لم تكن فرنسا الشعبية والرسمية، ولا أجهزتها الأمنية، تتصور أن يعرف البلد مثل هذه المآسي الجديدة، يوم الجمعة 13 نوفمبر/تشرين الثاني، خصوصاً بعد الاعتداء الإرهابي الآثم على "شارلي إيبدو". إذ ما إن بدأت فرنسا الشعبية تتعافى، شيئاً فشيئاً، من آثار وندوب اعتداءات يناير/كانون الثاني 2015، حتى جاءت هذه المصيبة وبوتيرة أكبر وحجم أضخم. ولا يمكن لأحد أن يشكك في الأثر العميق الذي خلفته الاعتداءات الأولى على نفسيات ومعنويات الفرنسيين، إذ على الرغم من تعرض بلادهم، من حين لآخر، لعمليات إرهابية، إلا أنها تظل محدودة ومُحدَّدة. وما التظاهرة المليونية التي تمت بعد الاعتداءات إلا رغبة من الشعب في استعادة وحدته الوطنية، وكبريائه الجريح، ثم الرغبة في السير نحو المستقبل سير الواثق المطمئن. وبالطبع كانت الجالية العربية الإسلامية، من خلال ممثليها الكُثُر وأفرادها، وهم مواطنون فرنسيون، كغيرهم، على موعد مع التاريخ، فعبّرت عن إدانتها كل أشكال الإرهاب، وبخاصة الذي يُنفّذُ باسمها "ليس باسمي" (Pas en mon nom)، وعبّرت عن وطنيتها وتعلقها بقيم ومبادئ الجمهورية، ولم يستطع اختبار "أنا شارلي"، الذي أثار نوعاً من البلبلة، بعض الوقت، أن يُفكك من اللحمة الوطنية، بسبب الموقف الحكيم لكثير من المثقفين والسياسيين، الذين جزموا أن الفرنسيين المسلمين، مثل كل المجموعات والجاليات، ليسوا كتلة واحدة متراصّة، وأن بينهم من هُوَ "شارلي" ومن ليس بـ"شارلي"، لكنهم، جميعاً، ليسوا في مؤخرة الركب، وبالتالي فهم ضد الإرهاب والتطرف، ومتضامنون مع مواقف وقرارات حكومتهم وبلدهم.
تحديات
وإذا كان التحدي الأول (الاعتداء على شارلي)، على الجالية العربية الإسلامية، ليس فقط في فرنسا، بل في كل دول الغرب، مؤلماً، ويتطلب كثيراً من الوقت ومن العمل لتجاوز آثاره السلبية عليها، فقد جاءت الاعتداءات الإرهابية الجديدة، لتضع الجالية العربية الإسلامية، من جديد، في قفص الاتهام. وهي وضعية غير مسبوقة، ولم تعرف الجالية العربية والإسلامية في الغرب لها مثيلاً.
فبين عشية وضحاها أصبحت الجالية العربية الإسلامية في فرنسا والعرب "رهينة" عصابة إرهابية وخائنة (لوطنها وشعبها)، ارتكبت فظاعات، لا تخطُرُ على البال، بِاسْم فهمٍ إجرامي للدين الإسلامي. وأصبح، من الضروري، على كل شرائح وفئات ومستويات هذه الجالية العربية والإسلامية، من فرنسيين ومهاجرين وأجانب، أن يعلنوا موقفهم الصريح والنهائي، وهو
ما يستوجب تماهياً مع مواقف الدولة ومختلف أجهزتها من أجل محاربة هذا التطرف الإرهابي في أفق استئصاله ووأده، وإدانته والتبرؤ منه، حينما يتطلب الأمر ذلك، من دون لُبْس ولا مداورة، كما طالَبَ بذلك ألان جوبي، رئيس الوزراء السابق وعمدة بوردو، الحالي، والمرشح لرئاسيات 2017 عن اليمين، والذي يعتبر من أكثر السياسيين الفرنسيين تفهُّماً للإسلام ولانتظارات المسلمين.
