أصبح الإنترنت سبباً لمشكلات طلاب البكالوريا في الجزائر مرتين، فالأولى عندما كان سبباً في تسريب الامتحانات، وواجهت الحكومة هذه المشكلة بقطع خطوط الإنترنت طوال فترة الامتحانات مما كبد البلاد خسائر اقتصادية فادحة بسبب توقف أعمال الشركات التجارية خاصة التي تعتمد على الرسائل الإلكترونية في العمل، وأصبح سبباً لمشكلة أخرى في المناطق النائية، فضعف وتكرار انقطاع الإنترنت تسبب في عدم استطاعة الكثير من طلبة البكالوريا التقديم للجامعات بالتخصصات التي يرغبون فيها، واشتكى الطلاب من صعوبة الولوج إلى مواقع التسجيلات الجامعية الإلكترونية وتصفح صفحات الموقع بصفة تسمح لهم باختيار رغباتهم.
ورغم طلباتهم بتمديد مدة التسجيلات الأولية والثانوية وتبسيط آليات عملية التسجيل والتوجيه، إلا أنه لم ينظر لهذه الطلبات بعين الاعتبار، وظل الوضع كما هو عليه من قبل وزارة التعليم العالي برقمنة جميع مراحل عملية التسجيل، وحصر إجراءات اختيار الرغبات والتسجيل والطعن عبر مواقع إلكترونية تعاني ضغطاً كبيراً عليها بسبب ضيق مدة فتح باب التسجيل، مما يعرقل الولوج إليها من قبل طلاب الولايات النائية في الجزائر.
اقــرأ أيضاً
ورغم طلباتهم بتمديد مدة التسجيلات الأولية والثانوية وتبسيط آليات عملية التسجيل والتوجيه، إلا أنه لم ينظر لهذه الطلبات بعين الاعتبار، وظل الوضع كما هو عليه من قبل وزارة التعليم العالي برقمنة جميع مراحل عملية التسجيل، وحصر إجراءات اختيار الرغبات والتسجيل والطعن عبر مواقع إلكترونية تعاني ضغطاً كبيراً عليها بسبب ضيق مدة فتح باب التسجيل، مما يعرقل الولوج إليها من قبل طلاب الولايات النائية في الجزائر.
يقول توفيق - من ولاية وادي سوف- الذي أنهى البكالوريا العام الماضي: " ضاعت فرحتي بنتائج البكالوريا بعد أن اضطررت للالتحاق بتخصص لا أريده بسبب عدم مقدرتي الولوج لموقع التقديم الجامعي، على أمل أن أستطيع التحويل مع بدء العام الدراسي من خلال ما يثبت حصولي على مجموع يؤهلني لدخول كلية الهندسة، لكن بطء الإجراءات الحكومية أضاع حلمي، لذلك أعيد البكالوريا حالياً على أمل الالتحاق بالتخصص الذي أرغب فيه بإذن الله".
وتقول سيرين بوشريف والدة أحد الطلاب الذين تعرضوا لمحاولة الانتحار ونجاه الله بسبب مشكلات التقديم الجامعي: " عندما يبذل الطالب قصارى جهده لتكوين مستقبله وينهار فجأة بسبب الإهمال وعدم التنسيق بين الوزارات كوزارة التعليم العالي ووزارة الاتصالات فهذا ينشئ جيلاً محبطاً مكتئباً".
