تشهد الانتخابات البرلمانية، المقررة في الرابع من مايو المقبل، منافسة حادة بين مختلف القوى السياسية. لكن المنافسة الأكثر حساسية ستدور بين أحزاب سياسية ومنشقّين عنها، أسسوا أحزابا فتية أو قدّموا قوائم مستقلة منافِسة لأحزابهم الأصلية.
حتى يونيو 2012، كان عمار غول عضوا من قيادات الصف الأول لحركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر)، قبل أن يعلن انشقاقه عن الحركة، بعد إعلانها فك التحالف الرئاسي والخروج من صف دعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/أيار 2012، وفاز عبرها غول نفسه بمقعد باسم الحركة، حيث تصدّر قائمة مرشحيها ضمن تحالف إسلامي مع حزبين آخرين في العاصمة الجزائرية.
بعد انشقاقه، أسس غول حزباً سياسياً باسم تجمّع أمل الجزائر، واستدرج إلى صف حزبه عددا من كوادر الحركة التي أسست لنضالهم السياسي، في مايو/أيار 2017. وبعد خمس سنوات يجد عمار غول وكوادر حزبه من أبناء الحركة، أنفسهم، في مواجهة انتخابية مباشرة مع قوائم الحركة الأم، ويسعون إلى التفوق عليها.
ليس عمار غول وحزبه تجمع أمل الجزائر، وحده، من يجد نفسه في انتخابات 2017 منافسا لحزبه السابق، فالفترة السياسية الأخيرة خلّفت انشقاقات كبيرة في وسط أغلب الأحزاب السياسية، بسبب تباين المواقف إزاء سياسات الحكومة والرئيس، أو بسبب مطامح شخصية تؤول إلى التمرد على القيادات التاريخية للأحزاب. فعمارة بن يونس، القيادي السابق في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي انشق عن حزبه بسبب اعتراضه على مواقف الحزب الداعمة لسياسات الرئيس بوتفليقة، أسس عام 2012 حزبا سياسيا جديدا باسم الحركة الشعبية الجزائرية، ويطمح إلى منافسة حزبه الأصلي، خاصة في منطقة القبائل بولايات تيزي وزو وبجاية والبويرة التي تنحدر منها أبرز قيادات الحزب المنشق.
ويخوض حزب جبهة المستقبل، الذي أسسه القيادي السابق في جبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلعيد، انتخابات مايو المقل، في مواجهة الحزب العتيد. كما تخوض قوائم حزب الكرامة، بقيادة محمد بن حمو الموالي للرئيس بوتفليقة، مواجهة انتخابية مع قوائم الجبهة الجزائرية التي انشق عنها بن حمو. ويطمح حزب الشباب الفتيّ الذي يقوده الشاب حمانة بوشرمة إلى منافسة قوائم التجمع الوطني الديمقراطي، وهو الحزب الذي كان عضوا مؤسسا فيه، وينافس حزب الجزائر الجديدة الذي يقوده جمال بن عبد السلام، والذي يضم منشقين عن حركة النهضة، الحركة الأم في عدد من الولايات.
اللافت أن المنافسة الجدية بين الأحزاب السياسية وتلك المنشقة عنها، لا تتعلق بالمنافسة على صعيد طرح الأفكار والتصورات فقط، وهو أمر ضئيل في الحالة السياسية الجزائرية، لكنها تتعلق أساسا بالوعاء الانتخابي، خاصة بالنسبة للأحزاب ذات البعد الأيديولوجي التي تكون فيها الكتلة الناخبة ذات مرجعية سياسية متوافقة مع مرجعيات الحزب، وهو ما ستكون الانتخابات البرلمانية المقبلة في الجزائر بصدده، في حالة حزب تجمع أمل الجزائر، في منافسة حركة مجتمع السلم مثلا، والحركة الشعبية الجزائرية التي تنافس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في مناطق تمركزه السياسي.