يسابق الجزائريون الزمن بحثاً عن العملة الصعبة فيالسوق السوداء خوفاً من انهيار قيمة الدينار، ما أحدث حالة عدم استقرار للعملة الصعبة خارج التعاملات الرسمية.
وانتعشت التحويلات في ما يعرف بساحة "السكوار" وهي "سوق موازية" للعملة الصعبة وسط العاصمة الجزائرية، بسبب تزايد مخاوف الجزائريين من فقدان العملة المحلية لمزيد من بريقها، خصوصاً بعد منح البرلمان الجزائري الضوء الأخضر للحكومة لكي تعتمد على "التمويل غير التقليدي" للخزينة العمومية من خلال الاقتراض من البنك المركزي، ما يعني طبع المزيد من النقود، وبالتالي سيؤثر على قيمة العملة، حسب محللين ماليين.
وبلغ سعر اليورو في السوق السوداء، في نهاية الأسبوع، 240 ديناراً جزائرياً في وقت لم يتعد 133 ديناراً في السوق الرسمية لصرف العملات، بينما لم يتخط حدود 180 ديناراً بالسوق السوداء قبل عشرة أيام، كما قفز سعر الدولار الأميركي من 160 ديناراً إلى 170 ديناراً للدولار في السوق السوداء خلال أقل من أسبوع في حين يبلغ سعر صرف الدولار الواحد في التعاملات البنكية 113 ديناراً.
وقال الشاب أحمد الذي ينشط في ساحة "السكوار" إن "الإقبال ارتفع كثيرا في الأيام الأخيرة، وخاصة على اليورو".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "الزبائن أصبحوا يطلبون مبالغ لا تقل عن ألف يورو"، وكشف أن "أكبر مبلغ قام ببيعه هو 40 ألف يورو يوم السبت الماضي لأحد المقاولين الذي قال له إنه يملك مبلغا كبيرا من المال في المنزل يريد تحويله إلى العملة الصعبة".
وكان رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى قد انتقد، يوم الاثنين الماضي، الإشاعات في سوق الصرف غير الرسمية، وخاطب نواب البرلمان قائلاً إن "الإشاعات تغذي سوق السكوار ما جعل سعر العملة الصعبة في تصاعد صاروخي"، وهدد مطلقي هذه الإشاعات قائلاً إن "من يشتري اليورو والدولار اليوم سيأتي لاحقاً ليعيد تحويله إلى الدينار".
وتقيد الجزائر بشكل كبير عملية صرف العملة في السوق الرسمية، ولا يحق للجزائري إلا منحة سياحية سنوية تعادل 15 ألف دينار من العملة الأوروبية الموحدة أو الدولار الأميركي مرة واحدة في السنة، ما يرفع الإقبال على السوق السوداء.
ويرجع بائع أخر للعملة الصعبة في السوق الموازية يدعى عبد الله إسلام هذا الارتفاع في أسعار صرف العملة الصعبة مقابل الدينار في موسم يتسم عادة بالركود بسبب انتهاء العطل ورحلات الحج، إلى "تخوف الجزائري من انهيار قيمة الدينار فكل من يقصده إلا ويردد عبارة "الدينار مات".
سوق موازية أخرى انتعشت مؤخرا بفعل تزايد مخاوف الجزائر من انهيار عملة البلاد، وهي سوق الذهب التي خرجت من الركود الذي لفها منذ أكثر من سنة جراء عزوف الجزائريين عنه لارتفاع أسعاره.
وأدى هذا الإقبال إلى ارتفاع سعر الغرام الواحد من الذهب ليصل إلى 8 آلاف دينار (70 دولاراً) للذهب المحلي ذي 24 قيراطاً، بعدما تراوح بين 5 آلاف دينار (44 دولاراً) و6 آلاف دينار (54 دولاراً)، في وقت سابق من العام الجاري، كما ارتفعت أسعار الذهب المستعمل بحوالي ألف دينار للغرام الواحد.
ويرجع الباعة الذين التقتهم "العربي الجديد" في حديقة "واد كنيس" المشهورة وسط العاصمة الجزائرية ببيع الذهب الجديد والمستعمل، ارتفاع أسعار الذهب مؤخرا إلى تهافت الجزائريين على شرائه وتخزينه في البيت عوض الإبقاء على مدخراتهم كأوراق نقدية".