التحدي الذي تعيشه فرنسا، بصفة خاصة، والغرب، بصفة عامة، كبير. تحدٍّ مجتمعي وأمني رهيب، ساهم فيه أبناء ومواطنون من هذه البلدان، بعضهم من أصول عربية وإسلامية، وبعضهم الآخر اعتنق الإسلام، ولكنه، اختار الجانب الأكثر تطرفاً وظلامية. أي أن الغرب أصبح، يعيش نوعاً من حرب أهلية. والغرب حين يبدي هذا الجزع، فهو لا يبالغ في إظهار الخوف والقلق، فالأجيال الشابة، أي تلك التي ولدت بعد 1945، لم تعرف الحرب في بلادها، وكما يقول المؤرخ الفرنسي هنري روسو Henry ROUSSO، في ليبراسيون (سبت 21 نوفمبر): "فلن نفتح ملاجئ الدفاع الجوي"، ويتحدث عن ردود الفعل الشعبية التي أعقبت الاعتداءات، فيقول: "لا شيء يثير الذهول إذا رأيت الناس يتعلقون ببلدهم حين يكون هذا الأخير مُهدَّدا، بشكل حقيقي." ويظهر المؤرخ إعجابه حين "ظهرت تظاهرات عفوية، ردّا على الأحداث، بما فيها التي حدثت بين طبقات تنتمي لـ"التعددية الثقافية"". وكما قال لنا الباحث والأكاديمي ألان جوكس: "لا يمكن، بأية حالة، الاستهانة بالخوف الذي يسيطر على الغرب، في قلب عواصمه". فليس من السهل تصوّر، إرهابيين يعيثون قتلاً وإرهاباً في شوارع باريس خلال ساعتين أو أكثر، أمام عدسات العالم، والأخبار يتابعها ويتناقلها الفرنسيون، والعالَم، بشكل مباشر، كما لو أن الدولة غائبةٌ، في أكبر تحدٍّ أمني تعرفه الدولة الفرنسية، منذ التحرير 1945. كما أنه ليس من السهل أن يتقبّل المواطن البلجيكي وضع العاصمة البلجيكية والأوروبية، بروكسيل، في حالة طوارئ قصوى، خلال أيام عديدة، ويصبح المواطن البلجيكي سجين بيته.
كل هذا لأن فئة ضالة اختارت أن تَخرق الأمان الذي استعادته فرنسا، بصعوبة، والمتجهة نحو استحقاقات انتخابية في بداية شهر ديسمبر/كانون الأول، ثم نحو أعياد الميلاد والسنة الجديدة، وأن تضرب في مَقتل كُلّ القِيَم الحضارية والإنسانية، وترتكب فعلتها الغادرة، حيث لا يتوقع أحدٌ.
نسف التعايش
الأماكن التي اختارها الإرهابيون مسرحاً لعملياتهم، كانت دليلاً على رفضهم مبدأ "العيش المشترك" (vivre ensemble) بين فئات الشعب الفرنسي، فانصبَّ حقدُهُم على المقاطعة الباريسية الحادية عشرة، القلب النابض لمجموعات سكانية يغلب عليها ما يُطلق عليهم "البورجوازيين البوهيميين" (Bobos)، الذين يصوتون، غالباً، لليسار، وخصوصاً للتيارات الإيكولوجية، وهي من أكثر الأحزاب تفهماً لمطالب الأقليات في فرنسا (وقد لوحظت مواقفها المتفهمة لهموم المسلمين في مسائل الحجاب ومرافقة الأمهات المحجبات لأبنائهن في النزهات المدرسية، وأيضا تقديم أطباق بديلة للتلاميذ في حال تقديم لحم الخنزير في المطاعم المدرسية أو تلك التي تسيّرها البلديات)، كما اختاروا ضرب مسرح باتاكلان ( 50 بولفار فولتير)، وهم يعلمون (أو لا يعلمون!) أن الأوساط الثقافية في فرنسا والغرب، هي التي تضمّ بين أفرادها أكبر درجات تفهّم الآخَر في اختلافاته ورؤاه للعالَم. وأخيراً، اختار هؤلاء الإرهابيون ضرب ملعب كرة قدم (ستاد دي فرانس)، لأن كرة القدم هي إحدى الرياضات التي توحد بين مختلف فئات الأمّة، وقد لاحظ الدارسون والباحثون تدني العنصرية في فرنسا إلى أدنى مستوياتها سنة 1998، حين نظّم هذا البلد كأس العالم لكرة القدم وفاز بها. إضافة إلى أن كثيراً من أبناء المجموعات الهشة في المجتمع يحققون ارتقاءً أو اندماجاً اجتماعيين بفضل الرياضات، وخصوصاً كرة القدم، ثم إن الفريق الفرنسي، ومنذ عقود، يضمّ بين لاعبيه عناصرَ من أصول عربية وإفريقية.