وعن آلية التسجيل الجامعي يقول الأستاذ الهادي زغينة، مدير منتدى الهادي للعلوم بالجزائر، لـ"العربي الجديد": "عملية التسجيل الأولي في الجامعة مرقمنة لا تحتاج أي نوع من الوثائق الإدارية، ويتم التسجيل على الإنترنت مباشرة من البيت أو من الجامعة، وعند التسجيل الأولي يختار الطالب الاختصاص الذي يناسبه إذا كان معدل شهادته عالياً أو المقترح عليه آلياً إذا لم يكن معدله عالياً، وبعد ظهور نتائج التوجيه تبدأ متاعب الطلبة الجدد خاصة أن عدد الرغبات المقترحة في عمليات توجيه وتسجيل حاملي شهادة البكالوريا حدد بأربع رغبات فقط، والتي يحددها معدل الطالب في شهادة البكالوريا كما ذكرنا سابقاً، حيث يلجأ إلى الطعن بعد توجيه بعضهم إلى شعبة لا يرغبون فيها أو جامعة بعيدة عن مقر سكناهم وبعد نهاية مرحلة الطعون تبدأ مرحلة التسجيل النهائي في الجامعة المستقبلة.
وخلال مرحلة التسجيل الجامعي تسخر الجامعات كل وسائلها لضمان تسجيل ناجح ويسير للطلبة، كما يتم قبول الطلبة في الإقامة الجامعية في حدود قدرات الاستقبال المتاحة حسب كل جامعة، وبعض الطلبة الذين لم تتحقق رغباتهم في التوجيه يسجلون في الجامعة ويحجزون مقعدا لهم ولا يدرسون سنتهم الأولى جامعي بل يتقدمون من جديد للترشح في شهادة البكالوريا عسى أن يحسنوا معدلاتهم والحصول على رغباتهم في السنة المقبلة.
وتختلف معه كاميليا بوزيد الأستاذ بمدرسة بن خلدون للتعليم الثانوي بولاية الأغواط، فتقول: "هناك بعض الإجراءات الروتينية خلال التسجيل والتي لا أهمية لها، فمثلاً في التسجيل الأولي لا يتم الولوج إلا بعد الشطب على خانة قبول البنود في "وثيقة حقوق وواجبات الطالب"، والتي قد تأخذ يوماً كاملاً للانتهاء منها بسبب ضعف الإنترنت.
كما أنه في حالة عدم تلبية اختيارات الطالب بشكل صحيح، يكون لديه فرصة للطعن خلال يومين، يكون خلال الضغط على الموقع قد قل، لكن للأسف يعرض عليه الموقع الإلكتروني 3 شعب أخرى فقط يجب أن يختار منها، وغالباً ما يكون ما يرغب هو فيه غير متاح ضمن هذه المقترحات، فيضطر لقبول قسم لا يرغب فيه.
وأخيراً فمن الخطأ ربط ملف الإيواء الجامعي بالتسجيل الإلكتروني، فخلال المرحلة النهائية من التسجيل والتي تكون مدتها أربعة أيام، يتم قبول طلبات الإقامة الجامعية في حدود قدرات الاستقبال المتاحة حسب كل مدينة جامعية، كما أنه غالباً لا يدخل نطاق الإيواء من يقطنون في مناطق ذات الطبيعة الجغرافية الصعبة، وترتبط طلبات التقديم لملف الطعام الجامعي والتنقلات بقيمة رمزية بنفس مرحلة التسجيل الإلكتروني هذه".
اقــرأ أيضاً
ليس الإنترنت فقط
ولشريد حكيم، الأستاذ بثانوية المجاهد جعيجع جلول ـ تارمونت ولاية المسيلة، وجهة نظر أخرى حول طبيعة مشكلات التقديم الجامعي بالجزائر قائلاً: "هناك ثلاثة عوامل أساسية سببت هذه المشكلة بالتزامن مع مشكلة الإنترنت وهي:
- العامل الاجتماعي: فهناك الكثير من الطلبة الذين أصبحوا خاضعين تماما لسيطرة الفكر الاجتماعي بخصوص توجهاتهم في الجامعة وأصبح الكل يعتقد أن المستقبل ليس بالدراسة في الجامعة وإنما الحل يكمن في المدارس الوطنية الكبرى والمدارس العليا، كما سيطرت عليهم النظرة المادية لمستقبلهم العلمي فأصبح التلميذ مستعدا أن يدخل معهد paramedicale، وهو التخصص شبه الطبي التابع لوزارة الصحة، وليس لوزارة التعليم العالي، ويعزف عن اختصاص الفيزياء أو الهندسة الكهربائية وغيرها حتى ولو كانت طموحاً ورغبة بالنسبة إليه، وبالإضافة لذلك فهناك الجانب المادي الذي منع العديد من طلاب المناطق النائية ماديا من الدراسة في جامعات خارج مكان إقامتهم.