وأضاف أحد الباعة، الذي رفض ذكر اسمه، لـ "العربي الجديد" أن "الخوف من سقوط قيمة الدينار بات الشغل الشاغل للجزائريين حاليا و كلهم متخوف من تكرار سيناريو اليونان أو فنزويلا".
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي جمال نور الدين أن "تخوف الجزائريين من انهيار الدينار يزداد مع مرور الأيام، خصوصا مع معاناتهم من تراجع قدرتهم الشرائية".
وأضاف نور الدين لـ "العربي الجديد" أن" الجزائريين باتوا لا يثقون في عملتهم ويفضلون تحويل أموالهم إلى العملة الأجنبية والذهب وهذا أمر خطير سياسيا واقتصاديا".
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن "الجزائر عاشت سيناريو مماثلا سنة 2011 حين بدأت التغييرات في المنطقة إذ تخوف المواطنون من حدوث اضطرابات في البلاد، فسارعوا إلى إخراج الأموال من الأرصدة البنكية والأموال المحفوظة في البيوت وتحويلها إلى اليورو بحكم الاقتراب الجغرافي مع القارة العجوز، وأدى ذلك إلى حدوث أزمة سيولة حادة في البلاد وأعلنت البنوك آنذاك عن وضع ضوابط مشدّدة للسحب اليومي".
وقال نور الدين إن "الأمر سابق لأوانه للتنبؤ حول حجم انهيار قيمة الدينار والحكومة مطالبة بتقديم توضيحات للشعب".
يذكر أن الحكومة الجزائرية كانت قد تبنت مجوعة من التدابير المتعلقة باللجوء إلى ما يعرف بـ "التمويلات غير التقليدية" للسنوات الخمس القادمة، لسد عجز الميزانية وتحريك عجلة الاقتصاد، في ظل الصعوبات التي تواجهها المالية العمومية للدولة، التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط.
وستسمح هذه "التمويلات غير التقليدية" للخزينة العمومية التي صادق عليها البرلمان، بالاقتراض من السوق البنكية لمواجهة العجز المالي الذي بلغ السنة الماضية 30 مليار دولار، إلا أن هذه الخطوة تلقى انتقادات حادة بالأوساط الاقتصادية.
اقــرأ أيضاً
وانتعشت التحويلات في ما يعرف بساحة "السكوار" وهي "سوق موازية" للعملة الصعبة وسط العاصمة الجزائرية، بسبب تزايد مخاوف الجزائريين من فقدان العملة المحلية لمزيد من بريقها، خصوصاً بعد منح البرلمان الجزائري الضوء الأخضر للحكومة لكي تعتمد على "التمويل غير التقليدي" للخزينة العمومية من خلال الاقتراض من البنك المركزي، ما يعني طبع المزيد من النقود، وبالتالي سيؤثر على قيمة العملة، حسب محللين ماليين.
وبلغ سعر اليورو في السوق السوداء، في نهاية الأسبوع، 240 ديناراً جزائرياً في وقت لم يتعد 133 ديناراً في السوق الرسمية لصرف العملات، بينما لم يتخط حدود 180 ديناراً بالسوق السوداء قبل عشرة أيام، كما قفز سعر الدولار الأميركي من 160 ديناراً إلى 170 ديناراً للدولار في السوق السوداء خلال أقل من أسبوع في حين يبلغ سعر صرف الدولار الواحد في التعاملات البنكية 113 ديناراً.
وقال الشاب أحمد الذي ينشط في ساحة "السكوار" إن "الإقبال ارتفع كثيرا في الأيام الأخيرة، وخاصة على اليورو".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "الزبائن أصبحوا يطلبون مبالغ لا تقل عن ألف يورو"، وكشف أن "أكبر مبلغ قام ببيعه هو 40 ألف يورو يوم السبت الماضي لأحد المقاولين الذي قال له إنه يملك مبلغا كبيرا من المال في المنزل يريد تحويله إلى العملة الصعبة".
وكان رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى قد انتقد، يوم الاثنين الماضي، الإشاعات في سوق الصرف غير الرسمية، وخاطب نواب البرلمان قائلاً إن "الإشاعات تغذي سوق السكوار ما جعل سعر العملة الصعبة في تصاعد صاروخي"، وهدد مطلقي هذه الإشاعات قائلاً إن "من يشتري اليورو والدولار اليوم سيأتي لاحقاً ليعيد تحويله إلى الدينار".