وإذا كان الاعتداء الإرهابي الآثم على "شارلي إيبدو" حصد أرواح فرنسيين غير مسلمين في معظمهم، إذا استثنينا الشرطي أحمد مرابط، الذي كانت مَشاهِدُ إعدامه، التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية، بالغةَ القسوة، لأنها تمت في الشارع وأمام الكاميرات، فإن هذه الاعتداءات الإرهابية والوحشية وحدّت بين الضحايا الأبرياء، ومزجت الدماء من كل الأعراق والأديان
والألوان والجنسيات: من عرب ومسلمين وسود وآسيويين وفرنسيين ومسيحيين وبوذيين وسياح وغيرهم.
وإذا كانت التحقيقات البوليسية الفرنسية لم تكشف، بعدُ، كل ما في جعبتها، بسبب حركية الإرهابيين وسهولة انتقالهم، عبر دول أوروبية (اليونان، إسبانيا، فرنسا بلجيكا وهولندا ودول اسكندنافية أخرى..) وبالتالي صعوبة رصدهم في فضاء شينغين الأوروبي الواسع، وأيضاً بسبب ما أطلق عليه بـ "الخزّان" البلجيكي للإرهاب، وهو ما يجعل درجة القلق عالية، إضافة إلى أن العديد من الضالعين في الهجمات الأخيرة لا يزالون مجهولين، خصوصاً الانتحاريين الاثنين في ملعب ستاد دي فرانس، بسان- دوني، واللذين لم يُتعرَّف عليهما بعد، ويبدو أن جوازي السفر السوريين اللذين عُثر عليهما إلى جانبهما ساهما في إرساء نوع من الغموض، إضافة إلى الشخص الذي قتل في الغارة البوليسية على مخبأ سان- دوني، إلى جانب القائد المفترض للمجموعة، عبدالحميد أبو عوض، وهو من أصول مغربية.
لحظة فارقة
تحديات
وإذا كان التحدي الأول (الاعتداء على شارلي)، على الجالية العربية الإسلامية، ليس فقط في فرنسا، بل في كل دول الغرب، مؤلماً، ويتطلب كثيراً من الوقت ومن العمل لتجاوز آثاره السلبية عليها، فقد جاءت الاعتداءات الإرهابية الجديدة، لتضع الجالية العربية الإسلامية، من جديد، في قفص الاتهام. وهي وضعية غير مسبوقة، ولم تعرف الجالية العربية والإسلامية في الغرب لها مثيلاً.
