الجزائريون يرمون 12 مليون رغيف خبز يومياً

15 يوليو 2015
تبذير الخبز عادة عند الجزائريين (Getty)
+ الخط -
مع اقتراب شهر رمضان تكتظ الأسواق الجزائرية والمحلات التجارية بالزبائن، في مشهد يوحي بأن هناك تسارعاً وتنافساً فيما بينهم على من يظفر بلقب أكبر مستهلك. حتى أن الكثير من السلع والمواد الاستهلاكية تنفذ من هذه المحلات رغم كبرها، في يوم واحد، وهي الظاهرة التي تجعل الانطباع السائد بأن شهر رمضان هو شهر الإسراف. وليت الأمر يتوقف عند الأسبوع الذي يسبق رمضان فقط، فالظاهرة تتواصل طيلة أيام الشهر الفضيل.

جولة بسيطة قادت "العربي الجديد" إلى أحد المراكز التجارية في الجزائر العاصمة، حيث كان الإطلاع عن كثب على هذا السلوك الاستهلاكي الشره، حتى الخبز الذي يوصف الجزائريون بأنهم أكبر المستهلكين له في العالم، تجدهم يشترونه بالأكياس، وبالمقابل تجد القمامة تعج بالفضلات المنزلية من أطعمة وخبز.


وفي اتصال هاتفي لـ "العربي الجديد" بالأمين العام لاتحاد الخبازين الجزائريين يوسف قلفاط، أكد الأخير أنه وعلى الرغم من تراجع استهلاك العائلات الجزائرية للخبز في رمضان هذه السنة، إلا أن الإقبال على هذه المادة ما زال كبيراً، مضيفاً أن المخابز على المستوى الوطني تنتج يومياً في رمضان 23 مليون رغيف خبز لأربعين مليون جزائري، مقابل 28 مليون رغيف العام الماضي. ولفت إلى أنه من بين الـ 23 مليون رغيف، يُرمى نحو 12 مليون في القمامة.

وشرح قلفاط أن كمية الخبز التي تنتج في غير رمضان تقدر بحوالى 70 مليون رغيف يومياً، مرجعاً سبب تقلص استهلاك الخبز في رمضان إلى تقلص عدد الوجبات الغذائية، واعتماد غالبية الجزائريين في السحور على الكسكس واللبن، بالإضافة إلى حرارة الصيف التي تقلل من الشهية.

من جهته، رأى الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين طاهر بولنوار، أن أكثر المواد عرضة للتبذير هي المواد المدعمة من طرف الدولة، كالخبز والحليب والسكر والزيت وغيرها، مضيفاً في حديثه إلى "العربي الجديد" أن استقرار أسعار المواد الغذائية في هذا الشهر على عكس رمضان الماضي كان له دور هو الآخر في تزايد الاستهلاك.

وأشار بولنوار إلى أن التبذير لا يقتصر على البيوت والمطاعم، بل حتى على مستوى غرف تبريد المواد الغذائية والخضر والفواكه التي صار يمتلكها من هب ودب من أصحاب رؤوس الأموال، دون دراية منهم بشروط الحفظ والتبريد. واعتبر أن همهم الوحيد هو الربح السريع وحسب، حيث يفسد كل شهر ما نسبته 10% من هذه المواد داخل غرف التبريد.


وقال نائب رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك سمير لقصوري، أن العائلة الجزائرية كانت تعتمد على جمع "العولة" وهي عملية ادخار المواد الغذائية خوفاً من نفادها، مضيفاً أن هذا السلوك دعمه في الوقت الحالي انعدام الثقة بين المستهلك والجهات الوصية، بسبب الارتفاعات المفاجئة في أسعار المواد الاستهلاكية.

وأشار لقصور إلى أنه وبفضل تضافر جهود جمعيات حماية المستهلك تراجعت هذه العادات بشكل ملحوظ، لكنها لم تندثر، حيث لازال المواطن الجزائري يسرف ويبذر المواد الغذائية بشكر كبير. ولفت إلى انعدام التنسيق بين أفراد العائلة الواحدة في شراء المواد الغذائية الاستهلاكية في رمضان. حيث وفي عائلة واحدة يشتري كل فرد الخبز وكذا الحلويات والعصائر، ولا يأكلون منها إلى القليل فيما يرمون الباقي، خاصة الخبز الذي لا يمكن أكله في اليوم التالي لرداءة نوعيته وعدم مطابقته المعايير المطلوبة.

وشدد لقصوري على ضرورة أن يبتعد المواطنون عن عادة تخزين المواد الغذائية، مفضلاً أن تفسد هذه المواد عند البائع على أن تفسد عند العائلة، فهذا من شأنه أن يعمل على خفض الأسعار.

أما المدير التنفيذي للفيدرالية الوطنية لحماية المستهلكين محمد تومي فأكد في حديث مع "العربي الجديد"، أن الفدرالية شرعت منذ بداية رمضان هذا في حملة تحسيس واسعة لترشيد الاستهلاك في أوساط المواطنين، مضيفاً أن غياب ثقافة الاستهلاك لدى الجزائري، جعلت الإسراف والتبذير يطبعان يوميات هذا الشهر. ولفت إلى أنه وحسب إحصائيات قامت بها الفدرالية، تصرف عائلة مكونة من أربعة أفراد في المتوسط خلال رمضان ما قيمته 1500 دولار على المواد الغذائية، يذهب نصفها إلى القمامة، خاصة منها مادة الخبز.
المساهمون