أعلن اليوم في الجزائر عن إعادة فتح ملف فساد مالي ضخم في شركة "سوناطراك" النفطية، ضد وزير الطاقة السابق شكيب خليل، وهو أحد أبرز رجالات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بعدما خرج من القضية نفسها عام 2013 بحماية من الأخير.
وأعلنت المحكمة العليا في الجزائر فتح ملف متابعة قضائية في حقّ خليل، بتهمة مخالفة القانون الخاص بالصرف وحرمة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وإبرام شركة "سوناطراك" لصفقتين بكيفية مخالفة للقانون مع شركتين أجنبيتين، خلال فترة شغل شكيب خليل لمنصبه.
وكلفت المحكمة قاضي تحقيق في المحكمة العليا باستدعاء الوزير، الذي يستفيد من حق امتياز التقاضي المباشر أمام المحكمة العليا لكونه وزيرا، فيما سيستدعى باقي المتهمين المعنيين بالقضية، وبينهم مدير شركة "سوناطراك" السابق محمد مزيان، للتحقيق معهم أمام قاضي التحقيق في محكمة سيدي امحمد بالعاصمة الجزائرية.
وتعود هذه القضية الى 11 أغسطس/ آب 2013، عندما أعلن النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر العاصمة في مؤتمر صحافي عن "وجود شبكة دولية للفساد تنشط في دول عدة تخصصت في نهب شركة النفط الجزائرية العملاقة سوناطراك التي تدير النفط الجزائري، تضم وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل وزوجته (فلسطينية الأصل)، ونجليه، وقريب وزير الخارجية الجزائري الأسبق محمد بجاوي، والمدير العام السابق للشركة الجزائرية الحكومية للنفط سوناطراك محمد مزيان ونائبه عبد القادر فغولي، وثلاثة من كبار إطارات الشركة، بموجب قانون مكافحة الفساد".
وكشف حينها النائب العام أن قيمة الرشاوى بلغت 190 مليون دولار. وأعلن أيضاً أنه تم تحرير أمر دولي بالقبض على المتهمين من طرف الشرطة الدولية. وأثبتت التحقيقات بحسب المصدر، تورط شركات أجنبية في منح رشاوى إلى مسؤولين جزائريين مقابل تسهيل فوز الشركات بعقود وصفقات نفطية، بينها شركات "أسانسي لافلان" الكندية، و"سايبام" و"ايني" الايطاليتان و"جي آل إيفان". ودلت التحقيقات على أن هذه الصفقات رتبت في إيطاليا وهونغ كونغ، ودفعت في حسابات شخصيات جزائرية في مصارف عدد من الدول.
وأعلن وزير العدل حينها محمد شرفي عن إصدار أمر دولي لتوقيف شكيب خليل. وفي الفترة ذاتها التي تم الكشف فيها عن القضية، تمكن وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل من مغادرة الجزائر الى الولايات المتحدة، حيث قضى ثلاث سنوات هارباً من الملاحقة القضائية، حتى مارس/آذار 2016، حيث عاد الى الجزائر ولم يقدم للمحاكمة بحماية من الرئيس الجزائري.
واتهم لاحقاً قائد جهاز الاستخبارات الفريق محمد مدين الذي أقيل في سبتمبر/ أيلول 2015 بتلفيق التهم إلى شكيب خليل بنية الإضرار بسمعة بوتفليقة ورجالاته، حيث يعتبر شكيب خليل أبرز المقربين إلى الرئيس الجزائري السابق، في سياق حرب كانت مستعرة حينها بين الرئاسة وجهاز الاستخبارات.
وفي السياق ذاته، أعلن اليوم عن استدعاء رئيسي الحكومة السابقين عبد المالك سلال وعبد المجيد تبون في قضايا تسهيل حصول رجال أعمال على امتيازات من دون وجه حق قانوني، كما شملت الملاحقات رجل الأعمال البارز يسعد ربراب بتهمة تضخيم الفواتير، ورئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، ووزير المالية الحالي محمد لوكال، الملاحقين بتهمة تبديد المال العام، إضافة الى منع اكثر من 400 من رجال الأعمال والمسؤولين الذين على صلة بهم من مغادرة البلاد.
ويلاحق القضاء الجزائري، بدعم مباشر من الجيش، عدداً من كبار رجال الأعمال والسياسيين المقربين من بوتفليقة ومن مدير الاستخبارات السابق، أبرزهم زعيم الكارتل المالي علي حداد وأربعة رجال أعمال من عائلة كوننياف، الذراع المالية لعائلة بوتفليقة، بتهمة نهب المال العام.
وأمس، تعهد قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، بدعم حملة مكافحة الفساد.
وقال "أثمن استجابة جهاز العدالة لهذا النداء الذي جسد جانباً مهماً من المطالب المشروعة للجزائريين، وهو ما من شأنه تطمين الشعب بأن أمواله المنهوبة ستسترجع بقوة القانون وبالصرامة اللازمة، حيث كنت قد دعوت جهاز العدالة في مداخلتي السابقة إلى أن يسرع من وتيرة متابعة قضايا الفساد ونهب المال العام ومحاسبة كل من امتدت يده إلى أموال الشعب".