"حرام عليهم، هم أشد فتكاً من فيروس كورونا"، هي صرخة المواطن عبد القادر من العاصمة الجزائرية، الذي فوجئ بارتفاع حاد في أسعار الخضروات والفواكه بالأسواق.
يقول عبد القادر لـ"العربي الجديد" إنه "اضطر للبحث في 3 أسواق عن البطاطا، وعندما وجدها حصل عليها بسعر يفوق 130 ديناراً للكيلوغرام الواحد، وبنوعية رديئة".
حالة عبد القادر يتقاسمها سكان العاصمة والمحافظات المجاورة لها، الذين فوجئوا بقفزات في أسعار الخضروات بنسب وصلت إلى أكثر من 200 بالمائة على بعض الأنواع واسعة الاستهلاك، كالبطاطا التي قفز سعرها من 45 ديناراً (الدولار = نحو 124 ديناراً) إلى 130 ديناراً في ظرف 72 ساعة، والطماطم التي ارتفع سعرها من 60 إلى 160 ديناراً، في حين ارتفع سعر البصل من 45 ديناراً إلى 70 ديناراً، والبرتقال من 150 ديناراً إلى 250 ديناراً، وفق تجار لـ"العربي الجديد".
لهيب أسعار الخضروات جعل المواطنين ينتفضون ضد التجار وغياب الرقابة، في وقت تشهد فيه البلاد، على غرار دول العالم، حالة شبه طوارئ، تم فيها تعطيل عمل المدارس والجامعات والمحاكم والإدارات.
تقول المواطنة كوثر: "ما كنا نخشاه حدث، جشع التجار ظهر مبكراً، أيعقل أن تتضاعف أسعار الخضروات خلال أيام معدودة".
وتضيف نفس المتحدثة لـ "العربي الجديد" أن "الحكومة غائبة وتركت المواطن بين فكّي جشع التجار".
ولقيت هذه التصرفات الاحتكارية من طرف بعض التجار انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي التي طالبت بتشديد الرقابة وتسليط أقسى العقوبات على المضاربين الذين استغلوا وباء كورونا لرفع الأسعار.
واللافت أن القفزات التي عرفتها أسعار الخضروات والفواكه تأتي عقب حملة قادها مزارعو الجزائر، لمطالبة الحكومة بالتدخل لتسويق محاصيل البطاطا والطماطم، بعدما سجّلوا فائضاً في الإنتاج هوى بأسعارها.
ووسط تبادل الاتهامات، برّأ رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين، الحاج طاهر بولنوار، ذمة التجار من السماسرة الذين ألهبوا الأسعار، مؤكّداً أن "الوسطاء يستغلّون الأزمات لفرض منطقهم بالاحتكار والمضاربة، ويعملون في جنح الظلام وخارج أسواق الجملة".
وأرجع بولنوار، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، "ارتفاع أسعار الخضروات في أسواق الجملة إلى أسباب أخرى، منها زيادة الطلب عليها في الأيام القليلة الماضية، بالإضافة إلى نقص بعضها، وخاصة البطاطا، بعد عزوف المزارعين عن جني محصولهم، خوفاً من المضاربة التي تجعلهم الحلقة الأضعف ربحاً".
وسجلت البلاد أكثر من 90 حالة إصابة بفيروس كورونا، من بينها وفيات، بحسب بيانات وزارة الصحة الجزائرية.
وقررت السلطات إيقاف الرحلات الجوية والبرية والبحرية، مع غلق الجامعات والمدارس والمساجد، بالإضافة إلى إيقاف المواصلات البرية والحافلات.
وأمام انفلات الأسعار، اضطر وزير التجارة الجزائري، كمال رزيق، إلى التحرك والتنقل ليلاً إلى أسواق الخضروات والفواكه، للوقوف على عملية تموين الأسواق، كما قام بزيارات سرية إلى المراكز التجارية، وأمر رفقة وزير الفلاحة، شريف عماري، ببيع البطاطا عبر نقاط بيع معتمدة بسعر محدد بـ 45 ديناراً.
وتوعد وزير التجارة بالضرب بيد الرقابة، والقيام بحملة وطنية من دون هوادة ضد المضاربين الذين وصفهم "بعديمي الرحمة".
وقال في منشور على صفحته الرسمية في فيسبوك إنه "في الوقت الذي كنا ننتظر تلاحم وتعاون التجار مع إخوانهم المستهلكين، بسبب الظرف الخاص الذي تمر به الجزائر، مع الأسف خرج علينا بعض تجار الجملة والتجزئة عديمي الضمير وقاموا باستغلال الظرف لرفع الأسعار وتخزين المنتجات للمضاربة".
كذلك أمر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، ليلة الخميس الماضي، الحكومة بتشديد الرقابة على الأسواق، وسجن المضاربين دون استثناء، فيما شهدت العاصمة مداهمات عدة لقوات الشرطة، لمستودعات، عُثر فيها على سلع تموينية وخضروات مخزنة تمهيداً لطرحها في الأسواق بعد ندرتها بأسعار مرتفعة.