- العامل الثقافي والعلمي: وهو الجهل بالتخصصات المفتوحة في الجامعات لغياب دليل جامعي أو دورات تثقيفية في إطار النشاطات الثقافية في المؤسسات التربوية لعزوف الأساتذة عن دخول هذا الإطار، من جهة أخرى غياب شبه كلي لحب العلم في نفوس التلاميذ، وهنا تكمن المشكلة التي تحصر التلميذ في مجال ضيق فينحصر فكره ويصبح قليل الطموح.
- العامل النفسي: وهو عامل مركب، فالنقص الذي يعاني منه تلاميذ المناطق النائية تجاه نظرائهم في المدن الكبرى سواء في التعاملات والنظرة الاجتماعية للأفراد والذي سببته عوامل كنقص الثقافة الأجنبية أو ضعف في اللغات الأجنبية وقلة المتابعة العصرية لمستجدات الساحة العالمية في كل جوانبها بسبب نقص أو انعدام وسائل اتصال.
اقــرأ أيضاً
وتقول سيرين بوشريف والدة أحد الطلاب الذين تعرضوا لمحاولة الانتحار ونجاه الله بسبب مشكلات التقديم الجامعي: " عندما يبذل الطالب قصارى جهده لتكوين مستقبله وينهار فجأة بسبب الإهمال وعدم التنسيق بين الوزارات كوزارة التعليم العالي ووزارة الاتصالات فهذا ينشئ جيلاً محبطاً مكتئباً".
وعن آلية التسجيل الجامعي يقول الأستاذ الهادي زغينة، مدير منتدى الهادي للعلوم بالجزائر، لـ"العربي الجديد": "عملية التسجيل الأولي في الجامعة مرقمنة لا تحتاج أي نوع من الوثائق الإدارية، ويتم التسجيل على الإنترنت مباشرة من البيت أو من الجامعة، وعند التسجيل الأولي يختار الطالب الاختصاص الذي يناسبه إذا كان معدل شهادته عالياً أو المقترح عليه آلياً إذا لم يكن معدله عالياً، وبعد ظهور نتائج التوجيه تبدأ متاعب الطلبة الجدد خاصة أن عدد الرغبات المقترحة في عمليات توجيه وتسجيل حاملي شهادة البكالوريا حدد بأربع رغبات فقط، والتي يحددها معدل الطالب في شهادة البكالوريا كما ذكرنا سابقاً، حيث يلجأ إلى الطعن بعد توجيه بعضهم إلى شعبة لا يرغبون فيها أو جامعة بعيدة عن مقر سكناهم وبعد نهاية مرحلة الطعون تبدأ مرحلة التسجيل النهائي في الجامعة المستقبلة.
وخلال مرحلة التسجيل الجامعي تسخر الجامعات كل وسائلها لضمان تسجيل ناجح ويسير للطلبة، كما يتم قبول الطلبة في الإقامة الجامعية في حدود قدرات الاستقبال المتاحة حسب كل جامعة، وبعض الطلبة الذين لم تتحقق رغباتهم في التوجيه يسجلون في الجامعة ويحجزون مقعدا لهم ولا يدرسون سنتهم الأولى جامعي بل يتقدمون من جديد للترشح في شهادة البكالوريا عسى أن يحسنوا معدلاتهم والحصول على رغباتهم في السنة المقبلة.
