صادق مجلس الوزراء الجزائري، الذي ترأسه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مساء أمس، على مشروع قانون التقاعد، ما أثار غضباً شعبياً وصل إلى حد تهديدات نقابية بالإضراب والتظاهر في حالة عدم الاستجابة لمطالبها.
وأرجعت الحكومة إقرار تعديلات في قانون التقاعد، إلى ضرورة إقامة "عدالة اجتماعية" بين الأجيال، من خلال إطالة عمر الصندوق الوطني للتقاعد والصناديق المتفرعة منه، وذلك للحفاظ على التوازنات المالية المهددة بفعل تزايد عدد طلبات الذهاب إلى التقاعد بمختلف أنواعه، والتي تترجم مخاوف العمال من إفلاس المؤسسات بعد اشتداد الأزمة التي تعصف بالاقتصاد.
ويشترط القانون الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ، في يناير/كانون الثاني عام 2017، إلزام الوصول إلى سن 60 سنة بالنسبة للرجال و55 سنة للمرأة على الأقل، من أجل الاستفادة من التقاعد، في حين يمكن للعامل أن يضيف 5 سنوات أخرى بموافقة صاحب العمل.
ولكي يستفيد العامل من التقاعد قبل السن المحدد، يشترط القانون أن ينتمي المستفيد إلى فئة "الأعمال الشاقة" حسب القوائم التي ستعد سلفاً، حيث أحالت تنظيمها إلى قانون سيُطرح لاحقا، ويرجع عدم الفصل في القائمة إلى التخوف من ردة فعل النقابات التي هددت بالدخول في إضرابات مفتوحة في حال عدم توسيعها.
وهدّدت 14 نقابة مستقلة بالدخول في احتجاجات وإضرابات حاشدة رفضا للقانون، مع توقعات بانضمام مزيد من النقابات إليها.
وفي نفس السياق، يقول رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، إلياس مرابط، إن نقابته "اتصلت بنقابات أخرى من أجل التوحد وتنظيم احتجاج، لمطالبة الحكومة الجزائرية بالعدول عن هذا الإجراء، لأنه يعد تراجعا عن المكاسب التي حققها العامل".
من جانبه، أكد المكلف بالإعلام في المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع الثلاثي للتربية، مسعود بوديبة، أن اتخاذ قرارات بعجالة في تعديل قانون التقاعد من دون استشارة الشركاء الاجتماعيين، بمثابة دفع القطاعات المعنية نحو التصعيد في الفترة المقبلة.
ودخلت الأحزاب السياسية على خط الأزمة، حيث عبّر العديد من أحزاب المعارضة عن رفضها للقانون الجديد، وسط التزام أحزاب السلطة الصمت المطبق حول الموضوع.
وهاجمت الأمينة العامة لحزب العمال اليساري، لويزة حنون، الحكومة واتهمتها بمحاولة "المساس بحق مكتسب لتغطية فشلها في تسيير شؤون البلاد".
وتعتمد الجزائر على نظام تقاعد وُضع سنة 1997، يقترح ثلاثة أنواع من الإحالة على التقاعد، الأول أبقت عليه الحكومة الجزائرية، أي الاعتماد على سن 60 سنة، مع العمل لمدة 15 سنة على الأقل، وتم إلغاء الاثنين الآخرين، حيث يتعلق النوع الثاني من التقاعد باستيفاء العامل مدة عمل لا تقل عن 32 سنة مع التأمين، والنوع الثالث يتمثل في التقاعد النسبي الذي يشترط بلوغ 50 سنة على الأقل، مع توفر على الأقل 20 سنة من العمل بدفع اشتراكات الضمان الاجتماعي، مع إمكانية تخفيض مدة السن من فترة النشاط بالنسبة إلى العمال الإناث بـ5 سنوات.
وحسب مصادر، يتوقع أن يُمرر الرئيس الجزائري مشروع قانون التقاعد من دون عرضه على البرلمان، وهي صلاحية يمنحها الدستور الجزائري.