أعلنت المؤسسة الحكومية التي تحتكر توزيع الإشهارات (الإعلانات) في الجزائر، وضع كرّاس شروط يضم 15 بنداً لتوزيع الإعلانات على وسائل الإعلام من الصحف والمواقع الإلكترونية، يبدأ تطبيقها من مطلع يناير/كانون الثاني المقبل، إلى أن يصدر قانون الإشهار الجديد، والمعلق لدى الحكومة منذ سنوات.
وقال العربي ونوغي، مدير عام الوكالة الحكومية للنشر والإشهار، في مؤتمر صحافي حضره وزير الاتصال عمار بلحيمر، إن الوكالة طرحت كرّاس شروط من 15 بنداً تمثل الشروط الرئيسية التي تسمح بالحصول على الإشهار العمومي.
الشروط
وتتعلق الاشتراطات الحكومية باحترام حقوق الصحافيين والتصريح بالضرائب، وتأمين الصحافيين والعاملين في المؤسسة، وحجم السحب، والأخذ بعين الاعتبار طبيعة كل صحيفة بين محلية ووطنية، ومنع امتلاك أكثر من صحيفة واحدة، ومنع إعارة اسم الصحيفة ورخصة النشر، ومدى احترام نسبة الإشهار الممنوح للنشرية، أي لا يتعدى ثلث عدد صفحات الجريدة.
وتشدد البنود على أن تكون الصحيفة ملكاً للصحافيين، وتحترم أخلاقيات المهنة، وعلى أن يخلو سجل الصحيفة من أي ملف وقضايا قذف ضد الأشخاص والمؤسسات ومؤسسات الدولة، وتحظر دعم الصحف المملوكة للأحزاب أو الجمعيات.
"محاربة الفساد"
وأشار ونوغي إلى أن هذه البنود تستهدف محاربة فساد الناشرين، والسعي إلى تطهير القطاع من الدخلاء على مهنة الصحافة، مبيناً أن هذه المقاييس انتقالية في انتظار صدور قانون الإشهار الذي سيكون هو الفاصل.
ومنذ فترة، أوقفت المؤسسة الحكومية للإشهار توزيع الإشهار على الصحف التي لا يملكها صحافيون أو لا تحترم قانون الإعلام وتشوبها شبهات فساد، ما أدى إلى اختفاء 60 صحيفة من المشهد في الجزائر.
وكانت سوق الإشهار في البلاد تشهد خلال العقود الماضية فوضى كبيرة، وتتحكم الأجهزة الأمنية فيها، وفي آلية التوزيع على الصحف التي تخدم خط السلطة، كما فتحت هذه الفوضى الباب واسعاً لدخول العشرات من الأشخاص والمقاولين ساحة الصحافة عبر امتلاك الصحف والحصول على المليارات من عائدات الإشهار من دون أي اهتمام بالعمل والمضمون الصحافي.
مخاوف
لكن المتابعين يعتقدون أن إدراج بعض البنود في "كراس الشروط" من قبيل ما يتعلق بموقف الصحيفة من مؤسسات الدولة وخطها النقدي، قد يمثل اشتراطات سياسية مسبقة إزاء الصحف والمؤسسات الإعلامية ومنعها من انتقاد الرئيس والحكومة.
وفي السياق، يبدي المدير العام الجديد للمؤسسة الحكومية تشدداً في الدفاع عن المعايير المهنية والصحافية ورغبة في تطهير قطاع الصحافة، بصفته صحافياً وعمل مديراً لصحف حكومية ومستقلة، كما يحظى بدعم مباشر من الرئيس عبد المجيد تبون الذي عينه في هذا المنصب.
وقال ونوغي إنه لن يقبل أي تدخل من أي أطراف أو أجهزة أو مسؤولين نافذين لمنح الإشهار لهذه الصحيفة أو تلك.
لا وصاية
أكد وزير الاتصال المتحدث الرسمي باسم الحكومة، عمار بلحيمر، أن الحكومة مصرة على تنفيذ خطة تطهير قطاع الإشهار والإعلام، لوضع حد لما وصفها "الأطماع والممارسات المنافية لمهنة الصحافة، بهدف السماح لأن تمارس الصحافة من طرف الصحافيين".
وأشار بلحيمر إلى أن مؤسسة الإشهار لن تكون عليها وصاية من أية أطراف حكومية، وقال"عهد الولاء والوصاية الإدارية أدى إلى كوارث اقتصادية يصعب تقييمها اليوم".
ويقصد الوزير بإنهاء الوصاية، هيمنة جهاز المخابرات لسنوات على القطاع الإعلامي ومؤسسة الإشهار، إذ كانت تحقيقات كشف النقاب عنها رسمياً قبل أسابيع عن توزيع أكثر من 800 مليون دولار إعلانات على صحف محلية وأجنبية، فاز بها مسؤولون وأبناؤهم، ممن يملكون صحفاً من دون وجه حق قانوني.
إضافة إلى ذلك، هناك شبهات فساد لمسؤولين في قطاع الإشهار، بينهم وزير الاتصال السابق جمال كعوان، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان عبد الحميد سي عفيف، ومالكو صحف كالصحافي انيس رحماني الموقوف في السجن، ولاعب كرة القدم السابق رابح ماجر، ونجل رئيس أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح.
وحث الوزير الصحف على الانتقال إلى الصحافة الإلكترونية والرقمية، مشيراً إلى أن حجم استهلاك الورقي تراجع في المطابع بنسبة 80 في المائة نتيجة تقلص سحب الصحف واختفاء عدد كبير منها من السوق وتحول بعضها إلى مواقع إلكترونية.