية الشعب السوري ضد الادعاءات التي أراد النظام وداعموه ترويجها عن مؤامرة إرهابية كونية، أو حرب طائفية لم يكن الهدف من ترويجها سوى طمس الهوية التحررية لحركة الاحتجاج الشعبية.
أما في ما يتعلق بالموقف السلبي من النظام، فهناك مؤشران مهمان لمعرفته. الأول هو مؤشر الثقة. يقدم استقصاء المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أرقاماً معبرة عن فقدان الثقة بالنظام. فعلى سؤال عن درجة ثقة المستجوبين بمؤسسات الدولة التي استعمرتها السلطة والحزب، نالت المخابرات، كما هو متوقع، النسبة الأعلى 81% من عدم الثقة، مقابل 79% للحكومة ومجلس الشعب، و78% لبشار الأسد والجيش، و77% للمحافظين، و76% للشرطة والقضاء.
والمؤشر الثاني تقدمه الإجابات بشأن الموقف من تغيير النظام، ومن انتخابات ٣ يونيو/ حزيران. فقد أفاد 77% بأن هذه الانتخابات لا تمثل الشعب السوري، لأنها تقتصر على أنصار النظام مقابل 18% قالوا إنها تمثل الشعب، كما أفاد 70% بأنها ليست شرعية، لأن المرشحين هم الذين وافق عليهم النظام، وتوقع 73% أن تشجع هذه الانتخابات النظام على مزيد من تصعيد العنف، مقابل نسبة من 16% و18% ترى أنه سيكون لها نتائج ايجابية.
وتبرهن الاجابة عن سؤال من يتحكم بالسلطة في سورية، اليوم، على المشكلة نفسها، أعني تفتت صدقية النظام وشرعيته، إذ تشير الأرقام إلى أن أغلبية المستجوبين، أي 66% من العينة، يعتبرون أن إيران هي الممسكة بالسلطة بنسبة 28%، مقابل 22% لبشار الأسد، و16% لروسيا. ولا يعتقد إلا 4% أن الحكم بيد الجيش، بينما يعتبر 6% أنه لا أحد يحكم سورية.
من المنطقي بعد ذلك أن لا يتأثر مؤشر التأييد للثورة، بل يزيد. فإذا كانت نسبة المؤيدين لها 52% مقابل نسبة 19% للمؤيدين للنظام والمعارضين للثورة عام 2011 و 28 % على الحياد، فقد أصبحت نسبة المؤيدين بين المستجوبين 60%، في مقابل 13% للمعارضين للثورة، بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة.
تعكس هذه النتائج بشكل جلي تراجع الثقة بالنظام، على الرغم من كل ما شهدته الحاضنة الاجتماعية للثورة من معاناة، وربما من قبيل رد الفعل على عدوانية النظام أيضاً. ما يعني أن النظام لم يجن أي مربح من خسارة المعارضة في السنوات الثلاث الماضية، بسبب عجزها عن رد هجومات النظام الوحشية على حاضنتها الشعبية، وتدمير شروط حياة السوريين الأساسية. الثورة على النظام هي الوحيدة التي لا تزال ثابتة، وفي تقدم أكثر.
وهذا ما يؤكده أيضاً جواب أفراد العينة عن تصورهم لما يمكن أن يساهم في الخروج من الأزمة. فقد اعتبر 64% منهم أن الحل يكون بتغيير النظام، مقابل 23% رأى هذا الحل في التوافق بين جميع أطراف الأزمة، ونسبة 6% فقط رأته في انتصار النظام على المعارضة. بالتأكيد، لم نكن في حاجة لاستقصاء للرأي لمعرفة أن السوريين يعيشون في ظل نظام مفروض عليهم بالقوة والإكراه، ولماذا يختارونه، ولم يعتقدوا يوماً بأنه يعبر عنهم، ويدافع عن مصالحهم الاجتماعية أو الوطنية. لكن أهمية هذه الأرقام أنها تقدم دلائل علمية على عمق الشرخ الذي كان قائماً بين النظام والشعب قبل الثورة، والذي تحول بعدها إلى حرب بين النظام والشعب لا يزال لهيبها يأكل الأخضر واليابس منذ ثلاث سنوات، ويفتح مصير البلاد على أسوأ الاحتمالات.