فبين عشية وضحاها أصبحت الجالية العربية الإسلامية في فرنسا والعرب "رهينة" عصابة إرهابية وخائنة (لوطنها وشعبها)، ارتكبت فظاعات، لا تخطُرُ على البال، بِاسْم فهمٍ إجرامي للدين الإسلامي. وأصبح، من الضروري، على كل شرائح وفئات ومستويات هذه الجالية العربية والإسلامية، من فرنسيين ومهاجرين وأجانب، أن يعلنوا موقفهم الصريح والنهائي، وهو
التحدي الذي تعيشه فرنسا، بصفة خاصة، والغرب، بصفة عامة، كبير. تحدٍّ مجتمعي وأمني رهيب، ساهم فيه أبناء ومواطنون من هذه البلدان، بعضهم من أصول عربية وإسلامية، وبعضهم الآخر اعتنق الإسلام، ولكنه، اختار الجانب الأكثر تطرفاً وظلامية. أي أن الغرب أصبح، يعيش نوعاً من حرب أهلية. والغرب حين يبدي هذا الجزع، فهو لا يبالغ في إظهار الخوف والقلق، فالأجيال الشابة، أي تلك التي ولدت بعد 1945، لم تعرف الحرب في بلادها، وكما يقول المؤرخ الفرنسي هنري روسو Henry ROUSSO، في ليبراسيون (سبت 21 نوفمبر): "فلن نفتح ملاجئ الدفاع الجوي"، ويتحدث عن ردود الفعل الشعبية التي أعقبت الاعتداءات، فيقول: "لا شيء يثير الذهول إذا رأيت الناس يتعلقون ببلدهم حين يكون هذا الأخير مُهدَّدا، بشكل حقيقي." ويظهر المؤرخ إعجابه حين "ظهرت تظاهرات عفوية، ردّا على الأحداث، بما فيها التي حدثت بين طبقات تنتمي لـ"التعددية الثقافية"". وكما قال لنا الباحث والأكاديمي ألان جوكس: "لا يمكن، بأية حالة، الاستهانة بالخوف الذي يسيطر على الغرب، في قلب عواصمه". فليس من السهل تصوّر، إرهابيين يعيثون قتلاً وإرهاباً في شوارع باريس خلال ساعتين أو أكثر، أمام عدسات العالم، والأخبار يتابعها ويتناقلها الفرنسيون، والعالَم، بشكل مباشر، كما لو أن الدولة غائبةٌ، في أكبر تحدٍّ أمني تعرفه الدولة الفرنسية، منذ التحرير 1945. كما أنه ليس من السهل أن يتقبّل المواطن البلجيكي وضع العاصمة البلجيكية والأوروبية، بروكسيل، في حالة طوارئ قصوى، خلال أيام عديدة، ويصبح المواطن البلجيكي سجين بيته.
كل هذا لأن فئة ضالة اختارت أن تَخرق الأمان الذي استعادته فرنسا، بصعوبة، والمتجهة نحو استحقاقات انتخابية في بداية شهر ديسمبر/كانون الأول، ثم نحو أعياد الميلاد والسنة الجديدة، وأن تضرب في مَقتل كُلّ القِيَم الحضارية والإنسانية، وترتكب فعلتها الغادرة، حيث لا يتوقع أحدٌ.
نسف التعايش
الأماكن التي اختارها الإرهابيون مسرحاً لعملياتهم، كانت دليلاً على رفضهم مبدأ "العيش المشترك" (vivre ensemble) بين فئات الشعب الفرنسي، فانصبَّ حقدُهُم على المقاطعة الباريسية الحادية عشرة، القلب النابض لمجموعات سكانية يغلب عليها ما يُطلق عليهم "البورجوازيين البوهيميين" (Bobos)، الذين يصوتون، غالباً، لليسار، وخصوصاً للتيارات الإيكولوجية، وهي من أكثر الأحزاب تفهماً لمطالب الأقليات في فرنسا (وقد لوحظت مواقفها المتفهمة لهموم المسلمين في مسائل الحجاب ومرافقة الأمهات المحجبات لأبنائهن في النزهات المدرسية، وأيضا تقديم أطباق بديلة للتلاميذ في حال تقديم لحم الخنزير في المطاعم المدرسية أو تلك التي تسيّرها البلديات)، كما اختاروا ضرب مسرح باتاكلان ( 50 بولفار فولتير)، وهم يعلمون (أو لا يعلمون!) أن الأوساط الثقافية في فرنسا والغرب، هي التي تضمّ بين أفرادها أكبر درجات تفهّم الآخَر في اختلافاته ورؤاه للعالَم. وأخيراً، اختار هؤلاء الإرهابيون ضرب ملعب كرة قدم (ستاد دي فرانس)، لأن كرة القدم هي إحدى الرياضات التي توحد بين مختلف فئات الأمّة، وقد لاحظ الدارسون والباحثون تدني العنصرية في فرنسا إلى أدنى مستوياتها سنة 1998، حين نظّم هذا البلد كأس العالم لكرة القدم وفاز بها. إضافة إلى أن كثيراً من أبناء المجموعات الهشة في المجتمع يحققون ارتقاءً أو اندماجاً اجتماعيين بفضل الرياضات، وخصوصاً كرة القدم، ثم إن الفريق الفرنسي، ومنذ عقود، يضمّ بين لاعبيه عناصرَ من أصول عربية وإفريقية.
