في رصيد الدبلوماسية الجزائرية إنجازات كبيرة ومبهرة عربياً ودولياً، من ضمنها الإفراج عن الرهائن الأميركيين من طهران والوساطة بين العراق وإيران عام 1975، والتي أفضت إلى اتفاقية الجزائر والوساطة بين البلدين منتصف الثمانينيات دفعت فيها الجزائر وزير خارجيتها الرحل، الصديق بن يحيى، والذي تحطمت طائرته بصاروخ عندما كان يقوم بدور الوساطة، وحل أزمة اختطاف كارلوس لوزراء النفط، والمساهمة في إنجاز اتفاق الطائف واتفاقية السلام بين إثيوبيا وإرتيريا وفي مالي وغيرها.
لكن هذه الإنجازات الدبلوماسية لم تتأسس عليها إنجازات أخرى في العقد الأخير المتخم بالأحداث والتطورات العربية، على الرغم من كون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يعد أبرز صانعي هذه الإنجازات من الدبلوماسيين الجزائريين، إذ قضى 15 سنة على رأس وزارة الخارجية بين سنوات 1965 حتى عام 1980، وبالمحصلة أكثر إطلاعاً على خيوط وتفاصيل وتاريخ العلاقات البينية العربية العربية.
بمناسبة الأزمة الراهنة في الخليج يبدو التساؤل مشروعاً عن تراخي الجزائر في الإمساك بزمام المبادرة وعدم استغلال ثقلها السياسي والإقليمي باتجاه مجهود دبلوماسي لحل الأزمة بين الأشقاء. والواضح أن الجزائر باتت في العقد الأخير أكثر انشغالاً بمشكلاتها الداخلية من جهة، وبالأزمات الإقليمية المحيطة بها في النيجر ومالي وليبيا وفي تونس التي تمثل عمقها الاستراتيجي والأمني أيضاً من جهة ثانية، على الرغم من أن حجارة الأزمات العربية عادة ما تسقط أيضاً على البيت الجزائري.
وإضافة إلى ذلك، ثمة تقدير يقول إن الدبلوماسية الجزائرية باتت متأخرة عن مواكبة التحوّلات العميقة التي شهدتها منظومة العلاقات الدولية، والتي تجاوزت بكثير منطق دبلوماسية المبادئ إلى دبلوماسية المصالح، فيما ظلت الدبلوماسية الجزائرية ضمن حدود المواقف الملتبسة مع المبادئ، فَوّت ذلك كثيراً على الجزائر، وأبعدها عن دور الفاعل العربي والإقليمي وحوّلها إلى دولة تتفرج.