وتقيد الجزائر بشكل كبير عملية صرف العملة في السوق الرسمية، ولا يحق للجزائري إلا منحة سياحية سنوية تعادل 15 ألف دينار من العملة الأوروبية الموحدة أو الدولار الأميركي مرة واحدة في السنة، ما يرفع الإقبال على السوق السوداء.
ويرجع بائع أخر للعملة الصعبة في السوق الموازية يدعى عبد الله إسلام هذا الارتفاع في أسعار صرف العملة الصعبة مقابل الدينار في موسم يتسم عادة بالركود بسبب انتهاء العطل ورحلات الحج، إلى "تخوف الجزائري من انهيار قيمة الدينار فكل من يقصده إلا ويردد عبارة "الدينار مات".
سوق موازية أخرى انتعشت مؤخرا بفعل تزايد مخاوف الجزائر من انهيار عملة البلاد، وهي سوق الذهب التي خرجت من الركود الذي لفها منذ أكثر من سنة جراء عزوف الجزائريين عنه لارتفاع أسعاره.
وأدى هذا الإقبال إلى ارتفاع سعر الغرام الواحد من الذهب ليصل إلى 8 آلاف دينار (70 دولاراً) للذهب المحلي ذي 24 قيراطاً، بعدما تراوح بين 5 آلاف دينار (44 دولاراً) و6 آلاف دينار (54 دولاراً)، في وقت سابق من العام الجاري، كما ارتفعت أسعار الذهب المستعمل بحوالي ألف دينار للغرام الواحد.
ويرجع الباعة الذين التقتهم "العربي الجديد" في حديقة "واد كنيس" المشهورة وسط العاصمة الجزائرية ببيع الذهب الجديد والمستعمل، ارتفاع أسعار الذهب مؤخرا إلى تهافت الجزائريين على شرائه وتخزينه في البيت عوض الإبقاء على مدخراتهم كأوراق نقدية".
وأضاف أحد الباعة، الذي رفض ذكر اسمه، لـ "العربي الجديد" أن "الخوف من سقوط قيمة الدينار بات الشغل الشاغل للجزائريين حاليا و كلهم متخوف من تكرار سيناريو اليونان أو فنزويلا".
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي جمال نور الدين أن "تخوف الجزائريين من انهيار الدينار يزداد مع مرور الأيام، خصوصا مع معاناتهم من تراجع قدرتهم الشرائية".
وأضاف نور الدين لـ "العربي الجديد" أن" الجزائريين باتوا لا يثقون في عملتهم ويفضلون تحويل أموالهم إلى العملة الأجنبية والذهب وهذا أمر خطير سياسيا واقتصاديا".
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن "الجزائر عاشت سيناريو مماثلا سنة 2011 حين بدأت التغييرات في المنطقة إذ تخوف المواطنون من حدوث اضطرابات في البلاد، فسارعوا إلى إخراج الأموال من الأرصدة البنكية والأموال المحفوظة في البيوت وتحويلها إلى اليورو بحكم الاقتراب الجغرافي مع القارة العجوز، وأدى ذلك إلى حدوث أزمة سيولة حادة في البلاد وأعلنت البنوك آنذاك عن وضع ضوابط مشدّدة للسحب اليومي".
وقال نور الدين إن "الأمر سابق لأوانه للتنبؤ حول حجم انهيار قيمة الدينار والحكومة مطالبة بتقديم توضيحات للشعب".
يذكر أن الحكومة الجزائرية كانت قد تبنت مجوعة من التدابير المتعلقة باللجوء إلى ما يعرف بـ "التمويلات غير التقليدية" للسنوات الخمس القادمة، لسد عجز الميزانية وتحريك عجلة الاقتصاد، في ظل الصعوبات التي تواجهها المالية العمومية للدولة، التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط.
وستسمح هذه "التمويلات غير التقليدية" للخزينة العمومية التي صادق عليها البرلمان، بالاقتراض من السوق البنكية لمواجهة العجز المالي الذي بلغ السنة الماضية 30 مليار دولار، إلا أن هذه الخطوة تلقى انتقادات حادة بالأوساط الاقتصادية.