وإذا كان الاعتداء الإرهابي الآثم على "شارلي إيبدو" حصد أرواح فرنسيين غير مسلمين في معظمهم، إذا استثنينا الشرطي أحمد مرابط، الذي كانت مَشاهِدُ إعدامه، التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية، بالغةَ القسوة، لأنها تمت في الشارع وأمام الكاميرات، فإن هذه الاعتداءات الإرهابية والوحشية وحدّت بين الضحايا الأبرياء، ومزجت الدماء من كل الأعراق والأديان
وإذا كانت التحقيقات البوليسية الفرنسية لم تكشف، بعدُ، كل ما في جعبتها، بسبب حركية الإرهابيين وسهولة انتقالهم، عبر دول أوروبية (اليونان، إسبانيا، فرنسا بلجيكا وهولندا ودول اسكندنافية أخرى..) وبالتالي صعوبة رصدهم في فضاء شينغين الأوروبي الواسع، وأيضاً بسبب ما أطلق عليه بـ "الخزّان" البلجيكي للإرهاب، وهو ما يجعل درجة القلق عالية، إضافة إلى أن العديد من الضالعين في الهجمات الأخيرة لا يزالون مجهولين، خصوصاً الانتحاريين الاثنين في ملعب ستاد دي فرانس، بسان- دوني، واللذين لم يُتعرَّف عليهما بعد، ويبدو أن جوازي السفر السوريين اللذين عُثر عليهما إلى جانبهما ساهما في إرساء نوع من الغموض، إضافة إلى الشخص الذي قتل في الغارة البوليسية على مخبأ سان- دوني، إلى جانب القائد المفترض للمجموعة، عبدالحميد أبو عوض، وهو من أصول مغربية.
لحظة فارقة
التلميذة إيناس، في ربيعها الثاني عشر، روت قصة زميلها الفرنسي، الذي كان حاضرا في ملعب كرة القدم، ستاد دي فرانس، مع أبيه، والذي لم يفطن، حتى انتهت المباراة إلى ما كان يتهدده، والذي قصّ قصته في المدرسة على زملائه، الذين كانوا مذهولين لما جرى. وتقول إيناس، في براءتها: "لماذا يريد هؤلاء الأشرار، كما سمتهم مديرة مدرستنا، أن يقتلوا الأطفال في ملعب كرة القدم؟..." شهادات كثيرة، اطلعنا عليها من فاعلين سياسيين وجمعويين، لا يتسع المجال لذكرها، تجمع على أن الاعتداءات الإرهابية العمياء الأخيرة تعتبر لحظة فارقة في تاريخ الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا، إذ لم يعد مقبولا، بأية حال من الأحوال، البقاء على الحياد، لأن ما حدث يستهدف الجميع، ويتطلب وقفة من الجميع، ومسلمو فرنسا وأوروبا، ليسوا استثناء. وكما قال خطيب مسجد باريس في الجمعة التي تلت الأحداث: "هذه الفئة الضالة خانت الأمانة والعهود والأمّة ويجب التبرؤ والتخلص منها". وحتى وإن كانت هذه اللحظة فارقة في الحياة الاجتماعية والسياسية في فرنسا، فإنها أعادت وضع موضوع الإرهاب الداخلي على الطاولة، مما يعني أن لا أحد في منآى عن التطرف، والذي يمكن أن تطاله شظاياه في أي وقت.