تهافت عشرات الآلاف من الموظفين في الجزائر، لاسيما في قطاعي التعليم والصحة، على التقدم بطلبات التقاعد قبل سن الستين، وفقا لنظام معمول به حالياً، وذلك استباقاً لتعديلات حكومية تقضي بعدم السماح بالتقاعد قبل هذا السن، وسط قلق من ارتفاع معدلات الراغبين في التقاعد قبل تطبيق التعديلات، ما ينذر بأزمة في سوق العمل.
وبموجب النظام المطبق حالياً، يمكن لأي شخص عمل في المجموع 32 عاماً، التقاعد من دون انتظار السن القانونية المحددة بستين عاماً، لكن الحكومة عدّلت قانون التقاعد، في يوليو/تموز الماضي، ومن المنتظر تطبيقه مطلع عام 2017، بما يسمح بوقف المعاشات قبل بلوغ سن الستين عاماً لتوفير موارد مالية للدولة، وهو ما يرفضه تكتل يضم 17 نقابة مستقلة في البلاد.
وتتوقع الحكومة أن يتقدم حوالي 200 ألف عامل جزائري بطلبات الإحالة إلى التقاعد قبل مطلع يناير/كانون الثاني المقبل، بعدما أتموا 32 عاما في العمل، ما يعطيهم الحق في الاستفادة من التقاعد "المُسبق"، الذي لا يشترط بلوغ سن الستين.
وسيكون قطاعا التربية والصحة أكبر المتضررين من تعديل نظام التقاعد، حيث سارع عشرات الآلاف من العمال في القطاعين بتقديم طلباتهم إلى "الصندوق الوطني للتقاعد".
وقال مزيان مريان، رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، لـ "العربي الجديد"، إن "نحو 50 ألف معلم تقدموا بطلبات الإحالة إلى التقاعد حتى الآن، والعدد مرشح للارتفاع إلى 80 ألفا بنهاية العام الحالي".
وأضاف "نتوقع ألا يتم تعويض المحالين إلى التقاعد في ظل الأزمة المالية، كما أن الحكومة ستكون مُلزمة بتدبير 80 ألف وظيفة لصالح وزارة التربية، وإلا فإن الكثير من الأقسام ستصبح بدون معلمين بداية من 2017".
وفي قطاع الصحة، يقول لياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، إن "25% من الطواقم الطبية في المستشفيات طلبوا التقاعد المُسبق، ما يعني أن القطاع يعاني من هجرة جماعية، بينما يعاني عجزا كبيراً في اليد العاملة المؤهلة".
وتصر الحكومة على تعديل التقاعد، وفق تصريحات رئيس الوزراء، عبد المالك سلال، الذي قال يوم الأربعاء الماضي إنه لا رجعة في التعديلات لإنقاذ صندوق التقاعد الذي سجل عجزاً للسنة الثالثة على التوالي.
وقال جمال نور الدين، الخبير الاقتصادي، إن "المعدل العام لتمويل معاش متقاعد واحد هو اقتطاع مساهمات من 5 عمال ناشطين، وهو أمر مستحيل في ظل الأزمة المالية، التي دفعت الدولة إلى تقليص ميزانية التسيير بملياري دولار، وهي الميزانية التي تدفع منها رواتب العمال في القطاع العمومي".
في المقابل، ستجتمع 17 نقابة مستقلة منضوية تحت "التكتل النقابي المستقل الرافض لتعديل التقاعد"، يوم السبت المقبل، لتحديد الخطوات المقبلة، بعد تنظيم إضراب دام أربعة أيام الشهر الماضي.