وتختلف معه كاميليا بوزيد الأستاذ بمدرسة بن خلدون للتعليم الثانوي بولاية الأغواط، فتقول: "هناك بعض الإجراءات الروتينية خلال التسجيل والتي لا أهمية لها، فمثلاً في التسجيل الأولي لا يتم الولوج إلا بعد الشطب على خانة قبول البنود في "وثيقة حقوق وواجبات الطالب"، والتي قد تأخذ يوماً كاملاً للانتهاء منها بسبب ضعف الإنترنت.
كما أنه في حالة عدم تلبية اختيارات الطالب بشكل صحيح، يكون لديه فرصة للطعن خلال يومين، يكون خلال الضغط على الموقع قد قل، لكن للأسف يعرض عليه الموقع الإلكتروني 3 شعب أخرى فقط يجب أن يختار منها، وغالباً ما يكون ما يرغب هو فيه غير متاح ضمن هذه المقترحات، فيضطر لقبول قسم لا يرغب فيه.
وأخيراً فمن الخطأ ربط ملف الإيواء الجامعي بالتسجيل الإلكتروني، فخلال المرحلة النهائية من التسجيل والتي تكون مدتها أربعة أيام، يتم قبول طلبات الإقامة الجامعية في حدود قدرات الاستقبال المتاحة حسب كل مدينة جامعية، كما أنه غالباً لا يدخل نطاق الإيواء من يقطنون في مناطق ذات الطبيعة الجغرافية الصعبة، وترتبط طلبات التقديم لملف الطعام الجامعي والتنقلات بقيمة رمزية بنفس مرحلة التسجيل الإلكتروني هذه".
ليس الإنترنت فقط
ولشريد حكيم، الأستاذ بثانوية المجاهد جعيجع جلول ـ تارمونت ولاية المسيلة، وجهة نظر أخرى حول طبيعة مشكلات التقديم الجامعي بالجزائر قائلاً: "هناك ثلاثة عوامل أساسية سببت هذه المشكلة بالتزامن مع مشكلة الإنترنت وهي:
- العامل الاجتماعي: فهناك الكثير من الطلبة الذين أصبحوا خاضعين تماما لسيطرة الفكر الاجتماعي بخصوص توجهاتهم في الجامعة وأصبح الكل يعتقد أن المستقبل ليس بالدراسة في الجامعة وإنما الحل يكمن في المدارس الوطنية الكبرى والمدارس العليا، كما سيطرت عليهم النظرة المادية لمستقبلهم العلمي فأصبح التلميذ مستعدا أن يدخل معهد paramedicale، وهو التخصص شبه الطبي التابع لوزارة الصحة، وليس لوزارة التعليم العالي، ويعزف عن اختصاص الفيزياء أو الهندسة الكهربائية وغيرها حتى ولو كانت طموحاً ورغبة بالنسبة إليه، وبالإضافة لذلك فهناك الجانب المادي الذي منع العديد من طلاب المناطق النائية ماديا من الدراسة في جامعات خارج مكان إقامتهم.
- العامل الثقافي والعلمي: وهو الجهل بالتخصصات المفتوحة في الجامعات لغياب دليل جامعي أو دورات تثقيفية في إطار النشاطات الثقافية في المؤسسات التربوية لعزوف الأساتذة عن دخول هذا الإطار، من جهة أخرى غياب شبه كلي لحب العلم في نفوس التلاميذ، وهنا تكمن المشكلة التي تحصر التلميذ في مجال ضيق فينحصر فكره ويصبح قليل الطموح.
- العامل النفسي: وهو عامل مركب، فالنقص الذي يعاني منه تلاميذ المناطق النائية تجاه نظرائهم في المدن الكبرى سواء في التعاملات والنظرة الاجتماعية للأفراد والذي سببته عوامل كنقص الثقافة الأجنبية أو ضعف في اللغات الأجنبية وقلة المتابعة العصرية لمستجدات الساحة العالمية في كل جوانبها بسبب نقص أو انعدام وسائل اتصال.